بايدن يغض الطرف عن الرد الايراني: على إسرائيل ان تدرك ضعفها؟
العين برس/ مقالات
مريم السبلاني
سقطت آخر الخطوط الحمر بين إيران وكيان الاحتلال. وما كان يُنفّذ لعقود مضت، على شكل عمليات أمنية، نُقل ليل 13 نيسان/ أبريل على الهواء مباشرة، بعدما استهدفت طهران عمق الكيان بمسيرات انتحارية وصواريخ باليستية ثقيلة اجتازت شبكة الأنظمة الدفاعية. من سوء حظ الرئيس الأميركي أن “العدو” الذي عمل أسلافه على عزله وتجريده من عوامل قوته، وجه ضربة تاريخية لحليفه الأول في الشرق الأوسط وتركه “مكبّلاً” في موقف “الدفاع عن النفس” لا الهجوم كما اعتاد. وعلى الرغم من الجهد الأميركي الغربي العربي لصد الهجوم الإيراني، إلا ان الحقيقة الثابتة تبقى في تعليق جو بايدن الأول، بعدم إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بالرد تجنباً لحرب إقليمية واسعة.
كان لإعلان حرس الثورة الإسلامية في إيران عن إصابة صواريخه قاعدة عسكرية إسرائيلية استُخدمت لقصف القنصلية، قبل تأكيد جيش الاحتلال ذلك، وطأة إضافية ثقيلة على أطراف المشهد المتلبّد في أجواء البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية، أيضاً.
يقف بايدن أمام معضلة مركبة. اذ ان الردع الذي سعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لترميمه بغزو غزة، جرّ الأحداث إلى نقطة متقدمة من الغليان. ولو أن مصلحة الأخير تكمن في تصدير أزمته إلى الخارج، وتحويل الحديث من غزو رفح إلى طهران، إلا ان الانتقال إلى دائرة من الردود والردود المضادة بين الجانبين قد يؤدي إلى حرب واسعة لن تكون القواعد الأميركية في المنطقة ببعيدة عنها قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية. مع تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن “لم نر وضعاً خطيراً مثل الوضع الذي نواجهه الآن في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 1973 على الأقل”.
بعد يوم من الرد الإيراني على الاستهداف الإسرائيلي للقنصلية، تواصل إدارة بايدن حث إسرائيل سراً وعلانية على عدم التسرع في انتقام غير مضمون النتائج والتبعات. وبحسب مسؤول أميركي كبير تحدث لاكسيوس ان “التقييم الأميركي هو أن إيران سترد على أي ضربة إسرائيلية كبيرة وعلنية على الأراضي الإيرانية بجولة جديدة من الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار… إن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى تصعيد إقليمي”. وأكد المسؤول أن “هناك أيضاً خطراً من أن الجهود المبذولة للدفاع عن إسرائيل ضد المزيد من الهجمات الإيرانية لن تكون ناجحة مثل الدفاع المنسق يوم الأحد”.
بحسب وسائل الاعلام الإسرائيلية، فإن طهران أطلقت أكثر من 170 طائرة مسيرة مفخخة، ونحو 120 صاروخاً باليستياً ونحو 30 صاروخ كروز. في حين اضطرت الولايات المتحدة إلى قيادة تحالف دفاعي جوي لصد الهجمات، يتألف من نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي والطائرات الحربية الأميركية والبريطانية والأردنية. وتطرح صحيفة وول ستريت جورنال إشكالية في هذا الصدد، بمناقشة إمكانية تكرار هذا الأداء في كل مرة تتعرض بها إسرائيل لهجوم إيراني. وقالت “هل بوسع إسرائيل ومؤيديها تكرار هذا الأداء في ظل ظروف حرب شاملة؟ مازال سؤالا مفتوحاً وكذلك قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها دون مساعدة خارجية”. مضيفةً “عندما تدرس إسرائيل ردها، يجب عليها أيضًا أن تزن مصالح شركائها العرب، مثل الأردن والسعودية والإمارات”.
كل هذه الإشكاليات تصب في المكتب البيضاوي أولاً. اذ ان بايدن الذي تعهد بالدفاع عن الكيان بمختلف الطرق، سيكون بمواجهة الكونغرس في كل مرة يطلب تمويلاً لتزويد إسرائيل بالأسلحة على غرار المرة الأخيرة بداية شهر نيسان/ أبريل الجاري. والحال نفسه، لو فاز الرئيس السابق دونالد ترامب بولاية جديدة، ما يعطي هذه المعضلة طابعاً استراتيجياً أميركياً، لا أزمة مرحلية مع الإدارة الحالية.
من ناحية أخرى، فإن التطبيع الإسرائيلي السعودي الذي تم تأجيله -على ما يبدو- لمصلحة مشتركة بين ولي العهد ونتنياهو لتجنب منحه كإنجاز لبايدن في ولايته، هو بجانب من جوانبه يقع ضمن استراتيجية المملكة “المستحدثة” لتكون على “مسافة واحدة” من مختلف الدول. وبالتالي، فإن اعتماد الكيان على المظلة الأميركية في حشد الدول للدفاع عنه، ان نجح هذه المرة، إلا ان اعتماده كنهج دائم، دونه الكثير من المحاذير، تبدأ بمصالح تلك الدول التي لا تود معاداة ايران اولاً، ولا تنتهي بانكشاف الضعف الأميركي الإسرائيلي بالسيطرة على هجوم من دولة واحدة، وهم على علم به قبل أسابيع، عند الإعلان عن نية الرد بعد استهداف القنصلية.
المصدر: موقع الخنادق