في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي كشف رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، عن ان “دولا صديقة” ضغطت بقوة على إسلام آباد من أجل دفعها إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، وان “هناك أمورا تتعلق بالدول التي اعترفت بإسرائيل، ولن نتناولها بحكم الصداقة، ولا نريد الإساءة لها”. وشدد خان ان “الفلسطينيين أصحاب قضية ظُلموا وحُرموا من حقوقهم واغتُصِبت أراضيهم”.
بعد ذلك بفترة قصيرة، وفي شهر بريل / نيسان الماضي، كشف عمران خان عن تعرضه لضغوط وتهديدات امريكية علنية، وصلت الى حد التصفية الجسدية، لرفضه السماح ببناء قواعد امريكية في باكستان، وكذلك رفضه مماشاة السياسة الامريكية ازاء روسيا، ورفضه التطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
وقال خان حينها بالحرف الواحد:”تلقيت رسالة تهديد من اميركا، لقد هددت باسقاط حكومتي لانني رفضت اقامة قواعد عسكرية لها على ارضنا وقد طلبت من وزير خارجيتنا مع ازدياد التوتر تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة..اننا نتعرض لمؤامرة دول اجنبية “.
الاعلام الامريكي والاسرائيلي والعربي الرجعي، سعى للاستخفاف بتصريحات خان، وتسويقها على انها محاولة منه لتجييش الشارع الباكستاني ضد عزله من قبل البرلمان، ولكن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، نشر مؤخرا تقريرا، أكد فيه ما كان يحذر منه خان، وكشف عن ان الرجل كان صادقا في كل ما قاله، عن وجود مؤامرة للتخلص منه بهدف فتح الطريق امام باكستان للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، والإتيان بحكومة تنفذ الاوامر الامريكية بحذافيرها، وتبتعد عن روسيا والصين، وتقترب اكثر من امريكا و”اسرائيل” والسعودية والامارات.
التقرير اشار الى ان باكستان بعد عمران خان، ستكون مضطرة للمُضي بالتطبيع، والسير وراء دول الخليج الفارسي المُطبّعة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، للحصول على مساعدات دول مثل السعودية والامارات، وهي الدول التي ضغطت على خان للقبول بالتطبيع، والتي لم يسميها، والتي طلبت منه، كالسعوديّة، إعادة وديعة بمبغ 3 مليارات دولار، وهو طلب نفذه خان، في الوقت الذي كانت باكستان تشهد تراجعا اقتصاديا، وارتفاعا غير مسبوق في أسعار الوقود، والمواد الغذائية.
اكد الموقع البريطاني ان الإطاحة بخان تمت عبر مؤامرة أمريكية، إسرائيلية، هندية، وهذا ما يفسر تبدل الخطاب الرسمي الباكستاني في ظل حكومة شهباز شريف، المقرب من السعودية والامارات، وهو تبدل يؤكد المُخطط المُسبق للتخلص من خان، الذي مازال يُطالب بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، وان كان البعض يرى أن حُظوظه بالعودة لرئاسة الحكومة، باتت تتراجع، في ظل عدم رغبة الجيش الباكستاني التدخل لصالحه، بعد حصول قائد هذا الجيش على وسام الدرجة الممتازة في السعودية، ومن شخص ولي العهد محمد بن سلمان.
الاسباب التي تدفع السعودية للإستماتة بهذه الطريقة لدفع باكستان للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، لم يتطرق اليها تقرير موقع “ميدل إيست آي”، ومن المؤكد ان هم أسباب هذه الاستماتة، التي تجاهلها التقرير، هو رفع الحرج عن السعودية في حال طبعت هي مع “اسرائيل”، فوقع التطبيع السعودي مع “اسرائيل”، لن يكون بذات القوة، في ظل تطبيع أكبر دولة اسلامية نووية مهمة مثل باكستان مع “اسرائيل”، لذلك نرى ان التطبيع الباكستاني مع الكيان الاسرائيلي، سيكون مقدمة وتمهيدا لتطبيع السعودية مع هذا الكيان.
المصدر: العالم