صوّت مجلس النواب الاميركي لمصلحة مشروع قانون لتمويل الحكومة موقتاً، لمدة 45 يوماً، بأغلبية 335 في مقابل 91 اعتراضاً، وأرسله إلى مجلس الشيوخ، في حلّ موقت لأزمة الإغلاق الفدرالي، والتي هددت قطاعات واسعة في البلاد.
وتمّ التصويت على مشروع قانون التمويل الموقت للحكومة الأميركية، مع إزاحة البند الخلافي المتعلق بدعم أوكرانيا بأكثر من 6 مليارات دولار، وترحيله إلى مرحلة زمنية لاحقة، بينما يُنتظر أن تتم مناقشة المشروع في مجلس الشيوخ قبل التصويت عليه هناك أيضاً.
وجاء ذلك بعد أن قال رئيس مجلس النواب الجمهوري، كيفن مكارثي، في وقت سابق اليوم، إنّه “سيَجري تصويت اليوم السبت على إجراء جديد، من شأنه أن يُبقي خدمات الحكومة متاحة لمدة 45 يوماً أخرى، عند مستويات الإنفاق الحالية، لكن من دون أي مساعدة لأوكرانيا”.
وسيتطلب تمرير مشروع القانون دعماً واسعاً من النواب الديمقراطيين.
وقال مكارثي، في خطاب، اليوم السبت، متوجهاً إلى “الجمهوريين والديموقراطيين، على حدّ سواء: ضعوا تحزّبكم جانباً، وفكروا في الأميركيين”، مؤكداً أنّه “إذا أراد الرئيس جو بايدن ممارسة ضغط ضد المشروع، فإن الإغلاق يقع على عاتقه”.
وكانت الولايات المتحدة، اليوم السبت، على بعد ساعات فقط من إغلاق فدرالي واسع، بينما طرح الجمهوريون والديمقراطيون إجراءات موقتة متعددة لمنع الإغلاق، والذي من شأنه أن يطال مسائل تبدأ من الوصول إلى المتنزهات الوطنية، ولا تنتهي بدعم واشنطن الهائل لأوكرانيا.
ملايين الموظفين كانت رواتبهم مهدَّدة
وهدّد الإغلاق جميع الخدمات الحكومية باستثناء الحيوية منها، مع فشل المشرعين في التوصل إلى اتفاق حتى الساعات الأخيرة، قبيل انتهاء مفعول القانون السابق، لأول مرة منذ عام 2019. وكان سيتمّ، على إثره، إرجاء تسديد رواتب الملايين من الموظفين الفدراليين والعسكريين.
وخيّمت طوال الأيام الماضية، حال المراوحة على غرفتي الكونغرس – النواب والشيوخ – إذ رفضت مجموعة صغيرة من النواب الجمهوريين المتشددين أيّ تدبير موقت من شأنه تجنيب الإغلاق.
بدوره، أصرّ البيت الأبيض على أن المفاوضات الحقيقية يجب أن تكون بين مكارثي والمتشددين الجمهوريين، الذين أبطلوا إجراء تمويل موقت الجمعة، الأمر الذي أثار فوضى متزايدة داخل الحزب الجمهوري، قبل الانتخابات الرئاسية، العام المقبل.
من جهته، قال بايدن، صباح السبت، عبر حسابه في منصة “أكس”، إنّ “هناك في الكونغرس الآن من يزرع كثيراً من بذور الانقسام. وهؤلاء على استعداد لإغلاق الحكومة الليلة”، مؤكداً أنه “أمر غير مقبول”.
وكان من المتوقع أن يصوّت مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، على مشروع قانون موقت منفصل في وقت لاحق اليوم السبت، يتضمن مواصلة تمويل دعم أوكرانيا، بينما تلقّى مكارثي إنذارات بإقالته من منصبه في حال سمح بتمرير مثل ذلك القانون في مجلس النواب.
ورداً على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق من تهديدات الجمهوريين المتشددة بإقالته من منصبه، إذا تمّ تمرير مشروع قانون في مجلس النواب بدعم من الديمقراطيين، أجاب مكارثي بأنه “إذا أراد شخص ما إقالتي، لأنني أريد أن أكون الشخص الراشد في الغرفة، فليتفضّل ويحاول”.
استمرار القلق قد يتسبب باضطرابات
وفي حين ستتواصل جميع الخدمات الحكومية الحيوية بعد إقرار التمويل الموقت لمدة 45 يوماً، لكنّ استمرار القلق المرتبط بهذا الأمر، فترة طويلة، قد يتسبب باضطرابات.
وقالت مديرة المجلس الوطني الاقتصادي في البيت الأبيض، لايل براينارد، إنّ الإغلاق “يضع أكبر اقتصاد في العالم أمام خطر لا داعي له”، كما حذّرت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، من أنّ أي إغلاق “قد يؤدي إلى تأخير أعمال تحديث البنى التحتية”.
وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في تقرير صادر الجمعة، إنه “على المدى القريب، فإن الإغلاق الحكومي لن يؤدي إلّا إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 نقطة مئوية في كلّ أسبوع يستمر فيه”.
وأضاف التقرير أنه “مع ذلك، فإنّ وقف الوظائف التجارية الحيوية للولايات المتحدة سيقوّض أيضاً صدقية الولايات المتحدة الشاملة كشريك تجاري، ويعوّق المفاوضات الجارية ويعرقل قدرات إنفاذ مراقبة الصادرات”.
تساؤلات كبرى بشأن أوكرانيا
وتُلقي هذه الأزمة ظلالها على سياسة بايدن بشأن تسليح أوكرانيا وتمويلها في مواجهة روسيا، إذ يطالب الجمهوريون المتشددون، والذين يعرقلون الميزانية، بوقف المساعدات لكييف.
وبينما تستمر أغلبية الجمهوريين في الكونغرس في الوقوف خلف الدعم الأميركي لأوكرانيا، سيثير خطر الإغلاق تساؤلات على الأقل بشأن الجدوى السياسية لتجديد تدفق مساعدات قيمتها مليارات الدولارات.
وبحسب التقارير ، تجاوز الدين العامّ الأميركي، في وقت سابق من هذا الشهر، 33 تريليون دولار لأول مرة في التاريخ الأميركي. وفي الأسبوع الأول الذي أعقب هذا الحدث التاريخي فقط، أُضيفت 100 مليار دولار إلى هذه الأرقام، إذ تشير هذه الأرقام إلى أن كل رجل وامرأة وطفل في البلاد مَدين بأكثر من 100 ألف دولار، ومعظمها لا سيطرة لهم عليها.
وتُظهر أحدث البيانات أنّ الديون مستمرة في الارتفاع، على نحو يزيد على 14 مليار دولار يومياً.
كما يوضح التقرير أنّ تمويل الحكومة مشروعَ قانون تمويل موقت، يستمرّ حتى تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سينقل المعركة إلى السياسة الخارجية الأميركية، بين الديمقراطيين الذين يريدون الاستمرار في دعم أوكرانيا، والجمهوريين الذين يريدون تمرير مشروع القانون من دون تقديم أي أموال إلى أوكرانيا.
ومع اقتراب الولايات المتحدة من بدء عامها المالي الجديد في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، لم يوافق الكونغرس بعدُ على ميزانية إنفاق وزارة الدفاع لعام 2024، البالغة 826 مليار دولار، بينما، في الوقت نفسه، وفقاً لشبكة “سي بي أس نيوز”، تقدّم الولايات المتحدة حالياً رواتب إلى أكثر من 57 ألف أوكراني يدّعون أنهم جنود، مثل رجال الإطفاء والمسعفين، بحسب التقرير.
ويؤكد التقرير أنّ الموعد النهائي للإغلاق لم يكن الأمر الوحيد الذي يطارد الحكومة فحسب، “بل الشعب أيضاً. فالأمر الكبير التالي هو الجولة المقبلة من الانتخابات عام 2024، المقرر انطلاقها في تشرين الثاني/نوفمبر، بحيث يعاني الأميركيون البطالة، والتي، وفقاً لوزارة العمل، زادت هذا الأسبوع بمقدار 2000 مطالبة عن الأسبوع الماضي، وتتزامن مع ارتفاع التضخم، ومع ارتفاع أسعار الفائدة، وقضايا الديون الائتمانية.