غزة محاصرة والإمارات تنقذ مؤسسات “إسرائيلية” من الإفلاس
العين برس/ مقالات
جمال واكيم
في الوقت الذي يشتد فيه الحصار على أهل غزة، ويتهدّد الجوع نحو مليوني فلسطيني عالقين تحت رحمة آلة حرب العدو الصهيوني في ظل انتهاجه سياسة إبادة جماعية، وفي الوقت الذي تشترك فيه معظم الحكومات العربية في تشديد هذا الحصار المضروب على الفلسطينيين، ينتشر خبر تدخّل الإمارات العربية المتحدة لإنقاذ رجل أعمال صهيوني من الافلاس. الخبر الذي انتشر، في وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية يتحدث عن استثمار الإمارات العربية المتحدة عبر “صندوق أبو ظبي الاستثماري” بمبلغ مليار دولار أميركي في مؤسسات قطب الإعلام “الإسرائيلي” باتريك دراحي ما سيساعده على تجنّب الافلاس.
في تفاصيل الخبر أنّ الإمارات العربية المتحدة اشترت عبر “صندوق أبو ظبي” أسهمًا في “دار سوثبيز”، وهي إحدى مؤسسات إدارة المزادات الرائدة في العالم للقطع الفنية والتحف النادرة. إذ قال حمد الحمادي، وهو نائب الرئيس التنفيذي لصندوق أبو ظبي، إنّ الاستثمار في “سوثبيز” يؤكد الإيمان الراسخ بهذه العلامة التجارية والمنصة الرائدة في السوق وقدرة إدارتها على تنميتها. أما الرئيس التنفيذي لشركة “سوثبيز” تشارلز ستيوارت، فقد قال إنّ الشراكة مع الصندوق ستمكّن “سوثبيز” من تسريع مبادراتها الاستراتيجية وتوسيع التزامها بالتميز في أسواق الفن والسلع الفاخرة، ومواصلة الابتكار لخدمة عملائها بشكل أفضل في جميع أنحاء العالم.
الجدير ذكره، في هذا السياق، أن باتريك دراحي، وهو يهودي من أصول مغربية وحاصل على الجنسية الفرنسية، يمتلك عددًا كبيرًا من القنوات الإعلامية في الكيان الصهيوني وفي الغرب، ومن ضمن هذه القنوات فضائية “آي 24” الناطقة باللغة العربية وشبكة “هوت”. وهو كان قد دخل في وضع مالي صعب بعدما تراكمت عليه الديون؛ ونتيجة لذلك تقلّصت ثروته من 16 مليار دولار الى 6 مليار دولار.
ووفقًا للاتفاق الذي وقعه مع “صندوق أبو ظبي للاستثمار: سيحافظ دراحي على ملكيته لأغلبية الأسهم في مؤسسة “سوثبيز” التي أدرّت عليه في شهر تموز/يوليو أرباحًا قدرت بـ 66 مليون جنيه استرليني. ودراحي مولود في المغرب في العام 1964 وهاجر إلى فرنسا قبل أن ينتقل للعيش في سويسرا. وهو يحمل الجنسية “الإسرائيلية” ويتنقل بطائرته الخاصة بين “تل أبيب” ولندن وباريس ونيويورك. وقد تمكّن من بناء ثروته بعدما أسس شركة “التيس” في العام 2001. وفي العام 2019 اشترى “دار سوثبيز” لقاء مبلغ قدره 3.7 مليار دولار أميركي.
المشكلة لا تقتصر فقط على تدخّل الإمارات لإنقاذ دراحي، بل تكمن أيضًا في أن “صندوق أبو ظبي” تدخّل بعد تراجع قطر عن الاستثمار في شركة “سوثبيز”. فلقد كان صندوق الاستثمار القطري يجري مفاوضات مع دراحي لشراء أسهم في شركته، لكن اندلاع عملية “طوفان الأقصى” أحرجت الحكومة القطرية وجعلتها تتراجع عن الخطوة.
هذا؛ وأفادت معلومات تداولتها وسائل إعلام غربية أن قطر، والتي تستضيف مكاتب لحركة “حماس” وتقدم نفسها على أنّها راعية سياسية وداعم مالي للحركة، وجدت أنه سيكون محرجًا لها الدخول في صفقة علنية مع شخصية “إسرائيلية” بارزة مثل دراحي، في الوقت الذي تشن فيه “إسرائيل” حرب إبادة ضد قطاع غزة، وفي الوقت الذي تقدم فيه الدوحة نفسها على أنها ممثل لحماس في المفاوضات غير المباشرة التي تجريها مع “إسرائيل” للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
إذًا مليارات الدولارات تغدقها دول عربية على الاستثمار في مؤسسات “إسرائيلية” متعثرة؛ في الوقت الذي تمتنع فيه هذه الدول عن تقديم أي عون للفلسطينيين الذين يتعرضون للتجويع والإبادة الممنهجة على يد جيش الاحتلال، ولا يبقى للفلسطينيين إلّا عون عسكري ومادي يأتي من فصائل المقاومة في لبنان واليمن والعراق وسورية وإيران.