إستراتيجية الضربة الأرضية.. مؤامرة أمريكا العسكرية الجديدة ضد “أنصار الله”
العين برس/ تقرير
عاد البحر الأحمر، الليلة الماضية، إلى حالة من الاضطراب مرة أخرى، وتناقلت أنباء عن اشتباكات لأنصار الله مع سفن أمريكية، وأفادت وسائل إعلام يمنية بقصف مدينة الحديدة بطائرات هجومية، وفي هذا الصدد أفادت قناة “المسيرة” الإخبارية في خبر عاجل دون تقديم مزيد من التفاصيل أن “طائرات العدوان الأمريكي البريطاني هاجمت منطقة رأس عيسى في مديرية الصليف بمحافظة الحديدة”. وتصنف الحديدة كواحدة من أهم المحافظات اليمنية لأنها، بالإضافة إلى خطها الساحلي الطويل، لديها ثلاثة موانئ حيوية ومطار دولي ومعسكرات عسكرية، ويأتي هذا القصف الجوي بعد أن أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) أن ثلاثة صواريخ باليستية وثلاث طائرات مسيرة تابعة لـ “أنصار الله” أصابت السفن العسكرية لهذه القوة، بما في ذلك سفينة “سيكلاديز” والطراد “يو إس إس فيلبين” والسفينة “يو إس إس”، وتم استهداف المدمرة لابون في البحر الأحمر دون وقوع إصابات.
في غضون ذلك، أعلنت صنعاء أنها نجحت في استهداف السفينة الإسرائيلية “MSC Orion” في المحيط الهندي و”MSC Darwin” في خليج عدن من خلال تنفيذ هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ، وذلك على الرغم من أن اليمنيين أعلنوا السبت الماضي أنهم ضربوا سفينة النفط البريطانية “أندروميدا ستار” في البحر الأحمر بصواريخ بحرية، كما استهدفوا منطقة إيلات جنوب الأراضي المحتلة بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، قال أمس: إن بلاده ستواصل هجماتها ضد جماعة “الحوثيين” حتى تتوقف الجماعة عن استهداف السفن في البحر الأحمر، وفي يناير 2024، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف بحري تحت اسم “حارس الرفاه” بمشاركة المملكة المتحدة، وهو ما لم يلق ترحيباً من دول العالم، وخاصة الحكومات العربية، ونتيجة لذلك، أصبح على البلدين وحدهما إرسال أسطولهما البحري إلى مياه البحر الأحمر.
لكن تصرفات هذا التحالف الواضح في القصف المتتالي لمناطق في اليمن لم تتمكن من منع هجمات أنصار الله على السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني والأراضي المحتلة.
وفي هذا الصدد، أعلن عبدالملك الحوثي، زعيم أنصار الله، الخميس الماضي، أن قوات هذه الحركة نجحت في استهداف “102 سفينة تابعة لـ”إسرائيل” في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي”، وخلال الأيام الـ 202 الماضية من الحرب، يتم استهداف سفينة داعمة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة كل يومين، ومع ذلك، ومع هجمات الليلة الماضية التي شنتها طائرات التحالف الأمريكي البريطاني وتهديد القيادة المركزية الأمريكية بتكثيف هذه الهجمات في الساعات والأيام المقبلة، حذر العديد من المسؤولين في أنصار الله من العواقب الوخيمة لأي تصعيد للأزمة من قبل الولايات المتحدة وإنجلترا.
وقال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، في منصة “إكس”: “لا تلعبوا بالنار، فكل ما تتوقعونه من مخزون اليمن الإستراتيجي من أسلحة الردع كبير جداً”، أكثر بكثير مما تتوقعونه من حيث الجودة”، وقبل هذه التصريحات، أصدر مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، بيانا حذر فيه أمريكا من “أي تصعيد للتوترات”.
فتنة داخلية؛ التكتيك الأمريكي الجديد ضد أنصار الله
لكن تحذير سلطات صنعاء هذا تزامن مع استمرار وصول القوات الأمريكية المساعدة، وخاصة سرب طائرات إف 16، إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية، والتي تبعد أقل من 200 كيلومتر عن الحدود اليمنية، وأفادت مصادر إعلامية مقربة من حكومة عدن المتحالفة مع “التحالف”، أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عززتا اتصالاتهما مع وزارة الدفاع التابعة لحكومة عدن.
اعتبرت “أنصار الله” التصريحات الأخيرة لرئيس “المجلس القيادي اليمني” رشاد العليمي، والتي توعد خلالها العليمي بسحب قوات حكومة الإنقاذ الوطني من المناطق الخاضعة لسيطرته، بمثابة تصعيد للتوتر في المنطقة، في إطار السياسة الأمريكية، والذي يتزامن مع زيارة الفريق ديريك فرانس قائد القوات الجوية الأمريكية إلى الرياض ويلتقي الفريق الركن تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية.
ونقلت صحيفة “الأخبار” البيروتية نقلاً عن مصادر عسكرية في صنعاء، أن استعدادات أمريكا لغزو جوي واسع النطاق لليمن، من خلال دعم الهجمات البرية لآلاف الميليشيات الموالية للإمارات العربية المتحدة في اليمن لبعض الجبهات مثل تعز ولحج وغيرها من الأماكن، وأعلنت هذه الصحيفة نقلاً عن مصدر عسكري مطلع في العاصمة اليمنية، أن أنصار الله على استعداد تام للتعامل مع أي سيناريو للتوتر الداخلي، وقال: “إن الولايات المتحدة تسعى إلى استخدام مثل هذا الهجوم بالتزامن مع العمليات العسكرية البرية تحت قيادة التحالف الدولي وقيادة الجماعات الموالية للإمارات العربية المتحدة للتغطية على فشلها الكبير في رفع الحصار البحري عن إسرائيل في البحر الأحمر”.
وأضاف: “بالتزامن مع وصول القوات الرديفة للفصائل الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، ظهرت مؤشرات هذه العملية البرية في عدد من الجبهات مثل حيفان غرب تعز ولحج وعدن وغيرها”، واستشهد، أمس، طفلان وثلاث نساء، بهجوم بطائرة مسيرة في منطقة مقبنة جنوب غرب محافظة تعز، يعتقد أنها تابعة لهذه الجماعات، وفي هذا الصدد أدانت وزارة الصحة بصنعاء في بيان لها “هذه الجريمة التي تعتبر انتهاكا خطيرا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل عامه الثالث”.
الدعم الأمريكي الجديد للقوات المسلحة الإماراتية والميليشيات السعودية في اليمن ليس المطالبة الوحيدة للسلطات اليمنية، وقد قبله البيت الأبيض ضمنيا، وأكدت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، في مؤتمر صحفي أمس، أن “واشنطن تستخدم كل الأدوات الدبلوماسية والعسكرية لإثناء الحوثيين عن المغامرة”، وهو ما اعتبرته “غير مدروس”، إلى ذلك، كشفت مصادر عسكرية وسياسية في صنعاء عن إجراء مناورة عسكرية في الأيام الماضية بحضور السعودية و”إسرائيل” ودول عربية في قاعدة الزفرة الإماراتية تحت عنوان “علم الصحراء 9″، وهي “الخطوة قبل الأخيرة لـ”إعلان التطبيع الكامل بين السعودية وإسرائيل” وفي إطار ترتيبات إعلان تحالف عسكري جديد في المنطقة”.
“لقد اصطفى الله اليمنيين لهزيمة أمريكا”
هذه مقولة يمنية شهيرة شوهدت بكثرة في المساجد واللوحات الإعلانية والجداريات في المدن الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية منذ بدء عملية اقتحام الأقصى في الـ7 من أكتوبر ودعم صنعاء للمقاومة الفلسطينية “لقد اصطفى الله اليمنيين لهزيمة أمريكا”.
لكن هذا الشعارات والهتافات في ميدان العمل أظهرت أيضاً علامات أكيدة خلال هذه الفترة، حيث إن إلقاء نظرة على أحداث الأشهر السبعة الماضية تظهر أن التحالف الأمريكي البريطاني لم يفشل فقط في وقف موجة الهجمات البحرية لأنصار الله بشكل كامل، على الرغم من الادعاءات العديدة حول تدمير الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية لليمن، ولكن حتى بعد أشهر من الصراع، لا تزال شركات الشحن الكبرى بين الدول (الغربية الصهيونية) غير مستعدة لإعادة طريق البحر الأحمر إلى تجارتها البحرية، وهو ما يثبت اليد العليا لأنصار الله وفشل التحالف العسكري الأمريكي.
وفي هذا الصدد، يشار إلى التقرير الذي نشره موقع ناشيونال إنترست الأمريكي، والذي خلص من تطورات البحر الأحمر والمواجهة بين التحالف الأمريكي البريطاني وصنعاء إلى أنه “يبدو أن عدد السفن الحربية التابعة لدولة أخرى مهم في تقييم قدراتها”، وفي هذا التقرير، يعترف الكاتب الأمريكي رامون ماركس بأن تطوير صواريخ مضادة للسفن غير مكلفة سيحدث ثورة في الحرب البحرية، تماماً كما فعلت حاملات الطائرات في القرن الماضي، ويؤكد الكاتب أنه على الرغم من القوة النارية للبحرية الأمريكية، يواصل الحوثيون أعمالهم، ويهاجمون بانتظام السفن الحربية التي تبلغ قيمتها مليار دولار أمريكي.
وحسب تقرير نشرته صحيفة “تلغراف” الإنجليزية، فإن أنصار الله يتمتعون بميزة ملكية الأراضي نظرا لموقع اليمن على ساحل البحر الأحمر، وبالتالي فإنهم على دراية تامة بأحوال البحر وطقسه، وهذا يعطي اليمنيين اليد العليا، لكن يبدو أن مقامرة الإمارات والسعودية بدعم أعمال التحالف الأمريكي المسببة للتوتر لن تحقق مكاسب عسكرية وسياسية لهذه الدول فحسب، بل كما حذر مسؤولو أنصار الله، فإن هذه الشراكة العسكرية ستوسع مظلة التهديدات العسكرية اليمنية وسوف يتسبب للأسطول التجاري البحري لتلك الدول في خسائر فادحة.
المصدر: الوقت التحليلي