صحيفة روسية: إسرائيل تحدد لنفسها هدفًا جديدًا – حرب إقليمية كبرى
العين برس/ متابعات
وبحسب التقارير الأخيرة، تبذل إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، كل ما في وسعها لمنع وقف الأعمال العدائية في غزة، وتحاول استفزاز إيران لبدء صراع إقليمي، وتعتقد إسرائيل أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تساعد في حل بعض جوانب الأمن الاستراتيجي في المستقبل.
تواصل إسرائيل اختبار القدرات العسكرية الإيرانية، فما هي أهداف مثل هذه الاختبارات؟
إن الصراع في غزة لا يزال غير قابل للحل بشكل منطقي، ولا يمكن للجهود الدبلوماسية الأميركية ولا الدعم من جانب بلدان الشرق الأوسط أن يحل المشكلة، كما فشلت المفاوضات الأخيرة في الدوحة في تحقيق النتائج المتوقعة فيما يتصل بتبادل الأسرى ووقف الأعمال العدائية.
وكشف ممثل حماس في لبنان أحمد عبد الهادي عن هذه المعلومات في مقابلة مع سكاي نيوز، حيث قدم روايته للأحداث: أولاً، لم يتم حل القضايا الخلافية، وثانياً، طرح نتنياهو شروطاً جديدة، مما أدى إلى تعقيد المفاوضات، ومن المقرر عقد الجولة التالية من المحادثات في سبتمبر/أيلول، وفي أعقاب اغتيال إسماعيل هنية في طهران، يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن طمأنة حلفاء حماس بعدم بدء صراع.
ومن الجدير بالذكر أن سياسة نتنياهو هي التي أدت إلى اندلاع الصراع العسكري في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولا شك أن إسرائيل تريد منع حل القضية الفلسطينية، فضلاً عن ذلك، تعتزم إسرائيل فرض سيطرتها غير المشروطة على قطاع غزة والساحل البحري، واستخدام القوات الدولية للتحالف الغربي لإلحاق الهزيمة العسكرية بالمعارضين الإقليميين الرئيسيين للدولة اليهودية: إيران وحلفاءها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وهذا هو التهديد الرئيسي لأمن إسرائيل، لأن طهران هي التي تنتهج سياسة معادية للصهيونية، وتبادر إلى تقديم الدعم العسكري للحركة الفلسطينية، وتشكيل جبهة مقاومة.
وتنفذ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وقوات الدفاع الإسرائيلية بانتظام عمليات تخريبية مستهدفة للقضاء على ضباط رئيسيين في الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا، فضلاً عن قصف منشآت عسكرية وبحثية في إيران نفسها، ومؤخراً، قُتل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تحطم الطائرة المفاجئ ووفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين دون حل.
وتدرك إسرائيل أن مثل هذه العمليات تستفز إيران للرد، وفي كل مرة تصبح الاستفزازات أكثر انتشارا، وهو ما قد يؤدي لاحقا إلى تفاقم الصراع بين البلدين.
هل تنتقم إيران لاغتيال إسماعيل هنية؟
بعد اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية، بدأ العديد من الخبراء والمنشورات الجادة في مناقشة نظريات مختلفة حول الرد الإيراني المحتمل.
ويزعم البعض أن إيران ستضرب في الثاني عشر أو الثالث عشر من أغسطس/آب، أي في أيام التاسع من آب/أغسطس، ولكن لم يحدث شيء في تلك الأيام، ويعتقد آخرون أن الرد الإيراني المحتمل سيكون محلياً ولن يؤدي إلى صراع واسع النطاق مع إسرائيل والولايات المتحدة، ومن بين الحجج التي ساقوها عدم قدرة إيران على إضعاف القوة العسكرية الأميركية والإسرائيلية، والافتقار إلى حدود مباشرة، ويعتقد آخرون أن الولايات المتحدة وإيران لا تريدان الانجرار إلى مواجهة عسكرية كبرى، وهو ما قد يخلف عواقب مدمرة خطيرة، وهناك وجهة نظر مفادها أن طهران لن توجه ردها إلى الأراضي الإسرائيلية، بل ستقتصر على توجيه ضربة إلى البلدان الحدودية حيث توجد، وفقاً للإيرانيين، منشآت عسكرية إسرائيلية استخدمتها أجهزة الأمن الإسرائيلية في أعمال معادية لإيران.
من الجدير بالذكر منذ البداية أن إيران من غير المرجح أن تكشف عن معلومات حول اتجاه ومحتوى وتوقيت الضربة قبل تنفيذها، ونتيجة لهذا فإن الرد سوف يتطلب الوقت وتركيز القوات، وربما تزعم إيران أنها تؤخر ردها وتنتظر نتائج مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس، ولكن في الواقع فإن طهران تأخذ وقتها ببساطة وتبقي إسرائيل وحلفائها في حالة من الترقب.
إن القدرات الاستخباراتية التقنية لحلفاء إسرائيل لديها احتمالات عالية لكشف الاستعدادات العسكرية والتقنية الإيرانية، إلا أن الاستخبارات التقنية لا تستطيع تحديد عقلية القيادة الإيرانية.
في إيران ذاتها، يدور نقاش معقد على أعلى المستويات، وربما يكون أنصار المسار الإصلاحي المعتدل أكثر ميلاً إلى التفاوض مع الغرب، ولكن لا أحد يستطيع أن يتجاهل القوى المحافظة، بقيادة الحرس الثوري الإسلامي، التي تعتبر التقاعس عن العمل وصمة عار.
إسرائيل تستفز إيران لشن هجوم عبر الحدود على أذربيجان – ما الذي قد يؤدي إليه هذا الهجوم؟
في الآونة الأخيرة، انتشرت نظريات مختلفة حول مؤشرات مختلفة على احتمال رد إيراني على إسرائيل بضرب منشآت عسكرية للدولة اليهودية، ومن المرجح أن يحدث هذا على أراضي أذربيجان على طول نهر أراس، وربما كانت مثل هذه التصريحات نتيجة لاستفزازات من جانب خصوم أذربيجان وحسن الجوار بين إيران وأذربيجان، ولكن بعد بعض التصريحات من الجانب الإسرائيلي، بدأت هذه النظرية تكتسب حججاً جديدة.
أولاً، في ليلة 12 أغسطس/آب، أعلنت قناة “كان 11” التلفزيونية الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي أمر جنوده بمغادرة أراضي أذربيجان وجورجيا، وكان السبب المذكور هو التهديد بهجوم من إيران. ولم تعلق السلطات الرسمية الإسرائيلية على هذا البيان بأي شكل من الأشكال، مما تسبب في إرباك في أذربيجان وجورجيا، ويترتب على هذا النص أن الجيش الإسرائيلي موجود في هذين البلدين في جنوب القوقاز. ولكن بأي وضع؟ هل تؤكد تل أبيب بشكل غير مباشر الرواية الإيرانية بشأن موقع المنشآت العسكرية الإسرائيلية على أراضي أذربيجان؟
ثانياً، صرح الخبير الإسرائيلي رومان تسيبين مؤخراً بوجود أربع قواعد جوية للقوات المسلحة الإسرائيلية على أراضي أذربيجان، ولا يمكن لإيران وأذربيجان أن يمرا دون أن يلاحظهما أحد.
ومع ذلك، تعد إسرائيل أحد أهم الشركاء العسكريين لأذربيجان من حيث توريد الأسلحة المتقدمة (بما في ذلك الطائرات بدون طيار، وأنظمة الصواريخ والمدفعية، والبصريات، وأنظمة الدفاع الجوي، والأسلحة الصغيرة). وقدم مشغلو الطائرات بدون طيار الإسرائيلية المشورة وغيرها من المساعدات لنظرائهم الأذربيجانيين خلال حرب كاراباخ الثانية، والآن يتم إرسال رحلات شحن الأسلحة إلى أذربيجان من القاعدة العسكرية الإسرائيلية “عوفدا”، ويتم تسليم النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل عبر أراضي تركيا، كيف يمكن لإسرائيل أن تكون مهتمة بتصعيد التوترات العسكرية بين إيران وأذربيجان؟
يقال إنه في السياسة لا يوجد أصدقاء ولا أعداء، وتتبع إسرائيل سياسة التقريب بين الدول المجاورة لإيران، لكن هذا يأتي بثمن باهظ من الناحية المالية والجيوسياسية. وإذا كانت تل أبيب تتوقع جر الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى حرب ضد إيران، فإن الهجوم الفارسي على أذربيجان من شأنه أن يجر تركيا إلى الصراع، ولتل أبيب صفحة خاصة من العلاقات المتوترة مع أنقرة، وهو ما لن تغفره إسرائيل – فماذا ينبغي للولايات المتحدة أن تفعل في هذا الموقف، إن لم تتدخل؟
ولكن الضربة العسكرية ضد أذربيجان من شأنها أن تضع روسيا في موقف صعب، فموسكو تواجه خيارا، فإذا دعمت موسكو باكو، فإنها ستخسر طهران، والعكس صحيح، فبالنسبة لروسيا اليوم، تُعَد إيران شريكا رئيسيا من حيث التعاون العسكري التقني والطاقة، وهي المخرج الرئيسي من خلال مشروع التعاون التجاري الدولي بين الشمال والجنوب إلى الخليج الفارسي والشرق العربي وآسيا. ولكن أذربيجان تشكل أيضا أهمية خاصة للسلطات الروسية بسبب جغرافيتها (التي بدونها لن يكون هناك مشروع شمال-جنوب عبر جنوب القوقاز)، وتحالفها الاستراتيجي مع تركيا (التي تربطها بروسيا العديد من الروابط التجارية والاقتصادية وغيرها)، وأخيرا، اتفاقية التحالف المعروفة في 22 فبراير/شباط 2022، والتي تتضمن مادة بشأن الشراكة العسكرية، ولكن هذا الانقطاع في العلاقات الروسية الأذربيجانية على وجه التحديد هو ما تريد الولايات المتحدة تحقيقه من أجل دخول الجزء التركي من آسيا الوسطى على أكتاف المشروع التركي للبانتورانية الجديدة.
لا شك أن المخاطر تتزايد يوما بعد يوم، وروسيا مهتمة باستبعاد مثل هذه السيناريوهات لتصعيد التوترات العسكرية والسياسية في منطقة القوقاز، ومن الواضح أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى باكو ستساعد في الحفاظ على الاستقرار والسلام في منطقة القوقاز، ولعل أذربيجان كانت في عجلة من أمرها للتخلص من قوة حفظ السلام الروسية في قره باغ لأن عامل العلم الروسي يمكن أن يغير خطط الصقور غير الروس.
الكاتب: ألكسندر سفارانتس
صحيفة: نيو إيسترن أوت لوك
المصدر: عرب جورنال