بعد أسبوعين على مطالبة روسيا بضمانات لتحييد علاقاتها التجارية مع إيران عن تداعيات العقوبات الأميركية المفروضة عليها، عقب العملية العسكرية التي تخوضها في أوكرانيا، أعادت المواقف الدولية الأخيرة، الأمل في تجديد العمل لإحياء الاتفاق النووي، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان “موسكو تؤيد استئناف العمل بالاتفاق النووي الإيراني في أقرب وقت ممكن، وتنتظر أن ترفع واشنطن العقوبات عن طهران”.
على الرغم من تعويل الكثيرين، والدول الغربية خاصة، على أن الجمهورية الإسلامية بصدد التخلي عن روسيا، نتيجة حاجتها الماسة لإحياء الاتفاق، إضافة للاستفادة الكبيرة التي يمكن لها ان تحققها من بيع النفط والغاز في ظل الارتفاع الهائل للأسعار عالمياً، إلا ان طهران والتي تتصرف حسب مبادئها، بالحفاظ على موسكو كحليف استراتيجي، يتلاقى معه منذ عقود على عقيدة العداء للغرب. حيث أعرب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أثناء زيارته لموسكو ان “التأخير في المحادثات النووية قد يخلق أرضية للحفاظ على مصالحنا”، مشدداً على أنّه “ما من شيء يعيق تطوير علاقاتنا الثنائية مع روسيا، ولا أحد يؤثر سلباً على محادثات فيينا”. لافتاً إلى ان “تطوير العلاقات مع روسيا هام لإيران، بالرغم مما يحدث في العالم”، مشيراً إلى أنّ “العلاقات بين طهران وموسكو قوية أكثر من أي وقتٍ مضى”.
من جهتها، تدرك واشنطن، ان التوصل إلى اتفاق نووي سريع مع طهران، من شأنه ان يشكل مساراً ضاغطاً على موسكو، غير ان إيران تجد نفسها اليوم في مقام يتيح لها التمسك أكثر بمطالبها، والحفاظ على مصالحها بتصدير مليونين و100 ألف برميل يومياً، إضافة لتصدير الغاز إلى الدول المجاورة لها حسب قائمة أولوياتها. ويصف مطلعون على مسار المفاوضات أنه “من سخرية القدر ان تتحوّل مصالح واشنطن من تصفير نفط إيران، إلى الدفع نحو زيادة الإنتاج والتصدير لإغراق الأسواق الدولية به من أجل خفض أسعار، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بقوله إن “واشنطن طلبت من إيران وفنزويلا إخراج روسيا من أسواق الطاقة كشرط لرفع العقوبات عنهما”.
من ناحية أخرى، فإن العلاقة التي الاستراتيجية بين موسكو وطهران والتي تسعى الأخيرة إلى تطويرها بعد ان عبّرت غير مرة، انها تسعى إلى تطويرها وتوسيعها لتشمل مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية، لافتة إلى حجم التفاوت ما بين العلاقات السياسية والاقتصادية، حيث قدر حجم الميزان التجاري لعام 2021 بـ 4 مليارات دولار فقط، والذي تطمح طهران إلى زيادته لبلوغ حد الـ 20 مليار دولار سنوياً، وهو ما أشار إليه رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى الإيراني، محمد رضا بور إبراهيمي، والذي بانت ملامحه الأولى بالخطوة التي قام بها الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا والتي نتج عنها توقيع مجموعة اتفاقيات، خاصة في مجال توسيع حقول الغاز والنفط الإيرانية وإنشاء مصافي بتروكيماويات، إضافة لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة لمدة 20 عاماً والمنتظر عقدها قريباً.
* الخنادق