ما الخطورة الذي يشكلة مخيم “الهول” على سوريا والعراق ومن صاحب المصلحة في بقائه؟
العين برس/ تقرير
رغم الإعلان منذ سنوات عن هزيمة تنظيم “داعش” (المحظور في روسيا وأغلب دول العالم) في العراق وسوريا، إلا أن معضلة “مخيم الهول” ظلت باقية وتنمو طوال الفترة الماضية، وأصبحت تمثل خطورة كبرى على بغداد ودمشق بل والعالم أجمع، ما جعل حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، تطالب بعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة قبل فوات الآوان.
فما المخاطر التي يمثلها مخيم “الهول” الذي يأوي عائلات تنظيم “داعش” على كل من سوريا والعراق والمنطقة والعالم بشكل عام؟
بداية، تقول الباحثة السورية في العلاقات الدولية والدبلوماسية، سماهر الخطيب، إنه “لا شك أن مخيم “الهول” هو عبارة عن قنبلة موقوتة بالغة الخطورة على العالم أجمع، وليس سوريا والعراق على وجه الخصوص”.
خزان إرهاب
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن “ملف “مخيم الهول” لا يقتصر تأثيره على المنطقة أو البلد التي يقع فيها أو المناطق المجاورة لها، بل إن تداعيات هذا الملف الخطير إذا لم يتم علاجها على وجه السرعة ستكون على العالم برمته، باعتباره بات “خزان إرهاب” وبيئة حاضنة له، ومن البديهي أن يتحول إلى “مصنع إرهاب”.
وتابعت الخطيب:
تأتي دعوة العراق لعقد مؤتمر دولي حول “مخيم الهول” كنوع من دق جرس الإنذار من الخطر الذي بات يهدد الأمن والسلم الدوليين، والاضطلاع بمسؤولية دولية تجاه هذه الأزمة قبل انفجارها، خاصة فيما يتعلق بجيل كامل وهم أطفال الأسر “الداعشية”، قبل أن يتحولوا إلى إرهابيين عبر تأثرهم وتربيتهم في بيئة حاضنة تضم عشرات الآلاف من المرتبطين بتنظيم “داعش” الإرهابي.
البيئة الحاضنة
وأشارت الباحثة في العلاقات الدولية إلى أن “البيئة الحاضنة التي يعيش فيها أبناء وأسر تنظيم “داعش”، تنذر بولادة جيل إرهابي جديد تتلمذ في مدرسة للأفكار المتشددة والمتطرفة داخل هذا المخيم، وهؤلاء الأطفال هم بقايا تنظيم “داعش” الإرهابي، وحتما سيكونون بمثابة بلاء يجتاح دول العالم، لذا على المجتمع الدولي التصدي لهذه المخاطر، من خلال تضافر الجهود الدولية للسيطرة على الوضع وحسمه بجدية ومسؤولية، قبل أن ينفجر ويجتاح بقاع العالم وليس المنطقة، لأنهم ينتمون إلى مختلف الجنسيات”.
وأوضحت الخطيب أن “الحلول لتلك الأزمة تتمثل في تضافر جهود المجتمع الدولي وتلبية دعوة العراق للمؤتمر، والتوصل إلى نتائج فعالة، والاستعانة بالخبرات الدولية للعمل على دمج تلك العائلات المتواجدة في هذا المخيم بالمجتمعات، وإعادة تأهيل الأطفال ليكونوا جاهزين للاستمرار في بيئة مستقرة، حتى لا تتعرض تلك العائلات لمخاطر الانتقام والثأر في حال العودة إلى مناطق سكنها”.
صندوق “باندورا”
ودعت الباحثة في العلاقات الدولية، سماهر الخطيب، العالم أجمع إلى ضرورة تجفيف هذا “المستنقع” الإرهابي ذي الخطورة العالية على سوريا والعراق والمنطقة برمتها والعالم بأكمله، قبل أن يصبح “صندوق باندورا” جديدا لا يمكن السيطرة عليه.
الغرب يتراجع
من ناحيته، قال الخبير العسكري العراقي، سالم الجميلي، إن “مخيم الهول يحتوي على عدد كبير من مقاتلي “داعش” وعوائلهم وأبنائهم وهم من جنسيات مختلفة، ويقع المخيم في منطقة هشه أمنيا تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا”.
وأضاف لقد نجح العراق خلال السنوات الماضية في إعادة عدة آلاف من عوائل “داعش” إلى داخل العراق وعمل على تأهيلهم تمهيدا لدمجهم في المجتمع، بينما ترفض أغلب الدول الأوروبية استقبال عوائل مقاتلي التنظيم الإرهابي، على الرغم من انهم يحملون جنسيات دولهم، بل إن بعض الدول أسقطت عنهم جنسيتها.
المؤتمر الدولي
وأكد الجميلي أن “هناك حاجة فعلية لعقد المؤتمر الدولي الذي دعا له العراق بشأن المخيم، لحل هذه الإشكالية، لأن بقائهم بتلك الصورة يهدد مستقبل المنطقة أمنيا، ولابد للمؤتمر أن يخرج بقرارات ملزمة لكافة الدول للتعاون في غلق هذا المخيم وإنهاء وضعه بشكل قانوني وإنساني”.
قاعدة عسكرية
من ناحيته، يقول الخبير السوري في التنظيمات المسلحة، الدكتور حسام شعيب: “يمثل مخيم الهول مشكلة ومعضلة لسوريا والعراق ولكل الدول التي تخشى من الإرهابيين لا سيما من تنظيم” داعش”.
وأضاف في حديثه: “نعلم جميعا أن مخيم الهول يحتوي على عائلات لعناصر تنظيم “داعش”، وهناك أطفال لأبناء هذا التنظيم وهم مجهولو النسب بالنسبة لآبائهم”.
وتابع شعيب: “كما أن هناك عدد كبير من النساء بالمخيم، والخشية أيضا من أن ضمن سكان وقاطني هذا المخيم، بعض عناصر تنظيم داعش الإرهابي”.
ولفت خبير التنظيمات المسلحة، إلى أنه “من الممكن أن يتحول هذا المخيم إلى قاعدة عسكرية أو إلى قاعدة انطلاق للعمليات الإرهابية باتجاه سوريا والعراق”.
“أيادي خارجية”
وأشار شعيب، إلى أن “إنهاء هذا الملف أو تلك المعضلة لا يتوقف على إرادة الحكومة العراقية فقط وإن كانت هي التي تدعو إلى مؤتمر أو تقوم بإجراءات، في تقديري المسألة تتعلق بإرادة أمريكا وضع طوق حول هذا المخيم، كي لا يكون هناك أي تواصل مع الداخل وأي معلومات متداولة عن الداخل وعما يجري في الداخل”.
وأوضح شعيب، أن “أمريكا تريد أن تستثمر في هذه العناصر، وهي حتى اللحظة ترى أن هناك مصلحة في إبقاء المخيم”.
تداعيات خطيرة
وأكد خبير التنظيمات المسلحة، أن “المخيم يشكل خاصرة رخوة وخطيرة بالنسبة لسوريا والعراق، بل لكل أرجاء المنطقة، وبالتالي ما زال الإرهاب بعناصره وكوادره وأيضا بأفكاره متواجدا أمام أعين العالم”.
وختم بقوله أن “خطورة بقاء المخيم بلا حلول لها تداعيات خطيرة بتواجد أبناء التنظيم والعائلات، هذا بالإضافة إلى الخطر الأكبر المتمثل في وجود الخلايا النائمة، والمتواجدة أساسا خارج مخيم الهول، لذا نحن نرحب بأي مؤتمر أو أي إجراءات من شأنها محاولة التوصل إلى حل لتلك الأزمة سواء جاءت تلك الدعوات من العراق أو من غيره من دول العالم”.
وكان مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، دعا يوم السبت قبل الماضي، إلى عقد مؤتمر دولي حول مخيم “الهول” في سوريا، قبل نهاية العام الحالي.
ونقلت قناة “السومرية نيوز”، عن مكتب الأعرجي، أن مستشار الأمن القومي العراقي استقبل السفيرة الأمريكية في بغداد، ألينا رومانوسكي، وناقشا آخر مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية على المستوى الإقليمي.
وطالب قاسم الأعرجي دعم الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، في مقترح إقامة مؤتمر دولي بشأن مخيم “الهول” السوري، قبل نهاية العام الحالي.
وبحث مستشار الأمن القومي العراقي والسفيرة الأمريكية في بغداد، العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، على رأسها ملف مخيم “الهول” السوري، وضرورة سحب الدول لرعاياها منه، بالإضافة إلى مناقشة استمرار التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وكذلك تطوير علاقات التعاون بين العراق والولايات المتحدة.
وشدد المسؤول العراقي على أن نهج حكومة بلاده الثابت يتمثل في استمرار التعاون مع المجتمع الدولي، بهدف ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن سياسة العراق تقوم على أساس المصالح المشتركة والعلاقات المتوازنة مع الدول.
من جهتها، أكدت السفيرة الأمريكية، ألينا رومانوسكي، استمرار دعم بلادها للحكومة العراقية في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات والقضايا الإنسانية، وعلى رأسها دعم فريق الاندماج والتأهيل النفسي لوزارة الهجرة والمهجرين في البلاد.
ويقع مخيم الهول في ريف الحسكة السورية قرب الحدود العراقية، وهو تحت سيطرة الجيش الأمريكي وقوات “قسد” الموالية له.
ويضم مخيم الهول عموما حسب الإحصاءات الأخيرة، 56 ألفا و196 شخصا، جلهم نساء وأطفال، ضمن 15331 أسرة، بين عراقيين وسوريين ونسوة وأطفال تنظيم “داعش” الأجانب، إذ يصل تعدادهم إلى 8211 شخصا، ضمن 2391 أسرة، من 54 جنسية.
واضطر أكثر من 5 ملايين عراقي للنزوح من محافظات نينوي، وصلاح الدين، وأجزاء من كركوك وديالى، والأنبار، جراء سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي عليها في عام 2014.