القتل من أجل المال.. المرتزقة الأجانب في الجيش الصهيوني
العين برس/ تقرير
وفي الوقت نفسه، رافق القتل المتعمد والممنهج للمدنيين الفلسطينيين، استخدام نموذج الجماعات التكفيرية مثل “داعش”، التي نشرت على نطاق واسع صورًا عنيفةً ومرعبةً لجرائمها على شبكات التواصل الاجتماعي. حيث نشر الجنود الصهاينة علی الإنترنت صوراً ومقاطع فيديو لسرقة منازل الفلسطينيين، وارتداء ملابس نسائية، والتقاط صور لجثث المدنيين، وتفجير المنازل، والتهديد بقتل سكان غزة، ودفن الفلسطينيين في مقابر جماعية، وما إلى ذلك. ومن المثير للاهتمام أن هذه العملية لم تتوقف حتى بعد أن تقدمت بعض الدول مثل جنوب أفريقيا بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية، بشأن ارتكاب جرائم حرب من قبل الصهاينة.
وفي الوقت الذي يستعد فيه الجيش الصهيوني لمهاجمة مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، المدينة الآمنة التي يسكنها ما لا يقل عن مليون ونصف المليون لاجئ فلسطيني، فقد دق ناقوس الخطر الدولي بشأن العواقب الكارثية لهذا الهجوم.
كما أن نظرةً إلى التاريخ تثبت أنه منذ بداية تأسيس الجيش الصهيوني، كانت المنظمات الإرهابية مثل الهاغاناه والبالماخ والإرجون هي العمود الفقري لتأسيسه، وفي الواقع فإن الکيان الصهيوني هو نتيجة لعمليات إرهابية واسعة النطاق، قامت بها الجماعات الصهيونية بهدف احتلال الأراضي الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، هناك مقولة شهيرة لديفيد بن غوريون، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس وزراء لهذا الکيان، حيث قال عام 1937: “يجب أن نطرد العرب ونأخذ مكانهم”.
في هذه الأثناء، كان توظيف المرتزقة الأجانب والسماح لهم بتنفيذ أنشطة إرهابية وجرائم ضد الفلسطينيين، أحد الأساليب المعتادة للجيش الصهيوني على مدى 75 عاماً الماضية، وهو ما تكرر في حرب غزة الأخيرة.
وتشير التقديرات إلى أن آلاف الأمريكيين والبريطانيين والإسبان وغيرهم من الأجانب، يعملون كمرتزقة في الجيش الصهيوني، ولا يشارك هؤلاء المرتزقة في العمليات القتالية فحسب، بل يشاركون أيضًا في حماية المستوطنات، وتقديم الدعم اللوجستي وتدريب القوات المحلية.
ووفقاً للجيش الإسرائيلي، يخدم حالياً أكثر من 23 ألف مواطن أمريكي في مختلف الرتب العسكرية، وفي الواقع فإن حوالي 10% من الخسائر العسكرية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي منذ غزو غزة، كانت من نصيب الأمريكيين.
وفي ديسمبر الماضي، كشف أحد المشرعين الفرنسيين عن تجنيد أكثر من 4000 مواطن فرنسي في الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة، وحسب التقارير، فإن ما يصل إلى 1000 أسترالي و1000 إيطالي و400 هندي موجودون أيضًا في الجيش الصهيوني، كما تم ذكر دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا وكندا وروسيا وأوكرانيا وفنلندا وجنوب أفريقيا، كمراكز إمداد بالطاقة للجيش الصهيوني.
كيفية الالتحاق بالجيش
أحد البرامج الرئيسية لتوظيف المرتزقة الأجانب يسمى “محل”، ويعود تاريخه إلى عدة عقود.
وحسب الموقع الرسمي للبرنامج، يمكن للشباب اليهود من دول أجنبية الانضمام إلى جيش الدفاع الإسرائيلي “كسائحين”، والحصول على تأشيرات إقامة.
ويدعم البرنامج فقط تجنيد المقاتلين “ذوي الدوافع العالية”، الذين ليس لديهم عائلات في “إسرائيل”، ويذكر الموقع الرسمي للبرنامج، أن العديد من المتطوعين يأتون إلى الأراضي المحتلة بشكل مستقل للتجنيد في الجيش، ويُعرفون باسم “الجنود المنفردين” أثناء خدمتهم.
ويقال إن الجنود المنفردين، الذين يبلغ عددهم أكثر من 7000 جندي، يتقاضون ضعف الراتب الشهري العادي، وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن 35% منهم من الولايات المتحدة، وفي عام 2020، كان 9% من “الجنود المنفردين” في الجيش الإسرائيلي من كندا، وما يقرب من 90٪ من المتطوعين، يلتحقون بالوحدات القتالية.
وحسب تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تسعى المنظمات الصهيونية إلى تجنيد متطوعين أجانب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى للعمل في الجيش.
وأبرز هذه المنظمات هي: سار-إل Sar-El))، Garin Tzabar وآيش مالاخ، وأصدقاء الجيش الإسرائيلي، ومحل (Mahal–IDF-Volunteers)، بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع التبرعات لجيش الاحتلال.
وتجتذب منظمات مثل سار-إل آلاف المرتزقة من عشرات البلدان حول العالم، مع وعد بأجور ممتازة وإقامة دائمة في الأراضي المحتلة.
وتعتبر “سار-إل”، التي أسسها أهارون دافيد عام 1983 ولها اليوم فروع في 30 دولة، المنظمة الأكثر نشاطاً في هذا المجال، وتعتبر وحدةً مهمةً في الجيش الصهيوني، وحسب الإحصائيات، فإن عدد المتطوعين الذين جندتهم سار إل عام 2012 بلغ 4011 مرتزقاً.
وكما هو الحال مع الجنود الإسرائيليين، يتمتع جميع هؤلاء المقاتلين الأجانب بالحصانة الكاملة، وهذا ربما يفسر سبب تصرف بعضهم بهذه الطريقة القاسية والمتهورة، والتفاخر بجرائمهم عبر الإنترنت، ونشر الأدلة على انتهاكات قوانين الحرب المختلفة.
يهودا فيدر، عضو في ميليشيا “ليحي” المتورطة في مذبحة ديرياسين، كان يهوديًا بولنديًا وأصبح فيما بعد رئيسًا لفرع الليكود في القدس من عام 1986 إلى عام 1994، وفي أبريل 2001، حصل على جائزة “مواطن القدس المتميز”، وهذا مجرد مثال واحد على المقاتلين الإرهابيين الأجانب، الذين تمت مكافأتهم لاحقًا على قتل الفلسطينيين.
راحة بال الإرهابيين الصهاينة
بالإضافة إلى المزايا الاقتصادية العديدة التي يحصل عليها المرتزقة الأجانب المنتمون إلى الجيش الصهيوني في الأراضي المحتلة، هناك عامل آخر أدى إلى سهولة ارتكابهم لأي جريمة ضد المدنيين الفلسطينيين، وهو عدم ملاحقتهم في حال عودتهم إلى الدول الغربية.
على سبيل المثال، في عام 2023، التقى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون بمجموعة من الجنود البريطانيين في الجيش الإسرائيلي في القدس، وأشاد بهم دون أن يقول كلمةً واحدةً عن عدم شرعية هذا العمل.
ولم تتخذ الحكومة الإسبانية أي إجراء ضد المرتزقة الإسبان الذين عملوا في الجيش الصهيوني، وذكرت صحيفة إل موندو الإسبانية مؤخرًا أن “إسرائيل” تستخدم شركات عسكرية خاصة لتجنيد مقاتلين أجانب، بما في ذلك ذوي الأصول الأسبانية.
هذا بينما يرى العديد من الخبراء القانونيين، أنه يجب محاكمة المرتزقة الأجانب في الجيش الصهيوني دوليًا كمجرمي حرب، لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية.
المصدر: الوقت التحليلي