حرب الإسناد من لبنان إلى اليمن.. روافد في طوفان الأقصى
العين برس/ تقرير
في الوقت الذي أوشك العالم أن ينسى فيه قضية فلسطين، وأرادت قوى الطغيان أن تطوي صفحة الشعب الفلسطيني إلى الأبد، أطلقت حماس عملية طوفان الأقصى لتهزّ العالم، ولتكسر شوكة الاحتلال الصهيوني، وما لبثت أن لفتت الأنظار، وجذبت الأنصار، وحرّكت قوى المقاومة من حولها. في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، امتدت نار “طوفان الأقصى” إلى الجبهة الجنوبية بلبنان مع إعلان حزب الله عدم الوقوف على الحياد، كما صرّح يومها رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين “نحن بالموقع الذي يجب أن نكون فيه”.
فضلا عن ذلك لا تزال المقاومة اللبنانية في حالة إسناد للمقاومة لغزة تنزع القدرة على إدارة الحرب من العدو الصهيوني بعد أن شغلت ثلث جيشه وهجرت 100 ألف مستوطن صهيوني وأضعفت الحالة الاقتصادية في مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وإلى جانب حزب الله، كان اسم “كتائب القسام في لبنان” الأبرز من ضمن الأطراف التي أطلقت سلسلة عملياتها مستهدفة مواقع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته على طول الحدود مع لبنان، مما سلط الضوء على دور حركة حماس في لبنان، الذي شهد تصاعدا ملحوظا في السنوات الأخيرة.
وقد أثبتت مواقف جماعة أنصار الله اليمنية، أنّ بعد المكان لا ينفي وحدة الميدان، وذلك من خلال استهدافها للاحتلال بالصواريخ والمسيرات، إضافة إلى استهداف السفن المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي، بهدف اجباره على وقف عدوانه على غزة ورفع الحصار عنه.
وعلى مدى سبعة أشهر منذ بدء العدوان على غزة، كرّست المقاومة في لبنان واليمن مفهوم “جبهة الإسناد” لجبهة رئيسية في القطاع الصامد.
الجبهة اللبنانية
في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني: أطل الأمين العام للحزب حسن نصر الله لأول مرة بعد “طوفان الأقصى”، وأعلن أن جبهة لبنان مرتبطة بمحدّدين هما: وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وعدم السماح بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمقاومة الفلسطينية تحت أي ظرف.
وقد لعب حزب الله دوراً مهمّاً إلى جانب المقاومة في غزة، وذلك من خلال “حرب الإشغال” التي أشعلها على الحدود مع فلسطين، وأدّت إلى تهجير أكثر من 100 ألف مستوطن لأول مرة من شمال فلسطين المحتلة.
ولفت نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم إلى أن “أي مساندة لغزة فضلاً عن أنها مصلحة لغزة هي مصلحة للبنان أيضاً”.
وأكّد قاسم أنّ مساندة غزة من لبنان تحقق هدفين، الأول نصرة فلسطين، والثاني ردع العدو، مشيراً إلى أنّ ما استخدمته المقاومة على الجبهة في الجنوب هو جزء من القوة وجزء من السلاح وأنّ ما خفي أعظم.
وقد تنوعت الأسلحة التي استخدمتها المقاومة في جنوب لبنان، ما بين القذائف والصواريخ الموجهة والمسيّرات، ضمن عمليات تتكرّر بصورة شبه يومية.
ومن أبرز الهجمات التي شنّها حزب الله استهدافه لقاعدة ميرون للمراقبة الجوية بـ62 صاروخاً، في 6 يناير/ كانون الثاني، رداً على استشهاد العاروري ورفاقه.
وكذلك هجوم الحزب، في 26 فبراير/ شباط، الذي استهدف بنحو 60 صاروخاً مقرّ قيادة فرقة عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري المحتل.
وقد أعلن جيش الاحتلال، الخميس، مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي قرب الحدود اللبنانية، ليلحق بضابطين إسرائيليين، قتلا قبل أيام، في هجوم بطائرة مسيرة نفذه حزب الله اللبناني على موقع عسكري في مستوطنة المطلة عند حدود لبنان الجنوبية.
ولم تخل حرب الإسناد اللبنانية من التضحيات، فقد أشار تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في 4 أبريل/نيسان، إلى نزوح أكثر من 93 ألفاً من المدنيين من جنوبي لبنان جراء الأعمال العدائية المستمرة، إضافة إلى استشهاد قرابة 331 شخصاً، وجرح 947 آخرين.
القسام في لبنان
إلى جانب حزب الله، كان اسم “كتائب القسام في لبنان” الأبرز من ضمن الأطراف التي أطلقت سلسلة عملياتها مستهدفة مواقع الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته على طول الحدود مع لبنان، مما سلط الضوء على دور حركة حماس في لبنان، الذي شهد تصاعداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
وقد بدأت القسام عملياتها في لبنان بعد ثلاثة أيام فقط من بدء طوفان الأقصى، وتحديدا في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين تبنّت الكتائب إطلاق صواريخ من سهل القليلة جنوبي لبنان باتجاه مستوطنات الاحتلال في الجليل الغربي.
وتوالت عمليات أطلاق القسام للصواريخ من جنوب لبنان، حيث كان أبرزها في 28 فبراير/ شباط عندما أطلقت من جنوب لبنان رشقتين من 40 صاروخاً تجاه مواقع للاحتلال رداً على المجازر الإسرائيلية بغزة واغتيال العاروري ورفاقه بالضاحية الجنوبية.
وفي الثالث من شهر مايو/ أيار الحالي، بثت كتائب القسام مشاهد لإطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه القوات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة.
وأظهرت المشاهد، التي تبثّ للمرة الأولى خلال معركة طوفان الأقصى، دفعات من الرشقات الصاروخية وهي تتهاطل على الأهداف الإسرائيلية.
ويشكل لبنان بيئة مناسبة لنشاط حركة حماس خارج فلسطين، فهو على تماس مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك تعد المخيمات الفلسطينية مورداً خصباً للكفاح المسلح.
وتحظى القضية الفلسطينية عموماً، وحماس خصوصاً، بتأييد واسع لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين. في حين يعدّ حزب الله اللبناني حليفاً للحركة، ويؤمن لها الغطاء المناسب لاستهداف المستوطنات والمواقع الإسرائيلية من الجنوب اللبناني.
الجبهة اليمنية
أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية، الخميس، أنّها استهدفت سفينتين إسرائيليتين في خليج عدن، وثالثة في موقعين بـالمحيط الهندي وبحر العرب، بصواريخ باليستية ومسيّرات، مشيرة إلى تحقيق “إصابات مباشرة” خلال عمليات الاستهداف.
وقال المتحدث العسكري باسم “الحوثيين” العميد يحيى سريع في بيان مساء الأربعاء، “إن القوة الصاروخية بالقوات المسلحة اليمنية أطلقت دفعة من الصواريخ المجنحة على أهداف عسكرية إسرائيلية مختلفة في أم الرشراش جنوبي فلسطين المحتلة”.
وكانت جماعة أنصار الله اليمنية، أعلنت مؤخراً أنّها تحضّر لجولة رابعة من التصعيد، إذا استمر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأكّد زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، أنّه إذا استمر تعنّت العدو الصهيوني ومعه الأميركي، ضد الشعب الفلسطيني، فهناك جولة رابعة، فإنّ جماعته يحضرون لها من التصعيد في مواجهة هذا العدو الغاصب.
وبينما لا تزال المقاومة الفلسطينية في غزة تدك جيش العدو الصهيوني وصامدة في وجهه العدوان، أطلقت القوات المسلحة اليمنية تهديداً تاريخياً مقابل التهديد برفح، عبر إعلانها بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف كل السفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الصهيونية، والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من البحر الأبيض المتوسط.
ومع تطور المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار وصفقة التبادل، أعلنت جماعة أنصار الله أنّ هجماتها ضد سفن في البحر الأحمر بالصواريخ والطائرات المسيّرة لن تتوقف إلا في حالة انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة ورفع الحصار عن القطاع.
وأوضح الناطق باسم الجماعة محمد عبد السلام، في حديث لوكالة رويترز، أنّ الجماعة ستجري إعادة تقييم للوضع إذا انتهى الحصار، وسُمح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة بحرية.
وتستمر المقاومة
وبينما تتقدم لغة الحرب والتهديد عند كيان العدو الصهيوني لجهة اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، هناك خطوات خطاها محور المقاومة من أجل مسألة تنسيق الجهود وتكاملها لردع هذه التهديدات، مع ما يقتضي ذلك من تعزيز هجماته والاستعداد في المقابل لمواجهات مع العدوانية الصهيونية.
وفي نهاية المطاف، فإن الواقع العملياتي الذي أعدّته قوى المقاومة من خطّة الجهوزيّة والتصعيد وما اختزنته من مفاجآت، يرسل رسالة للعدو الصهيوني مضمونها أنها لا تزال تمتلك الكثير من أوراق القوة التي تمكّنها من تحويل التهديد الصهيوني باجتياح مدينة رفح الفلسطينية، إلى عبء ثقيل على كيان العدو وجيشه الذي مازال يتخبط بأزماته على كل الجبهات.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام