السيناريو الكارثي لإسرائيل في حربها مع حزب الله
حسين شكرون
يتّفق جميع الخبراء أن الحرب الواسعة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي ستكون محفوفة بالخطر ومكلفة جداً، وقد تؤدي إلى اشتعال الشرق الأوسط برمّته، وكثرت تحذيرات المحللين والصحفيين الإسرائيليين كما الأميركيين من مخاطر المواجهة الواسعة في الجبهة الشمالية من ناحية تداعياتها الأمنية والعسكرية.
ومع تقليص الجيش الإسرائيلي لحدّة قتاله في غزة، يتزايد الاهتمام في إسرائيل بشكل كبير بمعضلة الحدود الشمالية، في ظل التهديد الذي يضعه حزب الله على طاولة القرار في إسرائيل، حيث يدور نقاش بين وجهتي نظر، الأولى ترى أنّ الوقت الحالي يُشكِّل فرصة لرفع وتيرة القتال ضدّ حزب الله ولبنان، بهدف تغيير الواقع الحالي، وإبعاد عناصر حزب الله عن الحدود، لإعادة الشعور بالأمن لمستوطني شمال فلسطين المحتلة، تمهيداً لإعادتهم إلى منازلهم. ويتبنّى وجهة النظر هذه فريق واسع، اجتمعوا على توجيه دعوات وإطلاق تهديدات وتصريحات قرعوا فيها طبول الحرب ضدّ لبنان وحزب الله، وحثّوا على توجيه ضربة قاسية لهما، تتضمّن مناورة برّية داخل الأراضي اللبنانية، ومساً بالبُنية التحتية المدنية اللبنانية.
وفي المقابل، ثمّة وجه نظر ثانية في إسرائيل، تضمّ شخصيات من المستويات كافة، سياسية، عسكرية أمنية، وإعلامية، ومعهم خبراء ومسؤولون سابقون، ترى أنّه يجب تجنُّب أو تأجيل المواجهة مع حزب الله، لأنّ التوقيت الحالي هو الأسوأ من الناحية الإسرائيلية.
السيناريو الكارثي
في هذ الإطار، تحدّثت شبكة “MSNBC” الأميركية عن سيناريو كارثي سيشهده كيان الاحتلال الإسرائيلي، في حال اندلاع حرب واسعة مع حزب الله في لبنان، وتؤكّد أنّ على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها عن دعم “إسرائيل” في خيار توسيع الحرب.
وقالت الشبكة إنّ “إسرائيل، وفي حال اندلاع حرب مع حزب الله، سوف تواجه خصماً لا يعدّ فقط أقوى جهة غير حكومية في الشرق الأوسط، بل خصماً يُقاتل بشكل أكثر فعالية من معظم الجيوش النظامية في المنطقة”.
وأشارت إلى أنّ “حزب الله في عام 2024، هو أكبر حجماً وأفضل تسليحاً وأكثر خبرة وأقوى سياسياً من حزب الله في عام 2006″، مضيفةً أنّ الحزب “يشبه على نحو متزايد جيشاً يمتلك ما يصل إلى 200 ألف صاروخ وقذيفة من مختلف المديات. وبعض هذه الصواريخ يمكن أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل”.
ولفتت الشبكة أن “هذا يعني أنه في حالة الحرب، يمكن استهداف البنية التحتية المدنية الحيوية لإسرائيل – المطارات والموانئ والشبكات الكهربائية ومحطات الطاقة”. كما أنه “سوف يعيش الملايين من الإسرائيليين في الملاجئ بينما تتعرض المدن الكبرى في البلاد، من تل أبيب إلى حيفا، لوابل من الصواريخ التي سيكون من الصعب على نظام الدفاع المضاد للصواريخ “القبة الحديدية” تحييدها”
وفي الوقت نفسه، “ستقاتل القوات البرية الإسرائيلية ضد منظمة تعلمت الكثير عن التكتيكات والعمليات والإجراءات العسكرية بعد سنوات من العمليات البرية في سوريا”.
جهوزية الجيش الإسرائيلي ومحور المقاومة
هناك شبه إجماع لدى الخبراء في الكيان على أن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لخوض حرب واسعة في الجبهة الشمالية، مثلما يؤكد المحلل العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية 13 ألون بن دافيد، الذي يشير كذلك إلى أنه في حال اضطرار الجيش إلى خوض حرب كهذه سيكون الثمن الذي سيدفعه حزب الله باهظاً، ولكن من المهم توضيح أن الجيش الإسرائيلي غير قادر في الوقت الحالي على أن يحرز أي إنجاز مهم في مقابل حزب الله، وعلى أن يغيّر الواقع في الشمال على نحو دراماتيكي. وفي أحسن الحالات ستنتهي حرب في الشمال باتفاق سيء يتم التوصل إليه بثمن موجع للغاية. وفي أسوأ الحالات لن تنتهي الحرب، وسوف تجد إسرائيل نفسها في حمأة حرب استنزاف مستمرة من شأنها أن تتسبّب بشلّ الحياة في معظم أنحاء البلد من دون قدرة ولا مقدرة على الحسم.
وفي إطار شبه الإجماع السالف على عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي لخوض حرب في الجبهة الشمالية مع حزب الله، يشير البعض إلى أن حزب الله لديه جيش أقوى من جيش حماس أضعافاً مضاعفة. ومنهم محلل الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي جاكي حوجي الذي يؤكد أنه “هناك، في بلد الأرز، لن نلتقيهم (مقاتلي حزب الله) وحدهم. فمحور المقاومة سوف يتجنّد لمثل هذه المعركة باعتبارها حرباً وجودية، لسبب بسيط هو معرفته أنه في حال سحق الفصائل الفلسطينية في غزة، ووضع حزب الله في أعقاب ذلك ضمن بؤرة الاستهداف، فلا شيء سوف يمنع إسرائيل وحلفاءها من الاستمرار في اتجاه إيران والعراق واليمن. وبناء عليه، سوف يرون أن معركة إسرائيل ضد حزب الله هي حرب إبادة تستهدف المعسكر كله وسوف يستعدون لما يتناسب مع ذلك”.
ويختم حوجي تعليقه قائلاً: “عندما أسمع سياسياً إسرائيلياً أو مؤثراً في الرأي العام يدعو إلى غزو لبنان، أو إلى تصفية حزب الله، أحذر منه إلى حدّ بعيد. يمكن غزو لبنان، ويمكن تصفية حزب الله، ولكن بثمن باهظ جداً وليس في هذا الوقت، والجيش الإسرائيلي يعمل بقوة عالية في جبهة أخرى، والمجتمع الإسرائيلي ينزف. وبعض التواضع لا يضر”.
المصدر: موقع الخنادق