اليمن يحقق نصراً استراتيجياً: واشنطن تدرس خيارات المرحلة المقبلة
العين برس/ تقرير
كانت النقلة النوعية للعمليات العسكرية اليمنية مع بدء المرحلة الرابعة كفيلةً بإحداث متغيرات عدة، كان أبرزها الجدل الحاصل حول الوقت الذي ستسمر فيه الهجمات إذا ما طال أمد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من جهة، وردع الضربات دون أن يحدث ذلك تصعيداً ينذر بفتح جبهة أخرى. ولعل غرق السفينة اليونانية قبل أيام، ثم مغادرة المدمرة الأميركية “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور”، واستبدالها بأخرى دون أن تحقق الهدف الذي جاءت لأجله، يأتي في سياق واحد: “اليمن حقق انتصاراً استراتيجياً ستتبين آثاره تباعاً مع مرور الوقت، حتى بعد انتهاء الحرب”، بحسب ما أشار المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي.
يقول مساعد مدير السياسة الخارجية الأميركية، آري سيكوريل، بأن “الحوثيون يحولون الضربات النادرة الفعالية من الناحية التكتيكية إلى نجاح استراتيجي”.
خلال شهر حزيران/يونيو، صعد اليمن هجماته ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، سواء من حيث تكرار الهجمات أو العدد الأكبر من الهجمات التي أصابت أهدافها- مما أدى إلى تحقيق درجة عالية من النجاح الاستراتيجي من خلال زيادة تكاليف الشحن وتقويض مصداقية الولايات المتحدة في قدرتها على حماية الملاحة البحرية التي تزعم بأنها تحت رعايتها منذ قرون. ويشير سيكوريل في تقرير نشره المعهد، أن “الولايات المتحدة سقطت في استراتيجية الحوثيين المتمثلة في شن حرب استنزاف انتقامية مكلفة منذ نوفمبر 2023”.
تجاوز إجمالي الضربات البحرية اليمنية الـ 36 ضربة حتى الآن في يونيو/حزيران، الذروة السابقة البالغة 35 هجومًا في شهر آذار/ مارس. وإذا استمر معدل الهجمات على هذا النحو، من الممكن ان تصل الهجمات إلى 50 هجوماً بحلول نهاية شهر حزيران الجاري.
عادة ما يكون طاقم سفن الشحن التجارية قليل العدد ولديه قدرة محدودة على الاستجابة بسرعة للهجمات التي تضرب السفينة. حتى القذيفة الصغيرة يمكن أن تدمر القدرة الاستجابة للطوارئ لسفينة أكبر. ولذلك، فإن ثقب واحد في السفينة يمكن أن يخرجها عن العمل.
منذ أن بدأ اليمن بتنفيذ هجماته في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2023، انخفضت حركة حاويات الشحن عبر مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن بنسبة 67% تقريبًا وانخفضت حركة الناقلات بنسبة 50% تقريبًا، وفقًا لموقع Windward، وهو مركز استخبارات بحرية.
في أيار/ مايو، كشف وزير البحرية الأميركية كارلوس ديل تورو، إلى أن البحرية “أنفقت حتى الآن 1 مليار دولار في الذخائر لأنها تتعامل مع حملة الحوثيين العدوانية في البحر الأحمر”.
ومقارنة بالإبحار عبر البحر الأحمر، فإن طرق الشحن البديلة حول رأس الرجاء الصالح مما يقرب من 11 ألف ميل بحري، وأسبوع إلى أسبوعين من وقت العبور، وما يقرب من مليون دولار من تكاليف الوقود.
وبالنسبة للعديد من شركات الشحن، فإن التكاليف المجمعة للمخاطر المحتملة على أفراد الطاقم، والأضرار التي تلحق بالبضائع، وأقساط التأمين ضد مخاطر الحرب تجعل السفر حول أفريقيا أرخص من الإبحار عبر الطريق الأكثر مباشرة في البحر الأحمر.
من ناحية أخرى، “إطلاق صواريخ وطائرات دون طيار لا تكلف سوى عشرات الآلاف من الدولارات، مقارنة بالصواريخ الاعتراضية الأميركية، تتمثل استراتيجية الحوثيين في شن حرب استنزاف لن تتمكن الولايات المتحدة وشركاؤها من الاستمرار فيها بسبب منحنى التكلفة غير المتناسب”. بحسب المعهد، وفي الوقت عينه، تطلق الولايات المتحدة صواريخ Standard Missile (SM)-2 بتكلفة 2.4 مليون دولار، وصواريخ SM-3 بتكلفة تتراوح بين 9.7 إلى 27.9 مليون دولار، وصواريخ SM-6 بتكلفة 3.9 مليون دولار.
ويوصي سيكوريل، بضرورة “تطوير استراتيجية لدمج الدفاعات الجوية في الشرق الأوسط في شبكة إقليمية. كذلك قيام وزارة الدفاع بصياغة استراتيجية تعمل على بناء شبكة متكاملة للتوعية بالمجال البحري والعمليات بين شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. كما يجب أن تتضمن هذه الإستراتيجية مشاركة بيانات الاستشعار بحيث يكون لدى جميع الشركاء وعي كامل بالمجال البحري لتوفير اكتشاف مبكر وتتبع أطول للتهديدات المحتملة”.
المصدر: موقع الخنادق