هل تُبيت “إسرائيل” النية لعدوان على لبنان؟
العين برس/ تقرير
من هنا كانت البداية… اعتداءات “اسرائيلية” متواصلة، ومتجددة على الحدود مع لبنان تزامنت مع تغييرات على الارض قامت بها قوات الاحتلال الاسرائيلي في بلدة الغجر الحدودية، تمثلت في بناء سياج شائك وانشاء جدار اسمنتي حول كامل القرية ما ادى الى ضم الجزء الشمالي الواقع في الاراضي اللبنانية وفصله عن محيطه اللبناني.
وبالتوازي مع ذلك، كان حزب الله اللبناني أقام موقعا عسكريا داخل مزارع شبعا التي تحتلها “إسرائيل”، حيث نصب خيمتين ويتواجد فيها عناصر مسلحة من حزب الله تحت أنظار قوات الاحتلال.
تلك التطورات تأتي بعد تصدي الاهالي لمحاولات الاحتلال فرض وقائع جديدة وخرق خط الانسحاب في كفر شوبة، فإلى ماذا يرمي الاحتلال من وراء استفزازاته؟
الكاتب والمختص بالشأن “الاسرائيلي”، د. عبد الرحمن شهاب رأى ان خيارات “اسرائيل” بما يتعلق بخيام حزب الله محدودة، خصوصا ان هذه الخيام وضعت على اراض عربية ليست ضمن فلسطين التاريخية، ولذلك فإن الشرعية الدولية لا تمنح “اسرائيل” اعتبار ان هذا خرق للسيادة “الاسرائيلية”، بمعنى ان “اسرائيل” لا تستطيع ان تقوم بخطوة متدحرجة قد تؤدي الى حرب بينها وبين لبنان، لا سيما أن هذه الحرب لا تمتلك شرعية دولية وتغطية من المؤسسات الدولية.
وأضاف شهاب في حديث لـ “وكالة فلسطين اليوم الاخبارية” بأن من ضمن القيود التي تقيد “اسرائيل” في خياراتها في التعامل مع خيام حزب الله، هو ان خياراتها العسكرية محدودة، فإما ان تكون الحرب شاملة، أو أن تكون مناوشات خفيفة جدا على الحدود، لكن اذا فلتت الأمور من عقالها، فإن “اسرائيل” ستكون هي الخاسرة، لأن لديها مراكز اقتصادية وسياحية ضخمة، حيث ستضرب هذه المراكز وستخسر “اسرائيل” خسائر فادحة، وربما تكون اكثر من السيطرة على مزارع شبعة من قبل حزب الله، بل ربما يصبح هناك تثبيت للمزارع بأنها ليست اراضي “اسرائيلية”.
وأوضح شهاب بأن “اسرائيل” تدعي ان كل العالم لها، ولكنها عندما تقيد بحدود القوة، تبدأ تجد المبررات التي تبرر وجود هذه الخيام، واكبر مثال على ذلك قطاع غزه حيث كان تعتبره مثل “تل ابيب”، أما الآن فلا تعتبر حدود غزة من اراضي “اسرائيل”، وفصلتها عن حدود الخارطة.
ولفت شهاب الى أن الحرب اذا ما تدحرجت، فربما تؤدي لانهيار الأمن في مزارع شبعا، وقد تضطر “اسرائيل” للانسحاب منها، بأي قرار دولي او تسليمها لأي سلطة غير حزب الله.
ووفقاً للمحلل شهاب، فرغم كل ذلك، فإن الحروب دائما او في الغالب لا تبدا بقرار، وانما تتدحرج تدحرج.
وأضاف: ” نحن نعلم ان نتنياهو يعيش ازمة قانونية وقضائية، وربما يفيده أي تصعيد لصرف الانظار عن محاكمه الخاصة، و بالنسبة له فليحرق كل شيء عدا ان يترك السياسة ويذهب الى السجن والمحاكمة، وبالتالي قد يذهب الى تصعيد”.
وفيما يتعلق بقوات اليونيفيل، ودور الامم المتحدة، أشار شهاب الى أن سياسة الامم المتحدة فقط الدعوة الى ضبط النفس من جميع الاطراف، لافتاً الى أن الأمم المتحدة كانت دائما تتبنى المواقف “الاسرائيلية”، وهذا يعود لخلل وعجز في الشرعية الدولية.
من جهته قال الكاتب والمختص بالشأن “الاسرائيلي” د. مصطفى ابراهيم إن ما يجري على الحدود اللبنانية تطور خطير جدا، لا سيما أن خيام حزب الله وضعت قبل شهر تقريباً، وهي في الاراضي التي احتلها جيش الاحتلال، دون ان يعلن للمجتمع “الاسرائيلي” بوجودهما، وايضا لم يناقش هذا الامر في المجلس الوزاري السياسي، “الكابينت”.
وأوضح الكاتب في حديث لـ “وكالة فلسطين اليوم الاخبارية” بأن عدم تداول هذا الموضوع في “اسرائيل” دليل على ان “اسرائيل” تقوم باتصالات دبلوماسية عن طريق الامم المتحدة وعن طريق قوات “اليونيفل”، مشيراً الى أن كل ذلك لم يثني للمقاومة اللبنانية، ويدفعها لترك هذا المكان والقول ان هذه المنطقة لبنانية ومن حقنا ان نتواجد فيها، مشيراً الى أن هذا بدوره كان يشكل حرجاً، وخصوصا عند الصحافة “الاسرائيلية” الذين حرضوا على الجيش وعلى المستوى السياسي واعتبروا ذلك عارا على “اسرائيل” إن لم تستطع ان ترد على المقاومة اللبنانية.
ولفت د. ابراهيم الى أنه بدى واضحاً أن هناك تراجعاً في قوه الردع الإسرائيلية، مشيرا الى أنه في الاسبوع الماضي، وخلال العدوان “الاسرائيلي” على جنين، خرجت قذيفة صاروخية مضادة للدروع من لبنان، وهذه ايضا تزامنت مع اطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
وأكد بأن “اسرائيل” تتوقع ان يكون هذا له ارتباط في بعضه ومحرج لها، لعدم قدرتها على اتخاذ القرار، كما أن بعض المحللين “الاسرائيليين” يخشون أن تكون هناك مقاومة عسكرية، لان حزب الله يحاول ان يفرض اتفاقا جديدا لمنطقه مزارع شبعا، كما أن هناك خشية من تصعيد كبير “اسرائيل” ليست مستعدة له الآن.
ويرى الكاتب بأن الاوضاع متوترة في الضفة الغربية، كما أن “اسرائيل” تخشى من أن يكون هناك امتداد لهذه العمليات العسكرية في الضفة الغربية، ودخول قطاع غزة في الخط الموازي.
وبين أن “اسرائيل” تخشى من وحدة الساحات، حيث تعتبر وحدة الساحات تحدياً استراتيجياً لها منذ عام ونصف، وتعتبره تهديداً خطيراً لها، فهي لا تريد مواجهة عسكرية وتصعيد مع الفصائل الفلسطينية.
واشار الى أن الاحتلال يقوم بأعمال انتقامية، من خلال ضرب مصانع الصواريخ في سوريا يصنعها، التي تصنعها ايران لحزب الله، مؤكداً بأن “اسرائيل” تدرك أن ايران تمتلك صواريخ كبيرة جدا ومدمرة جدا، لذلك هي لا تريد ان تدخل عملية عسكرية لا تضمن ان تصل فيها كما حصل في عدوان 2006 على لبنان، حيث دمرت البنية التحتية اللبنانية، كما دمرت البنية التحتية في جنين وفي قطاع غزة.
ولفت الى أن “اسرائيل” لم تحقق أي انتصار في عدوان 2006، وهي تعمل لمحاولة استعادة الردع، من خلال التدمير وارتكاب الجرائم، دون الدخول في حرب عسكرية لأنها تدرك انها لن تكون الفائزة فيها.
وتابع يقول: “واضح ان اسرائيل ذهبت الى الامم المتحدة تشتكي وتقدمت بشكاوى وان قوات المقاومة اللبنانية دخلوا اراضي اسرائيل وهذه المنطقة عليها خلاف”، لافتاً الى أن الامم المتحدة كالعادة تعبر عن خشيتها وتدين الاعتداءات من الطرفين، لكنها لا تستطيع ان تفعل اكثر من ذلك.