يواصلُ النظامُ السعوديُّ اندفاعَه نحو التطبيع مع كيان العدوّ الصهيوني، من خلال المزيد من الخطوات التي تهدف لترويض الوعي الجماهيري وتهيئته للقبول بالصهاينة، وتغييب قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وأبرزها قضية فلسطين المركزية.
وفي آخر مستجدات هذا الاندفاع الخياني، كشفت صحيفة ” Jewish News” الصهيونية مؤخّراً أن “الحكومة السعوديّة أزالت من المناهج الدراسية في المملكة كُـلَّ المواد والموضوعات التي تتناول الصراع مع الصهاينة اليهود، بما في ذلك المواد والمواضيع الدينية”.
ونقلت الصحيفة عن تقارير وأبحاث حلَّلت أكثر 301 كتاب دراسي في السعوديّة، أنه تم حذف كُـلّ “المواد التي تشير إلى أن اليهود هم أعداء الإسلام، وكذلك تفسيرات الآيات القرآنية التي تتهم اليهود والمسيحيين بالتآمر ضد الإسلام”.
ووصفت الصحيفة ذلك بأنه “تغيير إيجابي ناحية إسرائيل”.
وأضافت أنه تمت أَيْـضاً إزالة الموضوعات التي تقول: إن “الهيكل اليهودي في القدس هو تلفيقٌ له دوافعُ سياسية”.
وقالت الصحيفة: إن السعوديّة أزالت أَيْـضاً “الاتّهامات بأن إسرائيل أشعلت النار في المسجد الأقصى عام 1969، وإن إسرائيل شرعت في حرب عام 1967 لتوسيع حدودها، ووصف إسرائيل بأنها (ديمقراطية مزورة)”.
وتأتي هذه الخطواتُ الفاضحة في سياق اندفاع سعوديّ مُستمرٍّ منذ سنوات نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، برعاية مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعمل على ذلك كجزء من مشروع أوسع لتغيير شكل وهُــوِيَّة المنطقة بما يخدم مصلحة وأمن “إسرائيل”.
وكان وليُّ العهد السعوديّ قد تبنَّى هذا التوجّـهَ بشكل معلَن في مقابلات صحفية أجراها مع وسائل إعلام غربية حاول من خلالها الترويج لدعاية “التعايش” بين اليهود الصهاينة وبين العرب والمسلمين، وزعم أن “للشعب اليهودي” حَقًّا في العيش على “أرض خَاصَّة” في فلسطين.
وخلالَ السنوات القليلة الماضية، انفتحت وسائل الإعلام السعوديّة بشكل فاضح على نشرِ المواد التي تروج لـ”ضرورة التحالف مع إسرائيل في مواجهة إيران” بحسب زعمها؛ توازيًا مع توسع صفقات التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة في المنطقة، الأمر الذي مثل مؤشرا على تسارع اندفاع الرياض نحو التطبيع العلني.
ولم يقتصر هذا الاندفاع على هذا الحد؛ إذ سمحت الرياضُ لطائرات الكيان الصهيوني بالتحليق فوق الأجواء السعوديّة، كما فتحت المجال للصحافيين والحاخامات الصهاينة لزيارة أراضي المملكة، بما في ذلك الأماكن المقدسة في مكة والمدينة والتي يحظر عليهم دخولها دينيًّا.
لكن إزالة المواد والموضوعات المتعلقة بالصراع مع الصهاينة من المناهج الدراسية، وخُصُوصاً المواد الدينية، يتجاوز مسألةَ الاندفاع نحو التطبيع، إلى استهداف العقيدة الإسلامية بشكل مباشر في مواضيعها الجوهرية والمصيرية التي تشكل هُــوِيَّة المجتمع المسلم وتحدّد مسؤولياته الجماعية.
ولتمريرِ هذا التوجّـه الفاضح كان النظامُ السعوديّ قد لجأ إلى ترويضِ الخطاب الديني عن طريق مشايخ ودعاة أصبحوا يقومون بالترويجِ للتقارب مع الكيان الصهيوني بشكلٍ معلَن.