مخاوف من هجمات برية أيضاً: واشنطن تعزز قواعدها في سوريا
العين برس/ مقالات
أيهم مرعي
تشهد غالبية القواعد الأميركية غير الشرعية في سوريا استنفاراً عسكرياً متواصلاً، في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الشهيد إسماعيل هنية، في طهران، وسط ترجيحات بأن يشمل ردّ محور المقاومة على ذلك، القواعد الأميركية في سوريا والعراق. وإذ جاءت حادثة الاغتيال عقب استئناف فصائل المقاومة عملياتها ضدّ تلك القواعد – بعد أشهر من الهدوء -، ولحقها إيقاع خمس إصابات في استهداف «قاعدة عين الأسد» في العراق مطلع الأسبوع الحالي، فقد فاقم ذلك من حالة القلق لدى الأميركيين.
كما أن واشنطن بدأت تتحسس خطراً إضافياً، لناحية إمكانية أن تنتقل المقاومة إلى مرحلة الاستهداف البري، بعد الضربات الجوية، ولذا شرعت في بناء أبراج مراقبة على امتداد شريط نهر الفرات من الباغوز وفي اتجاه الحسينية في ريفي دير الزور الشرقي والشمالي، في محاولة لمنع تحقق هكذا سيناريو.ويستهدف بناء هذه الأبراج، تحقيق أكثر من هدف، من بينها محاولة منع أيّ تسلل لعناصر المقاومة إلى منطقة شرق الفرات، والتي يمكن أن تشكل منفذاً لتهديد بري على القواعد الأميركية، فضلاً عن أنها تساعد «قسد» في وقف هجمات العشائر عليها، وضمان كشف تحركات الجيش السوري والقوات الرديفة والحليفة في المنطقة.
على أن الطريق الذي تعمل القوات الأميركية على نشر أبراج مراقبة فيه، مع وضع عناصر حراسة من «قسد» عليه، يشرف في جزء منه على طريق دمشق – بغداد، وخاصة مدينة البوكمال ومعبرها الحدودي، الذي يعدّ المعبر الوحيد العامل الذي يربط بين سوريا والعراق، ما يؤمن معلومات استخباراتية دائمة لها عن المنطقة. وتكشف كلّ هذه التحركات عن عدم وجود أي نوايا أميركية، أو حتى تفكير في الانسحاب من سوريا، وهو ما يعني ضمناً عدم الانسحاب من العراق أيضاً، علماً أن ذلك يتزامن مع حركة تعزيزات واضحة داخل القواعد، لإدراك الأميركيين أن إجراءاتهم ستقابلها المقاومة بمزيد من التصعيد.
وفي السياق، تؤكد مصادر ميدانية أن «القواعد الأميركية في حقلَي العمر وكونيكو في ريف دير الزور الشرقي والشمالي، وقاعدة خراب الجير في الحسكة شهدت تعزيزاً بالأسلحة والمعدات والأفراد»، كاشفة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «الولايات المتحدة عززت قواعدها بما لا يقل عن 25 عنصراً إضافياً، مع نقل مزيد من المنظومات الدفاعية المتخصصة بالتصدي ورصد الأهداف القصيرة المدى كالطائرات المسيّرة والصواريخ القصيرة المدى».
وتلفت المصادر إلى أن «القوات الأميركية المتواجدة في قاعدة معمل غاز كونيكو أجرت اختباراً على منظومات دفاعية جديدة، بعد نجاح المقاومة في الوصول إلى القاعدة بعشرة صواريخ على الأقل، قبل عشرة أيام»، مضيفة أن «سماء ريفَي دير الزور والحسكة، تشهد منذ نحو أسبوع نشاطاً للمروحيات والمسيرات ومناطيد المراقبة، بهدف رصد أيّ تحركات مشبوهة لفصائل المقاومة».
عاد الهدوء النسبي إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي، وسط استمرار «قسد» في فرض حظر التجوال التام
وإذ تتحدث المصادر عن «وجود نوايا أميركية لبناء مدرج للطيران لاستخدامه في هبوط الطائرات المروحية، وطائرات الشحن الصغيرة والمتوسطة في قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن»، فهي ترى أن «ما قامت به المروحيات الأميركية من استهداف بالرشاشات لمقاتلي العشائر، هو بمنزلة رسائل بالنار، بضرورة عدم استخدامهم ضد وجودها في دير الزور»، معتبرة أن «خطوة بناء أبراج مراقبة على امتداد نهر الفرات، جاء بعد إقناع قسد للأميركيين بأن نشاط العشائر ضدّها من الممكن أن يتمدد في اتجاه القواعد الأميركية».
ومن جهتها، تؤكد مصادر مطلعة أخرى أن «قرار مقاومة الوجود الأميركي غير الشرعي، هو قرار شعبي، وسيبقى متواصلاً إلى حين تحقيق أهدافه، وعلى رأسها خروج القوات الأميركية من سوريا والعراق»، مرجّحة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «تنجحَ المقاومة في تجاوز كل الاحتياطات والتحركات المتّخذة في المنطقة، والوصول إلى أهدافها عبر الاستهداف المتواصل لمصالح الأميركيين في المنطقة».
من جهة أخرى، عاد الهدوء النسبي إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي، وسط استمرار «قسد» في فرض حظر التجوال التام في كامل تلك المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحسباً لتسلل مزيد من عناصر مقاتلي العشائر، وذلك بعد تعرض نقاطها لهجوم عنيف فجر الأربعاء المنصرم. وشنت «قسد» حملة اعتقالات في عدد من القرى والبلدات، موجّهةً اتهامات إلى عدد من المدنيين بالتعاون مع مقاتلي العشائر، ومساعدتهم في تنفيذ هجماتهم على نقاطها في المنطقة. كذلك، واصلت «قسد» إغلاق مناطق سيطرة الحكومة السورية في مدينتَي القامشلي والحسكة، مع منع حركة الدخول والخروج إليها، بما يشمل صهاريج المياه والخضار والطعام، الأمر الذي يهدد بكارثة إنسانية في هذه المناطق. وتهدف «قسد» من هذا الحصار، إلى الضغط على الجيش السوري، لإنهاء هجمات العشائر ضدها في دير الزور، خصوصاً أنها اتّهمت، في بيان رسمي، الأجهزة الأمنية السورية بالوقوف وراء الهجوم الأخير.
المصدر: جريدة الاخبار