بأس جنين | فشل صهيوني واستمرار المقاومة
العين برس/ تقرير
علي علاء الدين
تعتبر جنين ومخيمها عقدة بالنسبة للكيان الصهيوني والمستوطنين، بل حتى أنها تشكل صدمة في وعي هؤلاء، فمنذ العام 1948 شكلت حصنًا منيعًا عنيدًا أمام العصابات الصهيونية، وقبلها كانت معقلا للثورة الفلسطينية الكبرى في الثلاثينيات، ما دفع أحد المستشرقين الصهاينة إلى القول إنها كانت عصية على نابليون قبل 200 سنة وقام بحرقها.
هذه المدينة بمخيمها استطاعت على مر السنين أن تشكل سدا منيعا امام الارهاب الصهيوني ، وولادة للمقاومين الذين استطاعوا أن يصيبوا العدو في مقتل دوما بعمليات الاسود المنفردة واطلاق النار على الحواجز والمستوطنين ، حتى استطاعوا رغم الحصار المستمر أن يصلوا لحد صناعة العبوات والصواريخ قصيرة المدى ليجعلوا جنين عصية على الجيش الصهيوني ويمنعوه من تنفيذ عمليات امنية او اعتقالات داخل المخيم .
وذروة تطور المقاومة في جنين كان في الايام الماضية و باعتراف محلّلين عسكريين صهاينة ، ومن بينهم المحلّل في موقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، حيث قال: ” طوّرت المقاومة الفلسطينية في جنين طرق قتالٍ تسمح بالتصدّي لحملات ما يوصف بـ”الاقتحام العميق”، والتي يقوم بها الجيش الصهيوني وجهاز الشاباك والوحدات الخاصة التابعة لحرس الحدود، فقد رصدت المقاومة محاور خروج المركبات التي تحمل القوات الصهيونية من الميدان كنقطة ضعفٍ، وزرعت فيها عبواتٍ ناسفةً بكميات كبيرة جدًا على طول تلك المحاور، بهدف تكبيد تلك القوات ثمنا باهظا ” .
بأس جنين
هذا العدوان في جانب منه هو تكتيكي عسكري، وهو في الجانب الآخر رضوخ لرغبة المستوطنين وقادتهم وممثليهم في الحكومة كبن غفير وسموتريتش الذين يسعون الى تحقيق حلمهم الدائم بتدمير الضفة الغربية .
عند كل عملية عسكرية ينفذها الكيان الصهيوني يحاول أن يملك عنصر المفاجأة فهل امتلك عنصر المفاجأة عند هجومه على جنين ؟ حسب رؤية الفلسطينيين، فالجواب هو لا ، وحسب الشهادات الميدانية ، فقد استعدوا في جنين للعملية ، سيما إثر ثلاث علامات: المروحيات التي حلقت في الأيام الأخيرة في سماء جنين، والخطاب الاسرائيلي ، والمنشورات الإسرائيلية حول الصواريخ التي أطلقت من منطقة جنين، والتي استخدمت لتبرير عملية واسعة.
أهداف العملية
ظهر خلاف واضح لدى المحللين السياسيين والعسكريين لدى الكيان الصهيوني عن اهداف العملية حيث قال مسؤول سياسي لـ “معاريف ان الهدف من العملية هو ترميم الردع الصهيوني بالاضافة الى : ” وقف تحول مخيم اللاجئين في جنين إلى ملجأ وهدف محصن “للإرهاب” . ليناقضه تامير هايمان رئيس المخابرات العسكرية السابق حيث قال : ” أقترحُ عليكم التوقف عن استخدام عبارات مثل “عملية استعادة الردع”؛ استعادة الردع ليس هدفًا عمليًا، لأنه غير قابل للقياس ”
بالامكان تلخيص اهداف العملية بالنقاط التالية :
– اجتثاث بؤرة كبيرة للمقاومة، تعتبر ملاذاً آمناً لمعظم من يريد ضرب وإيلام الكيان المؤقت في الضفة الغربية.
– نسف فكرة مخيم جنين كنموذج وقدوة للمقاومين في الضفة الغربية وأراضي الـ 1948.
– ترميم الردع الصهيوني من خلال ضرب بيئة المقاومة الأساسية في الضفة الغربية.
– القضاء على البنية التحتية للمقاومة (مخازن – مصانع تطوير أسلحة وعبوات – هيكلية عسكرية كاملة – أنفاق الخ).
– تصفية البنية البشرية للمقاومة في جنين
– محاولة إيجاد شرخ بين البيئة المدنية الحاضنة والمقاومة في جنين، وذلك من خلال تبيان التكلفة التي يمكن أن يدفعها أهالي جنين مادياً، من خلال تدمير البنية التحتية والتي عملت الجرافات الصهيونية (عامدة) على القضاء عليها وتجريفها.
– تأديب المجموعات المحسوبة على فتح، والتي تعمل مستقلة ضمن تشكيلات المقاومة في جنين.
– فسح المجال أمام أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، لمعاودة العمل بواجباتها والتزاماتها تجاه الكيان المؤقت، بعدما أوشكت هذه السلطة على الانهيار في الأشهر الماضية، في ظل التصاعد الكبير لأعمال المقاومة في الضفة الغربية.
بقراءة سريعة يظهر الفشل التام في تحقيق أي من الاهداف التي اراد العدو الصهيوني تحقيقها فالمقاومة حافظت على وجودها وامكانياتها البشرية والعسكرية واي عمل مقبل داخل المخيم سيواجه بمقاومة عنيفة وانتصار خيار المقاومة والذي ترك اثارا ايجابية لصالحها حتى في المناطق الخاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية .
في الخلاصة وبعد انتهاء العملية العسكرية في جنين لعب الاعلام الصهيوني الدور الموكل اليه وهو محاولة اظهار صورة انتصار وهمية للجيش ولحكومة نتنياهو ولكن ما قاله آفـي يـسـخـارف لصـحـيـفـة يـديـعـوت أحـرنـوت يظهر بعضا من الحقيقة حيث ذكر أن العملية في جنين هي الباراسيتامول لمريض ميؤس من شفائه وان الفلسطينيون فهموا أن الكيان الصهيوني بعيد جدًا عن تنفيذ عملية “السور الواقي 2” في جنين، وسيعود المسلحون بعد وقت قصير إلى المخيم ويستأنفون تنفيذ المزيد العمليات واما العملية في جنين فهي تخدم أهداف بنيامين نتنياهو السياسية.
وتبقى الصور التي ظهرت للمقاومين الفلسطينيين في جنين بعد خروج جنود الاحتلال مباشرة تثبت بأن اهداف العملية كلها باءت بالفشل وان المقاومة مستمرة بالاضافة الى استمرار تآكل الردع الذي اجبر الكيان على ايقاف عمليته خوفا من توسع رقعة المعركة ودخول ساحات جديدة في المعركة .