تصاعدت العمليات العسكرية اليمنية مستهدفة الملاحة “الإسرائيلية” أو السفن المتجهة إلى موانىء فلسطين المحتلة، حيث شهدت سلسلة هجمات نوعيّة في مناطق مختلفة من البحرين الأحمر والعربي وكذلك في المحيط الهندي، بالإضافة إلى إسقاط طائرة حربية أمريكية MQ9 في أجواء اليمن مؤخرًا، وتنفيذ ضربات بصواريخ مستهدفة مواقع تابعة للكيان “الإسرائيلي” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتؤكد القوات المسلحة اليمنية، عبر ضرباتها المتواصلة، أنها ماضية في اتخاذ المزيد من الإجراءات العسكرية ضد كافة الأهداف المعادية دفاعًا عن اليمن العزيز وتأكيدًا على الموقف المساند للشعب الفلسطيني المظلوم، فيما بدا واضحًا وجود “سعي مستمر من أجل توسيع وتقوية العمليات في المحيط الهندي بما لم يكن واردًا أبدًا في ذهن وحسابات الأميركي والبريطاني و”الإسرائيلي” كلهم وربما كل دول العالم”، بحسب ما أكد قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير حول آخر التطورات والمستجدات.
ووفق الحسابات التي تؤكد الاتجاه أعلاه، فإن معدّل العمليات “في استهداف السفن المرتبطة بالعدو “الإسرائيلي” بلغ سفينة كل يومين”، الأمر الذي أدّى الى انكماش الحضور البحري الأميركي فغابت الكثير من قطعه الحربية لتنتشر في أطراف البحر الأحمر.
هذه الأحداث تشير بوضوح إلى قوة الجبهة البحرية اليمنية، وتظهر ضعف القوات الأميركية في حماية الملاحة “الإسرائيلية” في مسرح العمليات، بل واضطرت الولايات المتحدة إلى سحب جزء من قواتها البحرية، كما أسفرت هذه الهجمات – وفقًا للتقارير – عن زيادة الضغط على كيان الاحتلال وخسائر كبيرة في اقتصاده، كذلك ارتفاع تكاليف شحن الحاويات في بريطانيا بنسبة 300% وتأخيرات كبيرة في تسليم البضائع، وغيرها من التأثيرات والعواقب السلبية.
ما تقدّم يشير، بشكل جليّ، إلى نجاح اليمن في فرض معادلة ردع فعّالة، بالإضافة إلى دعمه الفعّال لفلسطين في مواجهة الكيان الصهيوني.
العقيد مجيب شمسان، الخبير العسكري اليمني، أكد أن هذا التصعيد في العمليات اليمنية يعكس تطورًا في القدرات وحالة اليقظة الكاملة للقوات المسلحة اليمنية في مراقبة المياه الإقليمية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة واجهت فشلًا كبيرًا في التصدي للتحديات في البحرين الأحمر والعربي.
وأضاف في مقابلة مع موقع العهد الإخباري أن “الولايات المتحدة فشلت بشكل ملحوظ في فهم المخاطر والتداعيات المحتملة لتصعيد التوتر في المنطقة، والذي يعود جزئيًا لتأثير اللوبي الصهيوني على صنع القرار الأمريكي”، واعتبر أن “هذا الفشل قاد الولايات المتحدة إلى فقدان الخيارات و”الهيبة” في المنطقة، مما يعزز موقف اليمن كقوة مؤثرة في المنطقة”.
واعتبر أن هذا التصاعد في العمليات اليمنية ينبئ بتطور القدرات ومستوى الجهوزية وحالة اليقظة التامة من قبل القوات المسلحة اليمنية في مراقبة البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وتتبع السفن التابعة للكيان الصهيوني أو للأميركي أو البريطاني، مبيّنًا أن “أميركا وحلفاءها يتلقّون كل يوم فضيحة في البحر الأحمر، فقد فشلوا على كل الأصعدة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن انسحاب السفن الأميركية من البحر الأحمر يمثل فضيحة كبرى أمام العالم”.
شمسان لفت إلى أن “الولايات المتحدة الأميركية عمدت إلى التصعيد وتحويل البحر الأحمر إلى منطقة مواجهات عسكرية رغم إدراكها لمخاطر وتداعيات تحويل هذه المنطقة إلى رقعة مواجهة وصدام عسكري نتيجة اختراق اللوبي الصهيوني لمنافذ القرار الغربي، رغم إدراك الأميركي ما يترتب على هذه المغامرة من خسائر اقتصادية وتداعيات سقوط ما تبقّى من “الهيبة” الأميركية”.
وأشار الخبير العسكري اليمني إلى أن “تأثير العمليات العسكرية اليمنية المستمر أوصل أميركا إلى مأزق حقيقي وفقدان للخيارات على أعلى المستويات، فالحلف الذي تم تشكيله بما يسمى “حلف الازدهار” وُلد ميّتًا، وبالتالي الأميركي وصل إلى طريق مسدود، فعدمه ووجوده سواء على اعتبار أن كل ما حشده من قدرات وإمكانيات في هذه المنطقة لم يمكنّه من تحقيق أي من الأهداف التي جاء من أجلها لا على مستوى الردع ولا على مستوى كسر القرار اليمني ولا على مستوى الحد من فعاليات وتأثير العمليات العسكرية أو الحد من القدرات اليمنية”.
وشدد شمسان على أن ضرب السفن الأميركية والبريطانية و”الإسرائيلية” أسقط ما تبقّى من “الهيبة” الأميركية التي كانت تظن نفسها مسيطرة على أعالي البحار، وأدخلت أميركا نفسها في مأزق كانت بغنى عنه، وأوضح أن “أقرب الطرق للحفاظ على ما تبقّى من “ماء وجهها” كان بإيقاف العدوان والحصار على غزة إلاّ أنّها اندفعت من قبل اللوبي الصهيوني للاستمرار في هذه المواجهة، والتي لم يكن من نتائجها إلاّ خسارة ما تبقى من “هيبة” ومن قوة ردع، وبالتالي ينبئ الأمر بتحولات على مستوى جيو استراتيجي تشمل المنطقة بشكل عام.
العقيد شمسان خلص في ختام حديثه لموقعنا أن “المواجهة مع الأميركي وصلت اليوم إلى مستوى متقدّم جدًا بدليل أنه رغم كل ما حشدوه لم يتمكنوا من اعتراض الصواريخ اليمنيّة ولم يتمكنوا من إيقاف تلك العمليات التي استطاعت الوصول إلى أهدافها بدقة سواء في البحرين الأحمر والعربي أو في المحيط الهندي، وعليه فقد اتسع مسرح العمليات بشكل كبير وسط عجز الأميركيين وحلفائهم عن المواجهة”.
العهد الاخباري: مصطفى عواضة