منذ عام 2000 ولا يزال مصطلح بيت العنكبوت الذي أطلقه أمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب التحرير يحفر في وعي صناع القرار والرأي والعام الاسرائيلي، هذا المصطلح كان نقطة تحوّل في معادلات الصراع مع الكيان المؤقت. وتصدح وجوه هذا المصطلح في شتى المجالات وفي الساحات كافة، وصولًا الى انتصار المقاومة في معركة سيف القدس عام 2021 حيث بدأت تتطور معه المعادلات حتى بات “الكيان المؤقت”.
هي المفردة التي أصبحت الأكثر قرباً من حقيقة ووقائع الكيان، والتي تجسّر المسافة بين الحاضر والمستقبل المتوقع والمحتمل. من بيت العنكبوت الى الكيان المؤقت رحلة شاقة خاضها العدو الصهيوني أمام صلابة محور المقاومة وهي رحلة نهايتها زوال “اسرائيل”.
ومن خلال هذا المقال، سنشاهد رحلة الزوال “من بيت العنكبوت الى الكيان المؤقت”.
المحطة الأولى: اسرائيل “دولة عظمى”
كانت “اسرائيل” في السيتينات “دولة” كبرى اقليمية على المستويات كافة، الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، لدرجة أن أميركا لم تكن بحاجة الى بناء قواعد عسكرية في الشرق الأوسط على خلاف اوروبا وشرق آسيا وذلك نتيجة وجود “اسرائيل الشرطيّ لأميركا” ونظام الشاه. وكانت حرب الأيام الستة 1967 بمثابة بداية لمرحلة جديدة في الصراع بين “إسرائيل” والفلسطينيين حيث أسفرت عن مئات الآلاف من اللاجئين ووضع أكثر من مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة تحت الحكم الإسرائيلي. فقد خلفت تلك الحرب ربع مليون لاجئ فلسطيني، إضافة إلى 100 ألف لاجئ سوري. وأصبحت “إسرائيل” قوة احتلال مفروضة على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان، والضفة الغربية والقدس الشرقية.
المحطة الثانية: يوم خسرت “اسرائيل” شاه إيران
بعد انتصار الثورة الإسلامية في 1979. تمثّلت شرارة الانتصار الأولى تجاه فلسطين في إغلاق السفارة الإسرائيلية في ايران بشكل نهائي، ورفع العلم الفلسطيني فوقها، مروراً بمحطات فارقة استطاعت الجمهورية الاسلامية فيها أن تواصل مسار الثبات والدعم المطلق للقضية الفلسطينية بأشكاله كافة، رغم كل الظروف، إذ يُسجّل لإيران، منذ انتصار الثورة، أنها تقدّمت الصفوف الأولى على دول كثيرة في تقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته على المستويات السياسية والعسكرية والمالية والاجتماعية كافة، وما زالت مستمرة في هذا النهج، واضعةً نصب عينيها نصرة فلسطين وقضيتها.
إذ يُسجّل للثورة الإسلامية أنها رسّخت وثبّتت دعائم نهضة المقاومة في فلسطين، بنحو خاص، وفي محور المقاومة بنحو عام.
وفاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية للقضية الفلسطينية لم ينحصر في المواقف الإعلامية كغيرها من الدول في المنطقة، بل كان ترجمة حقيقية وعملية، انطلاقاً من ثوابت راسخة عبّرت فيها السياسة الخارجية الإيرانية الثابتة عن مواقف مهمة تجاه فلسطين ومقاومتها، تمثّلت في إعلان الإمام الخميني الراحل، تخصيص يوم للقدس في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، عُرف باسم “يوم القدس العالمي”، تعبّر فيه إيران وكل دول محور المقاومة عن حبّها ووفائها لفلسطين والقدس، وعن تأكيد أهمية دعم الشعب الفلسطيني حتى تحرير القدس من الاحتلال.
وبعد وفاة الإمام الخميني، واصل الإمام الخامنئي احتضانه للقضية الفلسطينية وللمقاومة، عبر سياسة خارجية راسخة، وعلى النهج والطريق نفسيهما، وفي كل مواقفه وخطاباته، لا تزال فلسطين حاضرة وتحتل نصيباً ومساحة كبيرين في العقل والوجدان الإيراني، فالدعم الإيراني لفلسطين والمقاومة نابع من عقيدة ونهج وأيديولوجيا ما زالت تتوارثها أجيال ما بعد انتصار الثورة. ووظفت إيران موقعها في المنطقة للدفاع عن فلسطين في كل المحافل الدولية، ولفضح وجه “إسرائيل” وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ولمطالبة المجتمع الدولي بمحاكمة قادتها وتقديمهم إلى المحاكم الدولية كمجرمي حرب، فضلاً عن دورها الاجتماعي البارز في تقديم المساعدات العينية والإغاثية وكفالة الأيتام وأسر الشهداء الفلسطينيين ورعاية الجرحى، على مدار تاريخ الثورة الفلسطينية، وما زالت مستمرة في النهج ذاته.
المحطة الثالثة: بدء أطروحة زوال اسرائيل
عام 2006، انتصر حزب الله على “اسرائيل”، ونجح في زرع مفهوم “المقاومة قوّة لا تهزم” في الوعي الاسرائيلي من قياداته ومستوطنيه. ساهمت حرب تموز في تبيين مؤشرات التراجع الاسرائيلي، حيث كانت هذه الحرب امريكية بامتياز لإزالة عقبة حزب الله أمام المشروع الامريكي في لبنان والمنطقة، على خلاف الحروب السابقة التي كان منسوب البعد الإسرائيلي فيها كبيرًا. فإسرائيل التي هزمت جيوش في ستة أيام لم تستطيع هزيمة حزب الله في 33 يوم في قرية واحدة. ومثّلت حرب تموز 2006 الهزيمة الأولى في تاريخ إسرائيل، ما يعني بدء مسيرة تحقق رؤية ديفيد بن غوريون بأن “دولته ستسقط على أثر خسارة أول حرب”. وثبتّت حرب تموز معادلة ان المقاومة اللبنانية تملك كل عناصر القوة والصمود بوجه الآلة العسكرية الصهيونية المدعومة بريطانيًا وأمريكيًا ومن بعض الأنظمة في المنطقة. لذلك فإنه منذ عام 2006 وحتى اليوم لم يجرؤ الكيان الصهيوني على خوض حرب شاملة ضد المقاومة اللبنانية. كما ثبّتت الهزيمة المعنوية الكبيرة لدى جيش الاحتلال وكسر كل الهيبة التي بناها هذا الجيش طيلة 60 سنة، وفتحت المقاومة اللبنانية أمام العرب والمسلمين إمكانية فعلية للانتصار على العدو. هذا الانتصار وضع الكيان المؤقت أمام مسألة حرب وجودية وأمام الشك في استمراره.
المحطة الرابعة: استنزاف “اسرائيل”
أثرّت حروب غزة على مستقبل الكيان المؤقت حيث استنزفتها داخليًّا بشكل كبير وأحبطت معنويات القادة في المواجهة. فبدل من أن تداوي “اسرائيل” جروحها النازفة من غزة المحاصرة كانت القيادات في كل حرب تدرس مصير “إسرائيل” إذا واجهت حزب الله في المعارك المقبلة. وفي كل حرب كانت تخوضها في قطاع غزّة كانت القيادة الاسرائيلية تتفاجىء بتعاظم قوة المقاومة الفلسطينية بالرغم من الحصار الشديد التي تفرضه عليها.
في السابع والعشرين من العام 2008 أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن بدء حملة عسكرية واسعة على قطاع غزة وأطلق عليها اسم “الرصاص المصبوب”، وذلك بعد تنفيذه لغارة جوية نتج عنها استشهاد ستة أعضاء من حركة حماس، في خطوة خرقت فيها قوات الاحتلال تهدئة دامت ستة أشهر بين حماس وكيان الاحتلال. وردًا على ذلك قامت المقاومة الفلسطينية بضرب أكثر من 130 صاروخًا في اليوم الأول على مناطق في المدن الجنوبية المحتلة. هذه الحرب والتي دامت لـ 22 يومًا والتي أسمتها حماس “حرب الفرقان”، أطلقت فيها 980 صاروخًا بحسب التقديرات الإسرائيلية، تنوعت بين 340 صاروخ قسام المحلي الصنع، و422 قذيفة هاون من العيار الثقيل (120مم) إضافة إلى 98 قذيفة وصاروخ مضاد للدبابات، إلا أن أيًا من هذه الصواريخ لم يصل إلى العمق الإسرائيلي. وقد أسفر عنها بحسب اعتراف الكيان مقتل 13 جنديا وإصابة أكثر من 100، فضلًا عن تدمير نحو 47 مركبة قتالية من دبابة، عربة، مدرعة وجرافة.
وبعد ثلاثة أعوام على وقف إطلاق النار وبعد مفاوضات جرت بين كل من حماس والكيان بوساطة دولية، لم تتوقف “إسرائيل” عن ممارسة الاعتداءات بحق الفلسطينيين العُزّل، إلا أن اغتيالها لرئيس حركة حماس في غزة “أحمد الجعبري” عبر استهداف سيارة كان يستقلها في الرابع عشر من تشرين الثاني في العام 2012 أشعل فتيل الحرب من جديد. وعقب عملية الاغتيال، أعلنت حركات المقاومة في فلسطين وخصوصًا حركة حماس اندلاع الحرب والتي أطلقت عليها تسمية “حجارة السجيل”، فقصفت خلال سبعة أيام -مدة الحرب- أكثر من 1456 صاروخ وقذيفة طالت العمق الإسرائيلي، ووصلت إلى مدينتي تل أبيب والخضيرة والتي تبعد حوالي 70 كلم عن قطاع غزة، وذلك بصاروخ G-180 التي كشفت عنه حركة حماس آنذاك. إضافة إلى ذلك، فقد استخدمت الحركة صواريخ فجر 5 الإيرانية الصنع وغراد الروسية فضلًا عن كل من صاروخ قسام المتطور وقذائف الهاون.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد اعترفت بمقتل ستة من جنودها وجرح ما يزيد عن 240 آخرين في العملية التي أطلقت عليها “عامود السحاب”. لم تصمد قوات الاحتلال في العام 2012 بوجه ضربات المقاومة الفلسطينية، وعملت بعد وقف إطلاق النار على تشديد الخناق على حركة حماس بهدف منعها من الحصول على الصواريخ البعيدة المدى، خاصة وأن الحركة استطاعت آنذاك بالوصول إلى مدن إسرائيلية في العمق “الآمن”.
في هذه الأثناء، أقدمت فصائل المقاومة على خطوة جديدة تمثلت بحفر الأنفاق، الامر الذي تفاجأت به قوات الاحتلال في الحرب التي شنتها في العام 2014 على قطاع غزة تحت اسم “الجرف الصامد”.
لكن جيش الاحتلال لم يصمد، فبعد أسبوعين من بدأ الحرب أعلن رئيس وزراء الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو بدء عملية التوغل البري بهدف السيطرة على النقاط التي تتمركز فيها المقاومة، إلا أنه مُني بخسائر كبيرة أجبرته بعد واحد وخمسين يومًا على التراجع إلى خارج القطاع والقبول بشروط المقاومة لوقف إطلاق النار.
وإضافة إلى الأنفاق والتي تعتبر النقلة النوعية العسكرية للمقاومة، إلا أن خلال هذه الحرب التي أسمتها حماس بـ “العصف المأكول” أُطلق أكثر من 8000 صاروخ، وصل العديد منها إلى ما يبعد 150 كلم عن قطاع غزة أي مدينة يافا المحتلة، كما استطاعت هذه الصواريخ أن تُكبد الاحتلال خسائر فادحة كان أبرزها توقف الرحلات من وإلى مطار تل أبيب. ولم تكتفِ المقاومة عند هذا الحد، فقد كشفت عن عدد من الطائرات المسيرة من طراز أبابيل لم تتمكن منظومات الدفاع الإسرائيلية من اكتشافها إلا بعد أن اخترقت العمق الإسرائيلي بأكثر من 30 كلم، وهي على ثلاثة أنواع: A1A طائرة استطلاع مسيّرة، A1B طائرة هجوم وإلقاء مسيّرة، A1C طائرة هجوم وانتحار مسيّرة.
وعلى خلفية هذه الحروب وقف الكيان في موقف صعب فهو عاجز عن التراجع من أجل حفظ ما بقي من هيبة في الوقت الذي يعجز فيه عن التصدي لصواريخ المقاومة، ما دفعه إلى استهداف المدنيين والوحدات السكنية وزعمه أنها مواقع عسكرية لفصائل المقاومة.
المحطة الخامسة: الكيان المؤقت
في عام 2021، فتحت معركة سيف القدس فصلًا جديدًا في القضية الفلسطينية، نظرًا للإنجازات العظيمة التي حققتها ولإسقاط المعادلات الإسرائيلية مقابل ظهور معادلات المقاومة الجديدة وأهمها “القدس مقابل حرب إقليمية” التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
بادرت المقاومة هذه المرة بالتصعيد العسكري رداً على مشاريع الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى رفقة مجموعات المعبد وكذلك التطهير العرقي لحي الشيخ جراح في القدس، بخلاف المواجهات الثلاث الكبرى أعوام 2008 و2012 و2021. وقد مهّد ذلك لترسيخ معادلات أربعة مهمة:
الأولى، أن مهمة المقاومة في غزة ودوافع استخدام سلاحها لم تعد مقصورة على قطاع غزة كما حصل في المواجهات السابقة، وهي المعادلة التي بذل الاحتلال جهداً دؤوباً لإدامتها. وما حصل أن سلاح غزة تدخل نصرة للقدس والأقصى والشيخ جراح، وهو تطور جديد اعترفت أوساط الاحتلال أنها تفاجأت به.
والثانية، أن المقاومة هي التي بادرت هذه المرة ولم تتدخل فقط لرد عدوان مباشر عليها من منطلقات دفاعية. وإن متغيرًا من هذا النوع له تداعيات مهمة على الصراع، فهو يعبر عن الجرأة التي باتت تتمتع بها المقاومة والتي تصدر عن ثقة بالنفس والإمكانات، وتعيد التذكير بأسس القضية وجوهرها، بأن “إسرائيل” وإن لم تهاجم غزة فهي ما زالت محتلة وظالمة وعنصرية، وهو ما يجعل المقاومة واجباً وليس فقط حقا، وهي أيضا تبشر بمستقبل قد تصبح معه المواجهات -التي تطلق المقاومة طلقتها (أو صاروخها) الأولى- أمرا اعتياديا، ما يفقد الاحتلال ميزة الردع التي ظن أنه كان اكتسبها.
وأما المعادلة الثالثة التي رسختها المواجهة الأخيرة فهي معادلة قصف تل أبيب مقابل استهداف المدنيين في القطاع، وهو ما استطاعت منعه باستهدافها بمئات الصواريخ، بعد أن أصبح ذلك سهلا ومتكررا كـ”شربة ماء” وفق الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
وأما المعادلة الرابعة فكانت توحيد فلسطين والفلسطينيين كما لم يحصل منذ فترة طويلة؛ فقد بدأت كرة الثلج في القدس قبل أن تتدخل غزة عسكريا، ثم تحركت الضفة الغربية وماجت الأراضي المحتلة عام 1948، وكذلك الحدود اللبنانية والأردنية، وانتشرت المظاهرات في الخارج والشتات. كما تجسدت هذه الوحدة الميدانية رمزيا في الإضراب العام الذي شمل الأراضي الفلسطينية جميعها، بعد أن كان الاحتلال يقسّم فلسطين إلى وحدات ويستفرد بكل منها على حدة.
في المقابل، ورغم ما ادعاه الاحتلال من إنجازات، فقد تكبد خسائر ملموسة في المواجهة الأخيرة. كما أن النقاش خلالها وبعدها في دوائره السياسية والعسكرية والإعلامية دار حول الإخفاق وعلو يد الفلسطينيين في المحصلة بعد المعادلات التي رسختها المقاومة.
وعلاوة على هذه المعادلات الجديدة -التي تعدُّ بالتأكيد خسارة محققة للاحتلال- فقد سجل التصعيد الأخير خسائر أخرى لا تقل أهمية وخطوات جديدة، وفي مقدمتها مبادرة الفلسطينيين للمواجهة العسكرية، وهو ما يعني أن إستراتيجية “كي الوعي” -التي اعتمدها الاحتلال لزيادة كلفة المواجهة معه وبالتالي تصعيب هذا القرار في المستقبل- قد فشلت بالكامل. هنا، لا يواجه الفلسطينيون فقط، وإنما يبادرون للمواجهة، ولأسباب لا تبدو “اضطرارية ودفاعية”. ومما واجهه الاحتلال -على مدى الأيام الـ 11- مواجهة عدة جبهات في آن معا، وهو ما يسعى بكل أدواته وإمكاناته لتجنبه. صحيح أن معظم هذه الجبهات كانت شعبية وسلمية، وأن الصواريخ التي أطلقت من الجنوب اللبناني كانت رمزية نوعا ما، إلا أن الرسالة كانت واضحة باحتمال تفاقم الوضع وفقدان السيطرة، وهو ما دفعه لقبول إنهاء الجولة دون تسجيل إنجازات.
ومن أهم الخسائر التي تلقتها “اسرائيل” حراك فلسطيني الداخل كما يطلق عليهم، أو من يفترض أنهم مواطنون “إسرائيليون”. ولا تكمن الخسارة هنا في تضعضع الجبهة الداخلية خلال المواجهة وحسب، وإنما كذلك فشل سياسات الأسرلة والإذابة والتهميش التي مورست عليهم لعقود، وهو مؤشر ذو بعد خطير إستراتيجيا بالنسبة للمشروع الصهيوني، حتى ولو هدأت الأمور ظاهريا ومرحليا، إذ ستبقى دائما تحمل عوامل الانفجار. وإضافة للخلاف بين المؤسستين السياسية والعسكرية، والضغوط الداخلية والخارجية على الاحتلال، وفشل منظومة القبة الحديدية في منع الصواريخ؛ فقد اختتمت المواجهة بمشهد أثبت من له اليد العليا ومن خسر. وهذه المرة، فعلت المقاومة ما هو أكثر؛ إذ حذرت الاحتلال من أي خطوة حتى دخول وقت الهدنة وإلا أطلقت رشقة صاروخية على “كل جغرافيا فلسطين المحتلة”، وقد التزم الاحتلال الصمت، بما يعني أن المقاومة هي من بادرت للمواجهة وهي من أنهتها.
ختامًا، وبعد هذا العرض، يمكننا القول إن “اسرائيل” تعدّت حالة بيت العنكبوت المعروف بهشاشته وانتقلت الى مرحلة التهديد بزوال الكيان في الوقت القريب، والذي يعبّر عنه مصطلح الكيان المؤقت، نتيجة مجموعة من الوقائع التي تشكك في بقاء الكيان، وسيل من التصريحات من شخصيات رسمية وثقافية في الكيان تتحدث عن القلق الوجودي والتشكيك في البقاء أو تتناول حتمية الزوال، إما لأسباب تاريخية، وإما استناداً إلى مقولات عبرانية دينية. بالإضافة الى مجموعة من القوى –محور المقاومة- التي تنمو باستمرار، وباطراد، والتي جعلت إزالة الكيان هدفاً حاسماً لها. وقد لا يكون لدينا إمكان تحديد المدى الزمني للوصول إلى النهاية، إلا أنّه محسوم النتائج المؤدّية الى حتمية الزوال.
* الخنادق| ضحى حمادي