بحرب نفسية اليمن يستبق معركة الاقتصاد ضد السعودية
العين برس/ مقالات
هاشم أحمد شرف الدين
بوضوح تام، ستشهد الأيام القادمة تحولا في طبيعة مواجهة العدوان على الشعب اليمني. هذا ما كشفت عنه كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله سبحانه وتعالى – اليوم، الذي هدد فيها بالرد على العدوان الاقتصادي السعودي المدفوع أمريكيا خدمةً لإسرائيل. نحن إذن أمام منعطف مهم ومسار جديد، سيُقدم عليه شعبنا اليمني باستهداف الاقتصاد السعودي، إذا ما أصر النظام السعودي على مواصلة استهداف اليمن اقتصاديا. واليمن ليس مندفعا لهذه الحرب، لكنه قد يضطر للجوء إليها.
لقد أظهر السيد القائد – يحفظه الله تعالى – مجدداً، براعته في توظيف أدوات الحرب النفسية، لإثارة الذعر والخوف في نفوس أعداء اليمن، علّهم يتوقفون عن عدوانهم.
فللرد على العدوان الاقتصادي السعودي أطلق السيد القائد تحذيرا شديد اللهجة للنظام السعودي وتهديدا بالتحضير لضربات اقتصادية قد تكون أشد وطأة من الضربات العسكرية.
وبوضوح وشفافية أعلن القائد الانتقال بالمعركة الدفاعية من طور التركيز على استهداف المنشآت العسكرية لدى العدو إلى طور التركيز على استهداف منشآته الاقتصادية.
الانتقال إلى هذا الطور ليس بطرةً أو عدوانا وإنما خيار اضطراري دفاعي لمنع إيصال شعبنا اليمني العزيز إلى الانهيار التام. يؤكد السيد القائد. ولكن يبدو أن العدو السعودي – بعدوانه الاقتصادي الخبيث على اليمن – قد أحسن من حيث أراد الإساءة، فهو قدّم الحجة الكاملة على نفسه ليتلقى ما يستحقه من التنكيل والهزيمة أمام الشعب اليمني، لأنه دفع اليمن إلى اتخاذ قرار الانتقال إلى طور المعركة الجديد، حيث استهداف العدو اقتصاديا سيكون مفتاح النصر في هذه الحرب المعقدة.
ومما لا شك فيه أن الهجوم على الأهداف السعودية الاقتصادية مثل المطارات والموانئ والبنوك والنفط سيكون له تأثير نفسي هائل على النظام السعودي، وسيزعزع ثقة المجتمع الدولي فيه.
لقد حملت كلمة السيد القائد لهجةً تحذيرية قوية، تحمل في طياتها رسائل نفسية بالغة التأثير. فتأكيده على عدم الخشية من حصول “ألف ألف مشكلة” وعلى أن السعودية ستكون “المتضرر الأكبر” سيشيعان لا محالة الرعبَ والترويع في صفوف النظام السعودي والشعب المسعود، تمهيدا للضربات الاقتصادية القادمة.
وفي الوقت ذاته، أظهر السيد القائد قدرةً عالية على تحريك المشاعر الوطنية لدى أبناء شعبنا العزيز، وتعبئتهم ضد العدوان. فالتأكيد على أن “المتضرر الأكبر مما سيحصل سيكون السعودية” يُشكل تقويةً للروح المعنوية لدى أبناء شعبنا وإقناعاً لهم بأنهم قادرون على مواجهة التحديات.
لقد تبنّى السيد القائد استراتيجيةَ الحرب النفسية القائمة على تصعيد الخطاب وإظهار القدرة على الرد والانتقام. لكنه في الوقت نفسه حرص على وصف الرد اليمني بأنه “اضطراري بعد صبر طويل” ليوفّر المبرر للأعمال القادمة، ويقدّم اليمن كضحية مضطرا للدفاع عن نفسه. صحيح أن هذا هو الحقيقة والواقع، لكنه أراد أن يحرق هذه الورقة استباقيا على الإعلام المعادي لليمن. لقد قال للعالم: من حقنا أن نفعّل استراتيجية “العين بالعين”، أي الرد على العدوان الاقتصادي باستهداف اقتصاد العدو.
إذن، فالتحذير والتهديد الذين أطلقهما السيد القائد يُمثلان إعلاناً بتغيير استراتيجية وقواعد الحرب، لإجبار النظام السعودي على التفكير في تكلفة الضغط الاقتصادي عليه.
والحسابات المنطقية والعقلية ترجّح أن السعودي لن يكون مُستعدا لتحمل تكلفة التصعيد، وإلحاق الضرر باقتصاده. ومن المتوقع أنه سيتلقى نصائح جادة بالتراجع عن عدوانه على اليمن وبالمسارعة إلى تغيير موقفه في المفاوضات.
يمكننا القول إن التحذير الذي أطلقه السيد القائد هو ضربة معلم للتلاعب النفسي، وقلبٌ للطاولة على النظام السعودي المعتدي، وكشفٌ لهشاشة اقتصاده، وسيدفعه إلى حالة من اليأس المطلق. ومع هذا فقد أظهر السيد القائد مرونةً ملحوظة، فهو يقول للسعودي: توقف عنّا لنتوقف عنّك”.
إن هذا التهديد باستهداف الاقتصاد السعودي ليس تفاخرا فارغا، بل هو خطوة محسوبة بعناية، تهدف إلى استغلال نقاط الضعف في التركيبة النفسية للنظام السعودي، الذي عليه – ليَسلَم – ألّا يستهين بتحذيرات وعزيمة قائد الشعب اليمني.
ومع تزايد المخاطر، من المؤكد أن العالم سيراقب بفارغ الصبر، مدركاً أن العواقب المترتبة عن عدم تراجع النظام السعودي سوف تكون بعيدة المدى ومدمرة. فقد تم دفع الشعب اليمني إلى الحافة، وكلمة السيد القائد هي تذكير نهائي صارخ بأنه لن يتم القبول بالوضع، ولن يتم ترهيب شعبنا. ومن مصلحة النظام النظام السعودي أن ينتبه إلى هذا التحذير ويأخذه على محمل الجد، لأن الخسائر الناجمة عن استهداف اليمن للاقتصاد السعودي ستكون جراحاً قد لا تلتئم أبداً.