مما لا شك فيه أن الحرب الناعمة الموجهة لاستهداف مجتمعاتنا العربية والإسلامية وديننا وقيمنا ليست وليدة اللحظة بل كانت وما تزال امتداداً لحرب لا أخلاقية شرسة منذ بعثة النبي الأكرم سيدنا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- استهدف اليهود بها ديننا وسنة نبينا بدس عشرات الآلاف من أقوال موضوعة ونسبوها زوراً إلى رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- تخالف نصوص كتاب الله نصاً وروحاً وتمزق الأُمَّــة وتفرقها إلى شِيَعٍ وطوائفَ وكانت تلك أول ضربة ينالون بها من أمتنا وديننا، تلى ذلك غزو فكري وحملات تنصير وتهويد لم تتوقف طوال قرون خلت وتطورت بتطور الأجيال المتعاقبة في وسائلها وأدواتها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم وتوسعت وزادت ضراوتها واشتدت وتيرتها خُصُوصاً مع التقدم السريع وغير المسبوق الذي شهده العالم في تكنلوجيا المعلومات والاتصال والذي مكنهم من الوصول بمخطّطاتهم إلى كُـلّ غرفة في كُـلّ بيت من بيوت العرب والمسلمين وبأسلحة ذات حدين وذات موردين عظيمين لأعداء الأُمَّــة مورد اقتصادي يحقّق لشركاتهم مليارات الدولارات كُـلّ ساعة ومورد هجومي خطير يستهدف كُـلّ أفراد المجتمع عبر الهواتف الذكية التي أصبحت لصيقة بالفرد المسلم ذكراً وأنثى كَبيراً وصغيراً، وبما مكنهم من تحقيق نجاح غير مسبوق وبمردود اقتصادي يفوق موارد النفط العالمي بعدة أضعاف يزيدهم قوة ويزيد مجتمعاتنا ضعفاً اجتماعياً ويزيدهم ثروة ويزيد أمتنا إنهاكاً اقتصاديًّا على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والأمة بأسرها.
لقد أصبحت حربهم الناعمة اليوم ضد الأُمَّــة الإسلامية كرتهم الرابح ورهانهم الأكثر جدوى والأسرع نجاحاً والأشد فتكاً والأفظع نتائجَ وهذه بعضٌ من طرقها وأساليبها المفضوحة:
– استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها لنشر الخلاعة وأفلام الدعارة وترويج المثلية والتفسخ والانحلال؛ بهَدفِ إفساد الشباب المسلم ذكوراً وإناثاً وتشجيعهم للإقبال عليها وفتح مئات آلاف الحسابات التي تروج هذه المقاطع من خلال برمجة هذه المواقع لإنزالها في صفحة كُـلّ شخص يستخدمها ونشر مقترحات لشد المستخدم وجذبه نحو هذه المواد حتى يسقط في مستنقعها القذر ويقضي ساعات طويلة كُـلّ يوم في استعراضها ومشاهدتها أسيراً في شباكها مكبلاً بحبالها.
– استخدام القنوات الفضائية إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وسائل متعددة وبرامج متنوعة ذات تأثير خطير لاستهداف ثقافة المجتمعات ومبادئهم وهُــوِيَّتهم ودفعهم نحو التخلي عنها واستبدالها بهُــوِيَّة الشذوذ والانحطاط تحت عناوين براقة وشعارات خادعة كالمسلسلات والأفلام والبرامج وعبر قنوات خصصت للإعلان والترويج لمنتجات الإثارة الجنسية والدعوة من خلالها لزيارة مواقع إباحية في تلك الإعلانات.
– الترويج للمخدرات بكل أنواعها ميدانيًّا عبر مروجيها الميدانيين وخلاياها العميلة في المجتمعات وإلكترونياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامهم.
– استخدام خلايا تابعة لهم وللأنظمة الخاضعة تحت أقدامهم ودعمها وتمويلها في كُـلّ مجتمع لتوزيع ذواكر مجانية سراً مخزن فيها مئات المقاطع اللا أخلاقية وبمواد فكرية أُعدت بعناية ووفق دراسات متخصصة في علم النفس لاستهداف شرائح وفئات معينة في كُـلّ مجتمع وخُصُوصاً الفئات الأكثر صلابةً وتمسكاً بقيم المجتمع وموروثه الفكري الأصيل في المجتمع.
– تخصيص مراكز متخصصة وبرامج إحصائية نوعية مدمجة في مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة مستوى تأثر كُـلّ مجتمع بهذه المؤامرات من خلال إحصائيات دقيقة تبين عدد المشاهدات لكل مقطع خليع وعدد مرات التحميل ومن ثم تحديد المقاطع التي ينجذب إليها كُـلّ مجتمع والقيام بالتغذية العكسية لكل مجتمع حسب تأثره.
هذا من جهة ومن جهةٍ أُخرى قياس نسبة المنجذبين في كُـلّ مجتمع ومتى ما تبين لهم وصولهم إلى نسبةٍ معينة بدأوا بتوجيههم لرفض واقعهم المعاش وشحن نفوسهم بالعدائية لمجتمعهم والسخط على واقعهم وتحريكهم للخروج العنيف عن قيمهم النبيلة ومبادئهم القويمة ودفعهم حينما تحين الفرصة للانقلاب على مجتمعهم تحت عناوين التحرّر والمطالبة بتوسيع الحريات الشخصية ورفع القيود عنها ووصفها بالمتخلفة وأكبر شاهد على ذلك ما حصل في إيران خلال الشهور الماضية.
استخدام الأنظمة الحاكمة الخانعة لهم في دعم مؤامراتهم ونشر ثقافتهم المنحطة والشاذة وفرضها على مجتمعاتنا والضغط عليه لقبولها بكل الوسائل ترغيباً وترهيباً وما يحدث في السعوديّة والبحرين والإمارات خير دليل.
إن كُـلّ الشواهد تؤكّـد أن الحرب الناعمة هي معركة الأُمَّــة الكبرى هي معركة مصيرية تدار على أعلى مستوى وعلى الأُمَّــة أن تعلم أنها تخوضُ أخطر حربٍ في تاريخها فإما تكون أو لا تكون.
المصدر: موقع أنصار الله