من يقف خلف احتلال جزر اليمن الاستراتيحية؟
العين برس / تقرير
السيد ابو ايمان
الحديث عن انشاء قاعدة عسكرية استخبارية اماراتية جديدة في ارخبيل جزيرة “سقطرى” اليمنية وجزيرة “عبد الكوري” التابعة اداريا لها موضوع خطير جدا، فالجميع يعرف ان دولة بحجم الامارات لن تستطيع اتخاذ قرارات استراتيجية اكبر من حجمها لوحدها دون دعم دولي.
الدعم الدولي عادة ما يكون اميركيا، لكن في حالة العدوان على اليمن نرى ان الدعم اضافة لكونه اميركيا فان المستفيد الاقوى من الجزر اليمينة هو الكيان الاسرائيلي اللقيط، فالدعم إذا هو اميركي بمساندة الاحتلال الاسرائيلي الذي طبعت الامارات معه ضد ارادة شعوب المنطقة وضد تطلعات الشعب الفلسطيني في تحرير اراضيه من لوث المحتل الاسرائيلي الغاصب.
كان هدف الامارات الحقيقي من العدوان على اليمن احتلال المحافظات الجنوبية والجزر اليمنية والسيطرة على جزر باب المندب الاستراتيجية على وجه الخصوص، وبمساعدة أمريكية وإسرائيلية وقد تمكنت الامارات من السيطرة على جزيرة “ميون” وجزيرة “بريم” بالقرب من باب المندب، وجزيرة “سقطرى” في أقصى المياه الجنوبية الشرقية لليمن.
لكن السؤال هو لماذا هذا الاهتمام المفرط في الامتداد الاماراتي الاسرائيلي الى هذه الجزر اليمنية الاستراتيجية الواقعة في مضيق باب المندب وفي عموم جنوب الجزيرة العربية وصولا الى بحر العرب والخليج الهندي؟
لا يخفى نهم التوسع والشهية الاسرائيلية المنفتحة للسيطرة على المنافذ والممرات البحرية الدولية وعلى المواقع الاستراتيجية الفائقة الاهمية للمنطقة المحددة بين الاراضي الفلسطينية المحتلة اسرائيليا وخليج العقبة المطل على البحر الاحمر وصولا الى باب المندب ثم الى المياه الحرة لبحر العرب والمحيط الهندي الذي بدوره يعتبر البوابة المفتوحة المطلة على المحيطين العملاقين المحيط الهادي “ابو المحيطات” والأطلسي عبر بوابة راس الرجاء الصالح في اقصى القرن الجنوبي لافريقيا.
من هنا انطلقت المحاولات الاسرائيلية المتكررة للسيطرة على هذه المواقع الاستراتيجية المزدوجة الفائدة لهذا الكيان اللقيط ولدولة الامارات على حد سواء، فالاخيرة تسعى لاستحداث مواقع وموانئ حرة بعيدة عن مضيق هرمز “اذا ما تم اغلاقه في يوم ما لاي سبب طارئ”، ولايجاد منافذ مستحدثة تهيئ لمرور “طريق الحرير” الصيني الى اوروبا، فكانت المحاولات الاسرائيلية والاماراتية تنصب على جزر في بوابة باب المندب منها جزر “ميون” و”حنيش” و”زقر”، واخرى ذات لا تقل عن اهمية الجزر المذكورة الا وهي جزيرة سقطرى وتابعتها جزيرة “عبد الكوري” التابعة اداريا لها” والتي تم انشاء مدرج عسكري فيها تبعه طرد سكانها وتهجيرهم.
من يقف خلف احتلال جزر اليمن الاستراتيحية؟
حكومة صنعاء أدانت عمليات التهجير القصري لسكان الجزيرة من قبل التحالف السعوإماراتي الممهد لتحويلها الى قاعدة عسكرية اماراتية خاضعة لقوى الهيمنة الاميركية والاسرائيلية، ذلك ما اشار اليه عبدالله ادريس نائب وزير الثروة السمكية في حكومة صنعاء حيث أكد قوله: “لم يكتفوا بما احدثوا من دمار وجرائم بشعة في جميع جزرنا وفي جميع المناطق اليمنية لكنهم الان بدأوا بعملية تهجير قصري متعمد لابناء الجزر وبدأوا بجزيرة عبد الكوري وهي من اهم جزر ارخبيل سقطرى وهذا تمهيدا لتحويلها الى قاعدة عسكرية”.
مطلع العام الحالي 2023، اتهم المطلب الحقوقي الدولي الاورومتوسطي الامارات وفصائلها بطرد عشرات الاسر من منازلها.. في عملية تهجير ممنهج للسكان وتغيير ديمغرافي في تركيب الجزيرة الاستراتيجية الواقعة بين خليج عدن والمحيط الهندي والقرن الافريقي..
تاريخيا وبالرجوع قليلا الى الستينات من القرن الماضي، سنجد محاولات كثيرة اتبعتها الغدة السرطانية التوسعية “اسرائيل” التي لن تشبع في يوم ما منذ ‘نشائها دمويا على حساب الشعب العربي الفلسطيني والى اليوم في الاغتصاب والتوسع والتمدد وهو ما يشير الى اساس تكوين هذا الكيان اللقيط وطموحاته في انشاء ما يسمى “اسرائيل الكبرى” وهي مهمة استراتيجية للارسمالية العالمية والاستكبار العالمي وللاخطبوط الماسوني الذي يسعى للاستحواذ على العالم برمته.
وكمرحلة اولى كان يتوجب على الكيان الاسرائيلي السيطرة المطلقة على خليج العقبة للانطلاق الى عمق البحر الاحمر فكانت العقبة الاولى حل مشكلة جزيرتي تيران وصنافير المصريتين القابعتين في قلب خليج العقبة، وبالفعل تم تحويلهما للسعودية في 2016 ضمن اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية حيث اقرت القاهرة بتبعية الجزيرتين الى المملكة السعودية ما اثار جدلا كبيرا في مصر بعدما كانتا تخضعان للسيطرة المصرية، الامر الذي يفسره كثير من المحللين ان تحويل تبعية الجزيرتين للسعودية يعني تحويلهما المباشر للكيان الاسرائيلي او غير المباشر بتمكينه من تمرير اجندته من خلالهما.
من المساعي الاسرائيلية الحثيثة للانطلاق نحو المياه والممرات الدولية الحرة سعى الكيان الاسرائيلي ومنذ الستينات من القران الماضي لاحتلال جزر يمنية وفي مقدمتها جزيرة ميون عند باب المندب حيث قام هذا الكيان اللقيط بتنفيذ عمليات عدائية كثيرة ومتكررة لاحتلال الجزر اليمنية والتي بدأت تحديداً في أكتوبر 1970م، واستمرت حتى العام 1978م، وهو ما دفع الحكومة اليمنية أنذاك الى تقديم شكاوى احتجاجية للأمم المتحدة.
الكيان الاسرائيلي اضطر اثر الضغوطات التي واجهها بسبب تلك المحاولات العدوانية لإحتلال الجزر اليمنية، اضطر الى تفعيل خطة بديلة تحقق تواجده في البحر الأحمر ، فقرر دعم حركة التمرد في أرتيريا وتجنيدها لتصبح دولة تابعة للكيان الإسرائيلي الذي عمل على بناء قواعد عسكرية في أرتيريا فور إعلان استقلالها عن الأمبراطور الأثيوبي هايلى سيلاسي، ثم بدأ الكيان بعد ذلك محاولات جديدة في احتلال الجزر اليمنية عن طريق أرتيريا التي بادرت الى احتلال جزيرة “حنيش” اليمنية الاستراتيجة في الخامس عشر من ديسمبر 1995م، واستشهد على إثرها ثلاثة جنود من الحامية العسكرية اليمنية التي كانت في الجزيرة ورفضت حينها الولايات المتحدة الأميركية إدانة العدوان الإرتيري على الجزر اليمنية، بل قامت بمطالبة بالانسحاب من جزيرة “زقر” القريبة من “حنيش” حتى يتم حل الخلاف مع إرتيريا، وذلك ما يؤكد الجهد الاميركي المنصب تماما لمنفعة الكيان الاسرائيلي وتمرير اجندته التوسعية.
كثفت “إسرائيل” تحركاتها في البحر الأحمر في محاولة لتعزيز الموقف الارتيري، بعدها وجهت الدعوة الى أسياسي أفورقي لزيارة رسمية الى الأراضي المحتلة، ووقع الطرفان صفقة صورية لشراء أسلحة بينها طائرات مروحية، ليبرر الكيان دعمه لإرتيريا، التي استمرت في خدمة الأطماع الإسرائيلية الى أن بدأ العدوان السعواماراتي الصهيواميركي على اليمن قبل ثماني سنوات، الذي سارع الى التواجد العسكري في الجزر اليمنية، وعلى رأس تلك الجزر أرخبيل جزيرة “حنيش” التي سلمت بصورة خاصة للإمارات بدعم واسناد إسرائيلي في صفقة مشتركة للسيطرة على ممرات الملاحة الدولية، وأيضا جزيرة “ميون” وجزيرة “بريم” بالقرب من باب المندب وجزيرة “سقطرى” الاستراتيجية في أقصى المياه الجنوبية الشرقية لليمن وتحويلها إلى قواعد عسكرية ومنتجعات سياحية للإسرائيليين والأمريكان.
غير ان أوساط إعلامية وسياسية وشعبية في اليمن عبرت عن غضب عارم إزاء احتلال قوات إسرائيلية إماراتية جزيرة عبدالكوري في أرخبيل سقطري ذات الموقع الاستراتيجي وطرد سكانها، فيما أطلق نشطاء في اليمن حملة الكترونية تحت وسم #احتلال_جزيره_عبدالكوري_اليمنيه للتنديد بأعمال مكثّفة تجري في الخفاء لإنشاء قاعدة عسكرية استخباراتية إماراتية-إسرائيلية في جزيرة عبدالكوري.
وقال الصحافي والناشط اليمني البارز أنيس منصور إن الإمارات و”إسرائيل” قامتا بإنشاء قاعدة عسكرية واستخباراتية في جزيرة “عبد الكوري” الواقعة ضمن أرخبيل جزيرة سقطرى في المحيط الهندي، والتي تبلغ مساحتها 133 كم مربع، وان القوات الغازية بدأت بإخراج قوات الجيش اليمني والقوات المحلية من الجزيرة، كما يتم إخراج السكان المتواجدين فيها إلى منطقة “قصيعر”، وأن السكان غالبيتهم من الصيادين، ويتم حاليا الإعداد لبناء مساكن لهم في حضرموت من أجل إبقاء الجزيرة قاعدة عسكرية إسرائيلية استخباراتية.