أعلن القائمون على “أسطول الصمود العالمي” لكسر الحصار عن قطاع غزة، اليوم الأربعاء، أن سفنهم ستواصل الإبحار باتجاه القطاع على الرغم من “مناورات ترهيب” نفذتها قطع حربية صهيونية خلال الليل، إلى جانب ضغوط أوروبية متزايدة لحملهم على التوقف قبل دخول ما يعتبره الكيان الصهيوني “منطقة محظورة”.
ويضم الأسطول نحو 50 سفينة على متنها مئات الناشطين الدوليين من أكثر من 40 دولة، محمّلين بمساعدات إنسانية تشمل حليب الأطفال ومواد غذائية وأدوية، ويؤكد المنظمون أن مهمتهم “سلمية وغير عنيفة” هدفها إيصال الإمدادات إلى سكان قطاع غزة المحاصرين.
وقد شارك في هذه المبادرة شخصيات بارزة، بينها حفيد نيلسون مانديلا، ماندلا مانديلا، والناشطة السويدية غريتا تونبرغ، والنائبة الأوروبية الفرنسية ريما حسن، ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، والمئات من الناشطين الرافضين لحرب الإبادة الصهيونية على غزة.
وبحسب بيان الأسطول، تعرّضت السفينة الإسبانية “ألما”، إحدى أبرز سفن القافلة، لعملية ملاحقة من سفينة حربية صهيونية اقتربت منها “بشكل عدائي لعدة دقائق”، ما أدى إلى تعطيل أنظمة الاتصالات واضطرار القبطان لإجراء مناورة سريعة لتفادي الاصطدام.
وأضاف البيان أن السفينة الصهيونية كررت السلوك ذاته تجاه سفينة “سيريوس” لفترة طويلة قبل أن تنسحب. النائبة الفرنسية ماري ميسمور، المتواجدة على متن “سيريوس”، وصفت المشهد بأنها شاهدت “سفينتين مجهولتين على الأقل، كانت إحداهما قريبة للغاية، ووجهت ضوءًا مبهرًا نحو السفينة”، وأكدت أنه بالتزامن “انقطعت الاتصالات عبر الرادار والإنترنت”، ما استدعى رفع حالة التأهب على متن القارب.
وأكد المنظمون أن هذه الحوادث تأتي استكمالًا لهجمات سابقة استهدفت الأسطول خلال الأسابيع الماضية، بينها هجوم بمسيّرات وقنابل حارقة ليلة 23 و24 أيلول/ سبتمبر، إضافة إلى هجومين بمسيّرات على سفن كانت راسية في ميناء سيدي بوسعيد التونسي في التاسع من الشهر ذاته.
وكان الأسطول قد انطلق أولًا من إسبانيا مطلع أيلول/ سبتمبر، قبل أن تبحر مجموعة ثانية من تونس منتصف الشهر. ومنذ ذلك الحين، واجه المشاركون سلسلة من الاعتداءات البحرية والجوية، فضلًا عن حملات ضغط متكررة لثنيهم عن الوصول إلى شواطئ غزة.
وفي بيانات سابقة، أُعلن عن دخول السفن مناطق وُصفت بأنها “عالية المخاطر” قبالة سواحل مصر، وتعرضت خلالها أنظمة الاتصالات للتشويش، كما أُعلنت حالة الطوارئ على متن سفينة “ألما” تحسبًا لتهديدات صهيونية محتملة.
“أسطول الصمود”: تجاوزنا موقع اعتراض “مادلين” والتهديدات عززت إصرارنا
وبحسب أحدث موقع أعلنه المنظمون، بات الأسطول على بُعد 90 ميلا بحريا (نحو 166 كيلومترا) فقط من قطاع غزة. وذكر الأسطول عبر حسابه على منصة “إكس”، أنه يواصل الإبحار نحو غزة في “منطقة الخطر الشديد”، في إشارة إلى المنطقة التي يعترض فيها الكيان الصهيوني عادة السفن.
وأكد منظمو “أسطول الصمود” أن المشاركين “بقوا هادئين واتبعوا كافة إجراءات السلامة المناسبة” بعد “ليلة من أساليب الترهيب التي مارستها البحرية الإسرائيلية”، وذلك في بيان مقتضب نشر على الصفحة الرسمية في منصة “تليغرام”.
وجاء في بيان الأسطول أن “صلابتنا والتزامنا حملا الأسطول عبر الظلام. هذه التهديدات لم تثننا، بل زادت من عزيمتنا على الاستمرار. نبحر بإصرار متجدد لكسر الحصار، وإيصال المساعدات، وتجسيد مهمتنا في التضامن السلمي مع شعب غزة”.
وأضاف المنظمون أن “الجميع في أمان في الوقت الحالي، وقد تجاوزنا النقطة التي جرى فيها اعتراض سفينة ’مادلين‘ سابقا، لكننا ما زلنا متأهبين”.
وعند الساعة 08:30 بتوقيت القدس، كان الأسطول قد أعلن أنه كان متمركزًا شمال السواحل المصرية، على بعد 120 ميلاً بحريًا تقريبًا (220 كيلومترًا) من قطاع غزة. وأكد المنظمون أنهم “سيواصلون مسارهم غير عابئين بالتهديدات وأساليب الترهيب الإسرائيلية”.
في الأثناء، اتخذت إسبانيا وإيطاليا واليونان خطوات علنية للضغط على المشاركين. فقد أرسلت روما ومدريد سفنًا عسكرية لمرافقة الأسطول في البحر المتوسط، لكنهما شددتا على أن هذه المرافقة لن تتجاوز حدود 150 ميلاً بحريًا من غزة، وهي المسافة التي أعلن العدو الصهيوني كمنطقة محظورة. وطالبت مدريد وروما الأسطول بالتوقف والتخلي عن مهمته.
واقترحت إيطاليا واليونان، الأربعاء، على أسطول الصمود العالمي، باعتماد طرق بديلة لإيصال المساعدات الإنسانية التي على متن سفنها، إلى قطاع غزة، “بشكل آمن”. جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن وزيري خارجية إيطاليا، أنطونيو تاغاني، واليونان، يورغوس يرابتريتيس، بحسب ما نشرت الخارجية الإيطالية.
وأكد البيان المشترك أن روما وأثينا تتابعان عن كثب التطورات المتعلقة بأسطول الصمود. وطالب السلطات الإسرائيلية “بضمان أمن وسلامة النشطاء المشاركين في أسطول الصمود، والسماح بجميع إجراءات الحماية القنصلية”.
كما دعا البيان المشاركين في الأسطول، إلى اعتماد طرق بديلة لإيصال المساعدات إلى غزة، وذلك عبر تسليمها للبطريركية اللاتينية في القدس، على أن توزع على فلسطينيي القطاع “بشكل آمن”.
بدوره، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الكيان الصهيوني إلى “عدم تشكيل تهديد” على أسطول الصمود العالمي، مؤكدا أنه يجري مهمة إنسانية. جاء ذلك في تصريحات للصحافيين، الأربعاء، حيث أفاد أنهم على تواصل مع أعضاء الأسطول.
وشدد على أن الأسطول هو مهمة إنسانية، قائلا “نحن نتحدث عن أكثر من 500 شخص، هؤلاء لم يشكلوا في أي وقت من الأوقات أي خطر أو تهديد على إسرائيل. ولهذا آمل ألا تُشكل حكومة (بنيامين) نتنياهو أي تهديد لهذا الأسطول”.
وأشار أن بلاده أرسلت فرقاطة إلى المنطقة لأغراض الإنقاذ وتقديم المساعدات الإنسانية، وأن المواطنين الإسبان على متن الأسطول سيكونون “تحت الحماية الدبلوماسية اللازمة”. وأضاف: “لو أن الحكومة الإسرائيلية سمحت بدخول وتوزيع المساعدات الإنسانية التي نسقتها الأمم المتحدة، لما كانت هناك حاجة لمثل هذه المهمة”.
كما دعت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مساء الثلاثاء، إلى “التوقف حالًا” لإتاحة المجال أمام جهود سياسية، مشيرة إلى خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن غزة. وردّ المنظمون على ذلك باتهام روما بمحاولة “تقويض مهمة إنسانية سلمية” والانحياز لإسرائيل.
وفي بيان منفصل نُشر عبر منصة “إكس” عند الفجر، أشار القائمون على الأسطول إلى أنهم “سيتوخون الحذر عند دخول المنطقة التي تعرضت فيها أساطيل سابقة للاعتراض أو الاعتداء”، في إشارة إلى سفينتي “مادلين” و”حنظلة” اللتين تم اعتراضهما في حزيران/يونيو وتموز/يوليو الماضيين.
ودعت جنوب إفريقيا، الأربعاء، إلى “التروي والحماية” للأسطول، معتبرة أن “الأمان والسلامة الجسمية للمشاركين غير المسلحين لها أهمية قصوى” وأن “أي تدخل عسكري أو احتجاز للسفن سيكون انتهاكا جسيما للقوانين الدولية”.
اشترك وانظم ليصلك آخر الأخبار عبر منصات العين برس على مواقع التواصل الإجتماعي :