سيناريو «الإغراق الناري»: لا درع كافية لحماية إسرائيل
العين برس/ مقالات
لقمان عبد الله
سلّط قرار محور المقاومة الرد على الاعتداءات الإسرائيلية في الحديدة وبيروت وطهران، الضوء على التحديات الأمنية لدى الكيان، واختلال أركان وجوده، وعجزه منفرداً عن مواجهة التهديدات من عدة جبهات في آنٍ واحد. وبرزت، كذلك، حاجته بشكل جلي إلى الدعم من قبل الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، للتخفيف من قساوة الضربات المتوقّعة عليه، بحيث يصبح على المحور تحدّي اختراق درع الحماية الأميركية والأوروبية المحيطة بالأراضي الفلسطينية من كل الجهات، فضلاً عن الدرع الإسرائيلية المؤلّفة من أربع طبقات هي منظومات «آرو»، و«باتريوت»، و«مقلاع داود»، و«القبة الحديدية»، والطائرات الحربية المتأهّبة في الأجواء.
ويقدّر خبراء أن الدرع الصاروخية الحمائية لإسرائيل في الوقت الراهن، من أهم وأكبر الدروع، وأكثرها تعقيداً، حتى مقارنة بدرع الحماية المخصّصة للدفاع عن الولايات المتحدة نفسها. مع ذلك، من المتوقّع أن تشهد الأجواء في منطقة «سوريا الكبرى» إمطاراً غير مسبوق بالصواريخ والمُسيّرات بالاعتماد على خطة «الإغراق الناري» للقوى المهاجمة في محور المقاومة، مقابل تصدّ ناري غير مسبوق أيضاً من قبل أميركا وحلفائها. وكما عندما أطلقت إيران مئات الصواريخ والمُسيّرات على إسرائيل في نيسان الماضي، سيرى المواطنون في هذه الدول الاشتباكات الجوية بأمّ العين، ولكن على نطاق أوسع.
وعليه، فإن أكثر السيناريوات توقّعاً يتمثّل في تنسيق عالي المستوى بين جميع فرقاء محور المقاومة (إيران – لبنان – اليمن – العراق – غزة) بما يضمن الضرب المتزامن والمكثّف للنيران البعيدة والقريبة وبكلّ أنواعها من جبهات عدة، لتحقيق إغراق غير مسبوق في مناطق محدّدة في المدن الإسرائيلية، والتركيز على القواعد العسكرية الحسّاسة كأولوية في الاستهداف. أما السيناريو المتوقّع الآخر، فهو أن القوات الإيرانية ستستخدم قدرات نوعية (صواريخ ومُسيّرات) يصعب تتبّعها وقادرة على التملّص وتضليل منظومات الدرع وأجهزة الإنذار المبكر، فضلاً عن الطائرات الشبحية. وفي كلا السيناريوين، فإن عملية الإغراق مطلوبة بذاتها.
على أن الجبهة اللبنانية هي الأكثر استعصاء بالنسبة إلى الأميركيين والأوروبيين والإسرائيليين، لقرب المسافة بين منصات الإطلاق والأهداف، وللتجربة العملانية التي يتمتّع بها «حزب الله» والتي أثبتت أن قدرة الإنذار الإسرائيلي محدودة نسبياً، وأظهرت إمكانية تجاوز منظومات الدرع أيضاً حتى أثناء تأهّبها. ولذا، رجّح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، تشارلز براون، الشهر الماضي، أن بلاده قد لا تتمكّن من مساعدة إسرائيل في حال انخرطت في حرب واسعة مع «حزب الله»، بسبب الفاصل الجغرافي القريب بين الطرفين.
والجدير ذكره، هنا، أن الولايات المتحدة توظف الأسطولين السادس (مقره نابولي)، والخامس (مقره البحرين) و«القيادة المركزية الأميركية (مقرها الإقليمي قاعدة العديد في قطر)، لحماية الكيان. ويغطي انتشار هذه القوات كامل منطقة غرب آسيا وأوروبا وأفريقيا، والحوضين الشرقي والغربي للبحر المتوسط. كما بات من المؤكد أن أهم المعدات والأسلحة الأميركية الثقيلة والحديثة المستخدمة في حماية إسرائيل، موجودة في الدول العربية، فيما يشكّل الأردن خط الدفاع الأمامي الشرقي في منظومة الحماية تلك، ويرجّح أن سرب طائرات من طراز «إف-22» مكوّناً من 24 طائرة كانت أعلنت واشنطن عن وصوله إلى الشرق الأوسط، تمّ نشره في الأردن.
أيضاً، تشكّل القواعد الأميركية في دول الخليج من دون استثناء، إنذاراً مبكراً ودعماً لوجستياً، خاصة من حيث استخدام المطارات، علماً أن الاتفاقية التي عُقدت بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، في أواخر أيار الماضي، تفرض إجراء تقييمات عاجلة وفورية مشتركة للتهديدات الجوية، والتي تشمل الصواريخ والأنظمة الجوية المُسيّرة في المنطقة.
واستُخدمت الدرع الأميركية في الأردن والخليج، على نطاق واسع، في صد الضربات الإيرانية في نيسان الماضي. وفي حين اعترف الأردن بمساهمة طائراته في اعتراض مُسيّرات وصواريخ، قدّمت كل من السعودية والإمارات معلومات استخباراتية عاجلة لقوات واشنطن المنتشرة في المنطقة. على أن أبرز ما كشفت عنه معركة «طوفان الأقصى»، تحوّل الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي من مفهوم نظري قائم على الحماية الردعية والنصوص القانونية والدعم السياسي، إلى مصاديق عملية تنفيذية وتشغيلية بشكل مباشر ومعلن، وهو ما يتجلّى في:
– أولاً: الحضور الأميركي والغربي المباشر منذ بداية العدوان على غزة من خلال نشر المستشارين العسكريين والأمنيين في غرف العمليات والاستخبارات، واستقدام القوات الخاصة الأميركية إلى القطاع بزعم الاستطلاع وتحديد السبل الممكنة لتحرير الأسرى لدى «حماس»، فضلاً عن الجسر الجوي الذي أمدّ الجيش الإسرائيلي بكل احتياجاته العسكرية.
ثانياً: الإنابة الأميركية والأوروبية عن الكيان الإسرائيلي في عدة جبهات أبرزها الجبهة اليمنية في البحر الأحمر، والتي شكّلت تهديداً استراتيجياً للكيان.
ثالثاً: حوّلت الولايات المتحدة، قبل عملية «الوعد الصادق» الإيرانية، قواعدها في كامل الشرق الأوسط وغرب أوروبا إلى درع حماية حول إسرائيل، بل عملت على إرسال قوات ضخمة لتعزيز قواتها لحماية الكيان. واليوم تفعل الشيء ذاته ولا تزال تحشد قوات إضافية غير عابئة لحرج وكلائها في المنطقة.
أبرز ما زوّدت به واشنطن تل أبيب
ووفق إحصاءات الشهر الماضي، أرسلت إدارة جو بايدن إلى إسرائيل ما يلي:
◄ قنابل «إم كيه – 82».
◄ ذخائر الهجوم المباشر «كيه إم يو – 572».
◄ قنابل «إف إم يو – 139».
◄ 200 طائرة ضمن الجسر الجوي الأميركي محمّلة بالسلاح والمركبات المصفّحة.
◄ نحو 10 آلاف طن من السلاح والمعدات الأميركية.
◄ مركبات مدرّعة وأسلحة ومعدات حماية شخصية وأخرى طبّية وذخيرة.
◄ 25 مقاتلة «F35».
◄ 25 مقاتلة «F-15 AI».
◄ 12 طائرة «أباتشي».
◄ 230 طائرة شحن.
◄ 20 سفينة محمّلة بالأسلحة.
◄ قنابل وقذائف مدفعية ومركبات مدرّعة فضلاً عن معدّات قتالية للجنود.
◄ 100 قنبلة خارقة للتحصينات، وعشرات الآلاف من الأسلحة.
◄ قنابل خارقة للتحصينات «بي إل يو-109».
◄ 57 ألف قذيفة مدفعية، و5 آلاف قنبلة من طراز«Mk 82»، و5400 قنبلة برؤوس حربية «Mk84»، ونحو ألف قنبلة ذات قطر صغير «GBU – 39»، ونحو 3 آلاف قنبلة «جدام».
المصدر: جريدة الاخبار