واشنطن تستبدل «حارس الازدهار»: تعويض الفشل… بالميليشيات المحلية
العين برس/ مقالات
رشيد الحداد
في الوقت الذي خلا فيه البحر الأحمر من أي وجود عسكري لقوات تحالف «حماية الازدهار» الذي تقوده الولايات المتحدة، فشلت المحاولات الأميركية لتشكيل قوات خفر سواحل تابعة للحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي (حكومة عدن)، في خطوة أرادت واشنطن من ورائها ملء الفراغ في البحر الأحمر، وتمكين شركائها في اليمن من فرض سيطرة بحرية على السواحل الغربية والشرقية للبلاد.
فقد اصطدمت تلك المحاولات بالانقسام الداخلي بين الفصائل المسلحة الموالية لدول «التحالف»، والتي رفضت العمل تحت إشراف وزارة الدفاع التابعة للحكومة المعترف بها دولياً في مدينة عدن، رغم موافقة رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، في لقاء سابق مع السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، على إشراك جميع الفصائل – الممثلة بتشكيلات «الانتقالي» و«طارق صالح» و«درع الوطن» الموالية للسعودية، بالإضافة إلى مجموعات حكومية تتبع وزارة الدفاع -، في القوات البحرية العتيدة.
وفي السياق، أفادت مصادر مقربة من حكومة عدن، في حديث إلى «الأخبار»، بأن قادة الفصائل، وهم أيضاً أعضاء في «المجلس الرئاسي»، برّروا ذلك الرفض بـ«عدم تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض الموقّع بين حكومة عدن و«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، في الخامس من تشرين الثاني 2019، والذي يلزم جميع الأطراف الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي بدمج التشكيلات المسلحة الموجودة في المحافظات الجنوبية تحت إطار وزارة الدفاع التابعة للحكومة المعترف بها دولياً».
ورغم قيام الجانب الأميركي بإجراء عدة اتصالات في هذا الشأن مع قادة الفصائل العسكرية المنقسمة، وكذلك عقد عدة لقاءات، أحدثها جمع السفير الأميركي بعضو المجلس الرئاسي، عثمان مجلي، في الرياض، لم تتمكن السفارة الأميركية من إقناع أولئك القادة بتنفيذ رؤية «البنتاغون» بشأن تدريب وتأهيل وتسليح قوات خفر سواحل حكومية تتبع لوزارة الدفاع في عدن.
وإثر هذا الفشل، وتحت الضغط العسكري لقوات صنعاء التي صعّدت عملياتها أخيراً ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، وآخرها السفينة «سونيون»، وفرضها سيطرة شبه كاملة على البحر الأحمر، فضلاً عن تمدد نطاق سيطرتها إلى مناطق تقع تحت سيطرة الفصائل الموالية لـ«التحالف» في باب المندب وخليج عدن، عدّلت واشنطن خطتها، ودفعت الأسبوع الجاري بسفيرها فاجن، مجدداً، إلى عقد عدة لقاءات تهدف إلى تحريك ملف إنشاء القوات البحرية، ولكن هذه المرة مع الفصائل الموالية للإمارات في المحافظات الجنوبية.
يأتي ذلك في وقت يشتد فيه التنافس بين تلك الفصائل على الاستحواذ على الدعم الأميركي العسكري، والذي يتضمن تمويل وتدريب وتأهيل وتسليح قوات خفر سواحل محلية تتكون من عدة فرق عسكرية، علماً أن الجماعات المسلحة التي كانت قد رفضت فكرة «الدمج»، فتحت خطوط تواصل مع الجانب الأميركي وقدّمت عروضَ منافَسةٍ لتولّي المهمة.
عدّلت واشنطن خطّتها بالاتجاه إلى إنشاء قوات خفر سواحل من الفصائل الموالية للإمارات
وفي هذا الإطار، دفع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بنائب رئيسه فرج البحسني، إلى زيارة الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي. وخلال الزيارة التي اتّسمت بالسرّية نوعاً ما، تمكّن البحسني من إجراء عدة لقاءات مع مسؤولين أميركيين، وإقناعهم بأهمية دعم قوات خفر السواحل التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، كون تلك القوات هي التي تفرض سيطرتها على سواحل واسعة في خليج عدن والبحر العربي وتسيّر دوريات يومية. وفي أعقاب زيارة البحسني، الذي يعدّ أحد رجال واشنطن في المحافظات الجنوبية، أجرى فاجن، خلال الساعات الماضية، عدة لقاءات مع قادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، وليس بصفتهم أعضاء في «المجلس الرئاسي».
وبحسب ما تداولته وسائل إعلامية مقرّبة من «الانتقالي»، عقد ستيفن، السبت الماضي، في العاصمة الإماراتية، أكثر من لقاء؛ الأول مع رئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي، بصفته القائد العام للقوات العسكرية الجنوبية، رغم أنه يشغل منصب نائب رئيس «الرئاسي»، والثاني مع نائب «الانتقالي»، عبد الرحمن المحرمي، وهو قائد «ألوية العمالقة الجنوبية»، ويمتلك نفوذاً عسكرياً يمتد من مدينة عدن حتى السواحل الغربية والشرقية للبلاد.
وتركزت مناقشات اللقاءين على «الجانب العسكري وحماية الملاحة الدولية في البحرَين الأحمر والعربي، وكذلك خطورة تصاعد هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن في البحر الأحمر، بالإضافة إلى «مكافحة الإرهاب» وعناوين أخرى، من مثل مسار السلام». وفي السياق، يرى «المجلس الانتقالي» أن تلقّيه دعماً أميركياً لإنشاء قوات خفر سواحل جنوبية يندرج في إطار الاعتراف الضمني بمشروع فك الارتباط، الأمر الذي سيمكّنه، بضوء أخضر أميركي، من توسيع نفوذه البحري على حساب الفصائل الأخرى.
المصدر: جريدة الاخبار