امتلاك اليمن للصواريخ فرط صوتية.. نقلة استراتيجية للقوات المسلحة
العين برس /اليمن
قطعت القوات المسلحة اليمنية شوطاً كبيراً في مرحلة التصنيع العسكري، حيث ارتفعت هذه الوتيرة بالتوازي مع إعلان المرحلة الرابعة من التصعيد والمساندة اليمنية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأعلنت اليمن عن امتلاك صاروخ (حاطم2)، وهو صاروخ فرط صوتي، أسرع من الصوت، في خطوة فاجأت الكثير من المتابعين، فاليمن بامتلاكه لهذا النوع من الصواريخ يصبح من ضمن دول كبرى بعدد الأصابع، كروسيا، والصين، وإيران.
وتتمثل أهمية هذه التقنية في القدرة العالية على استهداف معدات الخصم العسكرية مهما بلغت أهميتها، وكذلك اضمحلال قدرة الردع لدى الخصم في كل الجبهات براً وبحراً.
والصواريخ الفرط صوتية وفق المعلومات المتداولة إعلامياً تفوق سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت، وتتميّز تكنولوجيا هذه الصواريخ بقدرتها على الانطلاق خارج الغلاف الجوي، ومن ثمّ تعود إليه مرة أخرى، وحينها تبدأ في المناورة والتحرك في جميع الاتّجاهات لمراوغة دفاعات العدو، وهو ما يجعل أغلب هذه الصواريخ لا يمكن تعقبها.
منظومة صواريخ (حاطم2) الفرط صوتية، أحدث ما وصلت إليه الصناعات اليمنية بأيادٍ وخبرات يمنية، وهي جزء من ترسانة الصواريخ الباليستية، والمجنحة والطيران المسير والزوارق البحرية محلية الصنع، في تحد واضح لأميركا وعدوانها، ومقدمة لانتقال اليمن إلى مرحلة خامسة من التصعيد لإجبار العدو على وقف عدوانه ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.
ومن ناحية الإسناد، فإن الصواريخ الفرط صوتية بلا شك ستكون مؤثرة، بشكل أكبر، وهي إذ تعزز عوامل صمود وثبات المجاهدين في فلسطين، وتقوي موقفهم التفاوضي، ستعمق حالة القلق الصهيوني من تعاظم القدرات والتهديدات التي يجب أن يواجهها الكيان في جبهات متعددة حوله.
والمفاجأة امتلاك اليمن لعدة أجيال من هذه التكنولوجيا، والعمل جار لزيادة مديات الصواريخ وقدرتها التدميرية لتقريب المسافات، وجعل كلّ قواعد الكيان الصهيوني ومنشآته الحيوية والهامة في مرمى النيران اليمنية.
خواص ومميزات استثنائية
ويقول الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان إنه في إطار التصنيع و التطوير المستمر للقدرة الصاروخية، حققت قواتنا المسلحة، ثورة تطوير متقدمة على المستوى التقني والتطبيقي والعلمي، لإنتاج منظومات متنوعة من الصواريخ الهجومية التي استطاع بعضها منافسة النظائر الصاروخية التي تصنعها الدول الرائدة عالمياً، مؤكداً أنه خلال المراحل الأخيرة حققت دائرة الصناعات الدفاعية، اختراقاً تكنولوجياً في صناعة أجيال من نظم الصواريخ الباليستية، أرض –أرض، التي تنافس اصدارات ( روسيا- _الصين-كوريا الشمالية )، منها صواريخ الدقة العالية المجنحة، والصواريخ النقطية، والصواريخ فرط صوتية التي تعتبر أحدث تكنولوجيا.
ويشير عثمان في تصريح خاص “للمسيرة” إلى أن صناعة الصواريخ بشكلها العام، تقنياً وعسكرياً، أخذت أطواراً متفاوتة في تطور تقنياتها وخصائصها، كالسرعة والمناورة ودقة الاستهداف، وكان التسلسل المرحلي لسباق التسلح بدأ في صناعة صواريخ ذات سرعات عند مستوى سرعة الصوت 1400كم/ساعة، كأول تقنية صاروخية بدأت ترى النور بعد الحرب العالمية الثانية، مواصلاً: “أما الفترة الثانية، فكانت صناعة صواريخ فوق سرعة الصوت 2 إلى 4 ماخ، وهو النوع الجديد المتطور الذي تم تصنيعها خلال 20سنة الماضية”.
ويزيد بالقول: “أما الفترة الأخيرة فكانت صناعة صواريخ فرط سرعة الصوت، من 9 إلى 10ماخ، وهذا آخر اصدار للصناعات الصاروخية التي رأت النور خلال عامي 2021-2022م، حيث أنتجت روسيا ثلاثة طرازات مختلفة من هذه الصواريخ، وكانت الدولة الأولى التي وصلت لهذا الانجاز، وتبعتها دولة الصين، والجمهورية الإسلامية في إيران”.
وعن الخصائص التي تتميز بها الصواريخ فرط صوتية يقول عثمان إن الصواريخ الفرط صوتية لا تقف عند ميزة سرعتها العالية، بل القدرة على المناورة وإصابة الأهداف، إلى جانب ميزاتها الرئيسية الهامة والمتمثلة في القدرة على المناورة العالية، موضحاً أن الصاروخ فرط صوتي يتخذ مسار تحليق موجية، يمكنها تفادي نطاق الرادارات وأنظمة الاستشعار الجوية.
ويتابع حديثه: “كما أنها تمتلك القدرة على التسارع من 1ماخ إلى 10ماخ، وهي سرعة كافية بأن تجعل ذرات الهواء المحيطة تتأين بشكل كبير، ما ينتج طبقة من البلازما التي تغطي الرأس الحربي أثناء تحليقه، وهذه الطبقة تمنح الصاروخ الإفلات بشكل فعال من الرادارات، وأجهزة الانذار المبكر، الجوية، والأرضية.
ويضيف أن الصواريخ الفرط صوتية، قادرة على ضرب الأهداف بدقة عالية، وبهوامش خطأ قد تصل للصفر، لافتاً إلى أنه من خلال شحنة المتفجرات الكبيرة، والسرعة العالية، التي قد تصل 9ماخ، يمكن للصاروخ فرط صوتي الانقضاض على الهدف بقوة نيران مدمرة، مؤكداً أن هذه الخواص الاستثنائية هي ما تجعل الصواريخ فرط صوتية تتصدر قائمة أهم الأسلحة الاستراتيجية في مضمار التنافس الدولي، وتمنحها الرقم الصعب في موازين القوة.
ويشير إلى أن روسيا، والصين، وكذلك إيران، نجحت في الوصول لإنتاج هذه التقنيات، وطورت أجيالاً، وأنواعاً ضاربة من الصواريخ التي تبلغ سرعات من 6ماخ إلى 20 ماخ، بينما أمريكا التي تدعي نفسها بأنها الدولة المهيمنة تقنياً، فشلت في التوصل لأي نجاح في هذا التنافس، مبيناً أن شركات التصنيع الأمريكية، وفي مقدمتها شركة لوكهيد مارتن، حاولت تجريب نماذج من الصواريخ التي طورتها في المراحل الماضية، لتنتهي بفشل تقني ذريع وفضائحي، حيث كانت آخر محطات الفشل، هي تجربة صاروخ “إيه جي إم – 183” من على متن الطائرة “بي – 52 إتش”، الذي فشل تماما.
ويجدد التأكيد أن وصول اليمن لعتبة امتلاك وتطوير هذه الصواريخ الاستراتيجية، يعتبر أمراً استثنائياً واختراقاً تكنولوجياً كبيراً، يجعل اليمن على مستوى موازين القوة، ويمتلك ذراعاً نارية أكثر قدرة وفاعلية، كما يجعلها الدولة السادسة عالمياً في النادي الصاروخي الذي يجمع الدول العظمى فقط.
ويردف قائلاً: إنه في ظل الحرب البحرية التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية، ضد تحالف الشر الأمريكي، البريطاني، الإسرائيلي، صارت تمتلك عنصر قوة يخولها تحقيق ضربات دقيقة، ومدمرة، في نفس الوقت ضد أساطيل وسفن هذا التحالف، موضحاً أن الصاروخ فرط صوتي، وبالتحديد صاروخ حاطم 2 الذي تم الكشف عنه مؤخراً يمكنه توجيه ضربات قاتلة للسفن، والمدمرات، وكذلك حاملات الطائرات الأمريكية، مضيفاً أن البعد التقني لهذا الصاروخ تجعله ذي كفاءة عالية، للإفلات من أحدث نظم الدفاع الجوي، وتحقيق استهدافات ناجحة، ودقيقة، وتدميرية جداً.
معادلات مختلفة للمواجهة
من جانبه يقول الخبير العسكري العقيد مجيب شمسان إن إعلان القوات المسلحة اليمنية، عن امتلاك صاروخ فرط صوتي، تحول نوعي عميق، ليس في اليمن فقط، بل في المنطقة عموماً، مؤكداً أن هذه القدرات، وهذه الصواريخ لا تمتلكها إلا دول محدودة في العالم.
ويضيف شمسان في تصريح خاص “للمسيرة” أن هذا التحول سيكون له تأثيراته الكبيرة، ومعادلاته المختلفة في المواجهة، لا سيما وأنه يتمتع بقدرات عالية فيما يتعلق بالإصابة الدقيقة للهدف.
ويزيد بالقول: “وهنا تكون قد تضاعفت حجم التحديات، والأعباء على الأعداء، تحالف الشر الثلاثي، أمريكا، وبريطانيا، وإسرائيل، فيما يتعلق بالمعركة الدائرة اليوم، وفيما يتعلق أيضاً بمستقبل اليمن، لا سيما بفضل موقعها الاستراتيجية المحوري، والهام”.
ويؤكد أن وصول اليمن في ظل هذه الظروف، والأوضاع الراهنة، وتحرق المسافات، وتصل إلى هذا المستوى المتقدم من امتلاك هذه التقنية والصواريخ الاستراتيجية، التي لا تزال دول عظمى تسعى إلى امتلاكها رغم كل القدرات والإمكانات، إلا أنها لم تصل بعد، يثبت أن اليمن لديها قيادة، ولديها إرادة، ولديها عقول ولادة، تستطيع أن تخلق، وتصنع المستحيل.
ويوضح أن هذا تجلى من خلال كل المراحل السابقة التي استطاعت اليمن أن توظف عناصر القوة، وأن تحركها إلى مسار يحقق الرغبة التي رسمتها القيادة.
ويكرر التأكيد أن امتلاك اليمن لهذا الصاروخ الفرط صوتي، أو الصاروخ فلسطين الذي يتمتع بخصائص مشابهة لصاروخ حاطم2، تحول نوعي عميق لن يغير مجرى المعركة أو المرحلة الراهنة بل في المرحلة المستقبلية، ويصل باليمن إلى دولة وازنة على المستوى الإقليمي، فحسب، بل والدولي كذلك.