العين برس – اليمن – عدن
من جديد، انهار سعر صرف العملة اليمنية في المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة عبد ربه منصور هادي، إلى 1700 ريال للدولار الواحد خلال الأيام الماضية، مقابل 1200 ريال للدولار الشهر الماضي. انهيار غير مسبوق منذ 60 عاماً، سرعان ما أثار موجة سخط شعبية ضد حكومة هادي والتحالف السعودي – الإماراتي، المتهم بممارسة سياسة تجويع في جنوب اليمن.
أمام فشل الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن في وقف انهيار سعر صرف العملة المحلية، والتي كان أبرزها إغلاق 80 شركة صرافة واستخدام آلية بيع الدولار عبر المزادات الأميركية، اعترفت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، على لسان رئيسها معين عبد الملك، أواخر الأسبوع الماضي، بعجزها الكامل عن مواجهة الأزمة، وطالبت الدول المانحة والمنظمات الدولية بمساعدة عاجلة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والإنساني.
لكن الحكومة التي شكلت بالمناصفة بين هادي والموالين له و«المجلس الانتقالي الجنوبي» التابع للإمارات، استثنت كلا من الرياض وأبو ظبي من مطالبها تلك، على رغم تلقيها وعودا سعودية في أعقاب تشكيلها بعد عام من توقيع «اتفاق الرياض»، بدعم اقتصادي سخي لتحسين وضع الخدمات العامة المتهالكة، ووقف تدهور سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية. غير أن المملكة سرعان ما تنصلت من وعودها هذه، متهمة حكومة هادي بنهب الوديعة السعودية المقدمة مطلع العام 2018، كدعم للعملة اليمنية، بعد أن أكدت تقارير لجنة الخبراء التابعين للأمم المتحدة ضلوع بنك عدن في جرائم غسيل أموال.
وتسبب الفصل الأخير من الانهيار في ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والأساسية التي فاقت قدرات معظم المواطنين الشرائية، وأوصلت غالبية الأسر التي تعيش في المحافظات الجنوبية إلى حافة الجوع، وهو ما دفع بالآلاف في مدن تعز وعدن والمكلا وعدد من مناطق محافظتي لحج وأبين، إلى الخروج في احتجاجات رفعت شعارات مناهضة لـ«التحالف»، وطالبت برحيله ورحيل حكومة هادي.
كذلك، أعلنت نقابة الصرافين وهيئات التدريس في مختلف الجامعات الكائنة في مناطق واقعة تحت سيطرة تلك الحكومة، الإضراب الشامل بدءا من أمس الأحد.
وبالمثل، أغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها منذ الخميس، ما أدى إلى شل الحركة في الأسواق التي أصيبت بالركود الحاد، بينما اعتمد قسم آخر من التجار الريال السعودي كوحدة تبادل في بيع وشراء السلع والمنتجات، رافضين التعامل مع العملة المطبوعة من قبل سلطات هادي، والمنتشرة في أسواق المحافظات الجنوبية بشكل يفوق احتياجاتها من العرض النقدي، فيما فاقت الإدارة العشوائية لـ«مركزي عدن»، وعدم امتلاكه أي وسائل للتأثير على ذلك العرض، حالة التضخم.
من جهتها، حملت الغرف التجارية والصناعية في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء، حكومة هادي والتحالف السعودي – الإماراتي، كامل المسؤولية عن الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وطالبت الرياض وأبو ظبي بتدخل عاجل لوقفه، كما باستعادة إيرادات الدولة في تلك المحافظات وإعادتها إلى حسابات البنك المركزي.
ويحظى المطلب الأخير، تحديدا، بتأييد شعبي كبير؛ كون استعادة إيرادات النفط والغاز، والتي تقدر سنويا بملياري دولار وتورد إلى بنوك سعودية، كفيلة بحل أزمة الريال اليمني وإعادة قوته الشرائية إلى الوضع الطبيعي. وعلى العكس من هذا الاتجاه، تواصل السعودية مصادرة مبيعات النفط اليمني بشكل شهري، وترفض توريدها إلى حسابات خاصة بـ«مركزي عدن».
إزاء ذلك، وجدت الأطراف الموالية لـ«التحالف»، سواء حكومة هادي وحزب «الإصلاح» في محافظة شبوة ووادي حضرموت، أو «الانتقالي الجنوبي» في أجزاء من أبين ومدينة عدن ومحافظتي لحج والضالع، نفسها، أمام خطر اندلاع هبة شعبية بوجهها. ولذا، فهي استبقت أي تحركات بإعلانها، السبت، حالة الاستنفار في صفوفها، توازيا مع استعدادها لقمع أي تظاهرات غاضبة للمطالبة بإنهاء سياسة التجويع، وإطاحة حكومة المناصفة، كما حدث في أيلول الماضي.