الوفدُ السعوديُّ أتى إلى صنعاء للتفاوُضِ مع السلطة الوطنية في صنعاء، بعد أن وصل العدوانُ والحصار على الشعب اليمني إلى عامِه التاسع، والذي قادته السعوديّةُ، وحشدت له تحالُفًا من 17 دولة، ارتكب فيها أبشعَ الجرائم وأفظعها على الشعب اليمني بإنسانه وعلى البلد بأرضه ومقدراته، دون أن تكون لهذا العدوان والحصار أيةُ شرعية أو مبرّر على الإطلاق.
أتى الوفد السعوديّ وقال إنه يطلب التهدئة وتثبيت الهُدنة، متعهِّدًا بتنفيذ استحقاقات المِلف الإنساني، وقد قوبلت هذه الخطوةُ السعوديّة من قبل القيادة الوطنية في صنعاء بالترحيب، وتعاطت معها بإيجابية من منطلَقِ الحرص على الوصول لتحقيق سلام عادل، والسعي بكل السبل الممكنة لرفع المعاناة على الشعب اليمني.
وقد أعطت صنعاءُ للسعوديّة مساحةً تتسعُ لها؛ لكي تتقدم في اتّجاه الخطوات الجادة، التي تزعم بأنها جادةٌ بالمضي فيها؛ لتحقيق السلام مع اليمن، وأن استمرار الحرب ستضر بمصالحها وتهدّد أمنها واستقرارها.
وقد مر على مغادَرةِ الوفد السعوديّ من صنعاء ما يقارِبُ الشهرَين، بعد أن تم الاتّفاقُ والتفاهُمُ مع السلطة الوطنية في صنعاء على العودة بعد عيد الفطر؛ لاستئناف واستكمال التفاهمات التي توصل إليها الطرفان.
وإلى اليوم والنظام السعوديّ ما زال يتعاطى مع الشعب اليمني بأُسلُـوب المراوغة واللامبالاة وسياسة إطالة الوقت والاستهتار؛ ليضع العدوّ السعوديّ كَثيراً من التساؤلات وعلامات الاستفهام، فهل يدرك النظام السعوديّ أن صنعاء تسامت على جراحاتها وأرجأت الملفات المثخنة بجرائمه الوحشية بحق الشعب اليمني؛ بحثاً عن حقن الدم اليمني، ووضع حدٍّ لمعاناته؟ وهل يستطيع الوصول إلى شيء من الإدراك والتفهم بأنه باتت عليه اليوم التزاماتٌ واستحقاقاتٌ يجب تنفيذُها؟ وأن تعاطي القيادةِ في صنعاء معه قد منحه فرصةً للنجاة، وفتح له باباً للتوبة؛ ليعيد حساباته ويثبت صدق نواياه للاتّجاه نحو السلام الذي إن تحقّق سيعم بلده وبلدان الإقليم والعالم، وإن لم يتحقّق ويعُدِ التصعيد سيكون الضررُ عليه وعلى الإقليم والعالم.
إنها معادلةٌ عادلةٌ ومحقة وضعتها صنعاءُ للسعوديّ وتحالفه والعالم، وتمسّكت بها على طول وعرض كُـلّ المفاوضات بعد أن أعطت ومنحت الكثير من الوقت والمساحة والصبر لهذا التحالف المجرم، وعلى مستوى ضبط النفس في المسار العسكري والذي بات أقرب لإسدال الستار على المسرحية السعوديّة التي تؤديها بإخراج وسيناريو أمريكي جعل منها أدَاة استعراضية هزيلة وساخرة دون الاكتراث بكل المؤشرات الخطيرة التي تحملها الأيّام القادمة، والتي تستوجب على السعوديّة أن تسارع لحسم أمرها وتحديد مصيرها مع الشعب اليمني وقيادته، فالوقت التفاوضي يتآكل مع قرب نفاد الصبر، والأشواط التفاوضية انتهت بعد اللعب على إضاعة الوقت، وباتت الحالةُ التفاوضيةُ اليومَ قد وصلت إلى وقتِها المستبدَل من الوقت الإضافي الذي أوشك على الانتهاء.. وقد أُعذِر من أَنذر.
محمد يحيى السياني