الحاضر بين غدير خم والعهد لمالك الأشتر
العين برس/ مقالات
أحمد الزبيري
الدولة المؤسسية في الاساس تبنى وفقاً لمنهجية الاهية جوهرها تحقيق العدل بين الناس ولكن هذه الدولة القوية القادرة العادلة ينبغي ان تأخذ بمعطيات الواقع وظروف الزمان وصروفه ولعل عهد الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام لمالك الاشتر عند توليه مصر تمثل الخطوط العريضة لهذه الدولة بكل متطلباتها واحتياجاتها وتوجهاتها المجسدة لما ينبغي ان تكون عليه الدولة الاسلامية في طابعها القيمي الاخلاقي والانساني .
الحاضر بين غدير خم والعهد لمالك الأشتر
اهم هذا العهد في مضمونه التفصيلي تجسيداً للهدى الالهي والمسار النبوي الذي اقيم في المدينة المنورة مع الاخذ في الاعتبار متغيرات اتساع المجتمع الاسلامي وتنوعه ووجود ديانات اخرى لعل ابرزها المسيحية لا سيما في مصر وقد اختزل هذا المعنى الامام علي عليه السلام في خطابه لمالك الاشتر (الناس صنفان ان لم يكن اخ لك في الدين فهو نظيرا لك في الخلق) وهذا التعبير لأمير المؤمنين وامام المتقين عميق وذو بعد انساني شامل .
وهكذا تتجلى الحكمة الالهية في وجود نصرة هذا النهج والتمسك به وموالاته لأنه موالاة لله ولرسوله والمسالة في هذا الاتجاه تحتاج الى فهم يرتقي الى مستوى هذه المعاني في توجه الدولة التي تعطي للعالم النموذج الأسمى لما يمثله الاسلام والرسالة الاسلامية ولكي يتحقق ذلك نحتاج الى البصيرة والخبرة في التعاطي مع النفس البشرية , فالدولة التي نتحدث عنها لا تبنى بالمنافقين واصحاب المنافع والمصالح الدنيوية غير المشروعة والمشروعة ولا بالانتهازيين والفاسدين والدجالين ويكفينا ما عانيناه بمن تدثروا باساميل الدين ليغطوا به فسادهم في الارض واعاقة كل توجه لبناء الدولة المؤسسية العادلة .
وهنا تكمن اهمية ابقاء الذاكرة حية بالاحداث والمناسبات الاسلامية العظيمة وفي مقدمتها غدير خم التي تمثل لو تحققت تحولات كبرى للامة الاسلامية بل والعالم اجمع والاحتفال والابتهاج بهذه المناسبة يبقي الذاكرة حية لتتمثل هذه المبادي والقيم وتحويلها الى واقع يستوجب روحاً ايمانية تمتلك رؤيا شفافة للماضي والحاضر والمستقبل .