العين برس / تقرير
قال المتحدث باسم البيت الأبيض الامريكي جون كيربي يوم امس الجمعة ان: “وزارة الدفاع الامريكية ستتخذ سلسلة من الإجراءات لتعزيز تمركزنا الدفاعي في الخليج الفارسي.. وسيكون هناك مسعى لزيادة التنسيق والعمل المشترك مع الحلفاء في مضيق هرمز”.
اما اسباب هذا التحرك الامريكي الجديد، وفقا لكيربي، هو مواجهة “التهديدات الايرانية”!، فامريكا “لن تسمح لأي قوى أجنبية أو إقليمية بتهديد حرية الملاحة عبر الممرات المائية للشرق الأوسط بما يشمل مضيق هرمز”!.
لم يعد خافيا ان امريكا تعيش حالة من الاحباط، وهي ترى عالمها ، العالم الاحادي القطب، بدأ يتلاشى وينهار تدريجيا، في مقابل نشوء عالم متعدد الأقطاب، لا مكان فيه للغطرسة الامريكية المتوحشة، والتي كلفت العالم وشعوبه المآسي والويلات، بسبب حروبها وغزواتها وتدخلها ونهبها لثروات هذه الشعوب، دون ان تكون هناك قوة في العالم تجرؤ على ان تقف في وجه اجرامها وارهابها، لذلك نراها تحاول يائسة للتشبث بهذا العالم الذي اخذ يتداعى، عبر خلق الفتن واصطناع الازمات واختراع الاعداء الوهميين، لاسيما في منطقة الشرق الاوسط، التي ترى فيها امريكا، “ضيعة” خالصة لها.
اللافت ان كل هذه الاجراءات الامريكية التي تحدث عنها كيربي ، مثل تعزيز واشنطن لوجودها العسكري في مياه الخليج الفارسي، جاءت بعد الحادث الذي افتعلته امريكا، عندما قامت ناقلة نفط، تنقل حمولة أمريكية وترفع علم جزر مارشال، بالتصادم مع سفينة (لنش) ايرانية في مياه الخليج الفارسي، وهو الحادث الذي ادى الى فقدان شخصين وإصابة عدد آخر من أفراد طاقم اللنش، وخلافا للوائح الدولية في مثل هذه الحالات والتي تقضي بمساعدة اللنش والمصابين، بادرت السفينة الى الهرب من الخليج الفارسي. وعلى الفور قامت القوة البحرية للجيش الايراني، باحتجاز السفينة المخالفة وقادتها إلى المياه الساحلية الايرانية.
وعلى الفور بدأت امريكا بالاعلان عن مخططها بتعزيز تواجدها في منطقة الخليج الفارسي، “بالتنسيق مع الحلفاء”، وهي محاولة فاضحة لتوريط هؤلاء الحلفاء في مخططاتها التي تتناقض كليا مع مصالح هؤلاء الحلفاء، الذين اخذوا يميزون بين مصالحهم وبين مصالح امريكا، ولم يعد يعيروا اهتماما ، كما في السابق، بما تقوله ، وما تتخذه من اجراءات، فهؤلاء “الحلفاء” باتوا على علم بهذه المخططات، فهل امريكا بحاجة لتعزيز تواجدها العسكري في المنطقة، واستنزاف خزائن دولها، بينما هناك العشرات من القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة، وقيادة الاسطول الخامس الامريكي، وحاملات الطائرات، والغواصات النووية، والسفن الحربية، والاف الجنود و..، الا يكفي كل هذا من اجل مواجهة العدو الوهمي ، الذي تختلقه امريكا لشعوب المنطقة، لتعزيز تواجدها العسكري؟.
بات واضحا للجميع، انه ليس هناك من دولة في العالم تنتهك القوانين والاعراف الدولية ، مثل امريكا، التي تفرض قوانيها على العالم بالقوة، وتقوم بحجز ناقلات النفط الايرانية، وتلك التي تحمل النفط الايراني، في بحار ومحيطات العالم، بذريعة “انتهاكها القوانين الامريكية”، ولا ندرى من الذي منح امريكا الحق في ان تكون بلطجي العالم؟، فاذا كانت تعتقد ان قوتها تمنحها هذا الحق، فهناك دول ، تمتلك من القوة التي تجعلها ترفض سطوة هذا البلطجي، وترد له الصاع صاعين، اذا ما اراد ممارسة البلطجة، وهي ممارسة ماكان بامكان امريكا ممارستها لولا ، العالم الاحادي القطب، الذي كتمت به امريكا على انفاس العالم، وان هذا العالم الذي كانت تمارس فيه البلطجة اوشك على الانهيار، وهذا بالضبط هو الذي دفع “حلفاء” امريكا في المنطقة، بالتمرد عليها ورفض مخططاتها، والعمل على حل مشاكلهم مع دول المنطقة، والتي تقف امريكا والكيان الاسرائيلي وراء اغلبها، بطرق دبلوماسية وسياسية، تعود بالخير لجميع شعوبهم.