ماذا تعرف المقاومة في لبنان عن جيش العدو؟ وماذا يعرف هو عنها؟
العين برس/ تقرير
عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
يبدو الإشتباك القائم حاليًا بين حزب الله وجيش العدو الإسرائيلي مختلفًا في مدته ونمطه، وللمرة الأولى يواكب الحزب العمليات في قطاع غزّة منذ اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى بهذا الأسلوب الميداني، في معركة هي الأطول بين جيش العدو وقوى المقاومة.
خلال فترة قصيرة توسّعت دائرة النار ودخلت الوضعية في البعد الأكثر تعقيدًا، بما يمكن وصفه بوضعية الحرب واللاحرب والتي ستستمر طالما أن المعركة في غزّة مستمرة، بفارق أن الدخول في وضعية الحرب هو احتمال قائم ربطًا بعاملين:
1- وصول قطاع غزّة إلى مرحلة التهديد الوجودي عبر وصول جيش العدو الإسرائيلي إلى مرحلة الحسم والسيطرة.
2- قرار إسرائيلي بتوجيه ضربة واسعة في لبنان وحصول خطأ في التقدير (من الجانبين) يؤدي إلى خرق قواعد الإشتباك بشكل كبير.
في مقاربة الوضعية الميدانية لمعارك القطاع لا تزال المقاومة تقاتل وبكفاءة عالية ولا يزال جيش العدو الإسرائيلي غير قادر على التثبيت والسيطرة.
مقابل وضعية اشتباك ثابتة إلى حد كبير في لبنان وهي وضعية مقيّدة بمكان وعمق وسقف، خرقها الإسرائيلي بشكل محدود بما يرتبط بالعمق ولكنها ثابتة إلى حد يمنع الذهاب إلى ارتفاع في مستوى الإشتباك، إقله حتى لحظة كتابة هذه السطور وهذا يعني أن لا ذهاب الى وضعية الحرب المفتوحة المتعارف عليها بين الحزب والإسرائيليين.
في ظل هذه المواجهة تبدو معركة المعلومات هي العمود الفقري للحسم؛ ففي غزة ولبنان أثبتت الوقائع أن المقاومة تعرف الكثير عن جيش العدو الإسرائيلي مقابل معارف محدودة لجيش العدو عن المقاومة.
في المقاربة الأولى لنتائج معركة طوفان الأقصى تبيّن بشكل واضح وسريع مستوى الفشل الاستخباري لدى العدو، مقابل قدرات استخباراتية ممتازة امتلكتها المقاومة عن تموضع الوحدات الإسرائيلية وخصائص كل وحدة ومستوى استعدادها وما تملكه من إمكانيات، حيث نستدل على ذلك من توجه المجموعات والمفارز كلّ إلى مهمته ضمن الوقت المحسوب والتدابير والإجراءات المُعدّة في الخطة الرئيسية والاحتياطية.
في لبنان تنفذ المقاومة إجراءات قد تبدو للبعض استعراضية وسخيفة ولكنها في العمق تحضير للجبهة في البعدين الهجومي والدفاعي.
إن تسخيف معركة “العواميد” كما سمّاها البعض من صهاينة الداخل نابع إمّا من أبعاد مخططة أو من تفاهة وحقد مطلقيها وفي كلا الحالتين تندرج تصريحات هؤلاء ضمن سياق مساندة العدو سواء عن قصد أو غير قصد.
أثبتت الأيام الـ 79 من مسار المعركة أن حزب الله يعرف عن العدو كل ما يجب معرفته سواء بالنسبة للأهداف الإستراتيجية العسكرية والاقتصادية تحديدًا أو حتى بالنسبة للأهداف المدنية الموضوعة على بنك الأهداف ضمن تراتبية تعامل تدريجية وضمن آليات اتخاذ القرار المناسبة في الزمان والمكان المؤثرين.
على المستوى الإستراتيجي سبق وأن كتبت موضوعًا بعنوان “معادلة العصر الحجري بين الحزب والكيان الإسرائيلي، اين وكيف؟” يمكن الرجوع إليه وهو تضمن توصيفًا دقيقًا للأهداف الإستراتيجية داخل الكيان الإسرائيلي التي اذا ما استهدفت ستعيد الكيان إلى العصر الحجري.
في البعدين التكتيكي والعملياتي (التعبوي) يعرف حزب الله كل ما يجب أن يعرفه عن وحدات العدو وتشكيلاته وانتشارها وتسليحها وقدراتها الدفاعية والهجومية، مقابل معارف محدودة للإسرائيليين عن قدرات الحزب الإستراتيجية وأماكن تموضع أسلحته ومخازنه وأساليب وأنماط التحشيد والدعم باستثناء ما يعرفه الجيش الإسرائيلي عن مراكز الحزب المعلنة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وهي كلها مراكز لا علاقة لها بالبعد العسكري المباشر ولكنها ستكون على رأس قائمة بنك الأهداف الإسرائيلي، بفارق أن الإسرائيلي لن يكون قادرًا على استهدافها بسبب قدرة الحزب على استهداف أهداف مماثلة في عمق الكيان. ومثال على ذلك الكنيست ومقر مجلس الوزراء والوزارات وأهداف أخرى، ما يعني ترسيخ معادلة مدني مقابل مدني ومبنى مقابل مبنى وهي المعادلات المرتبطة بقدرات الحزب الصاروخية والتي وصلت إلى مستوى غير مسبوق.
وفي مقاربة واقعية لما يعرفه حزب الله عن قدرات جيش العدو الإسرائيلي فالأمر في حقيقته يرتبط بجهد معلوماتي تراكمي يعلم فيه الحزب كل شيء بما في ذلك نقاط القوة والضعف والثغرات الدفاعية والخطط الهجومية سواء على الحد الأمامي (الحافة الأمامية) أو في العمق العملياتي.
يعمل جيش العدو الإسرائيلي بجهد هجومي رئيسي على جبهة قطاع غزة بقوام أربع فرق، بينما يعمل في لبنان بجهد دفاعي تتولاه الفرقة 146 احتياط وفرقة الجليل 91.
يتموضع جيش العدو الإسرائيلي بمواجهة لبنان عبر تنفيذ خطة بثلاثة خطوط “دفاعية”:
1- الخط الأول على الحد الأمامي (الحافة الأمامية) بمعدل كتيبة في كل قطاع.
2- الخط الثاني في المستوطنات الحدودية بعمق 2 كلم (كتيبة خلف كل كتيبة حدودية).
3- الخط الثالث بعمق 10 كلم (سرية من كل منطقة).
وكنموذج معرفي أورد لكم تشكيل المنطقة الشمالية بوحداتها الأساسية على أن أفصل لاحقًا في تشكيلات القطاعات والمواقع.
تتشكل قيادة المنطقة الشمالية (مقر قيادتها في صفد) من:
* (الفرقة 36 مدرعة) أغلب تشكيلاتها تقاتل في غزة حاليًا وتسمى فرقة جآش/ الغضب
– لواء المشاة الأول “جولاني”
– لواء المشاة السادس “إتزيوني ” احتياط
– اللواء المدرع السابع “سار مي جولان”
– اللواء 188 مدرع “باراك”
– اللواء 282 مدفعية “الجولان”
* (الفرقة 91) فرقة الجليل الإقليمية
– لواء المشاة الثالث “ألكسندروني” احتياط
– اللواء المدرع الثامن / احتياط
– اللواء الإقليمي 769 “حيرام” – القسم الشرقي من الحدود مع الحدود اللبنانية
– لواء المدفعية 7338 / احتياط
* (الفرقة 146) فرقة ها ماباتز/بانغ المدرعة
– لواء المشاة الثاني “كرملي” / احتياط
– اللواء المدرع الرابع “كرياتي” / احتياط
– اللواء 205 مدرع “قبضة حديدية” احتياط
– لواء المظليين 226 / احتياط
– لواء المشاة 228 / احتياط
– لواء المدفعية 213 “إحياء” / احتياط
*(الفرقة 210) فرقة باشان الإقليمية
– لواء المشاة التاسع “عوديد” / احتياط
– اللواء 434 مدرع / احتياط
– اللواء الإقليمي 474 “الجولان” – قطاع هضبة الجولان
– اللواء الإقليمي 810 “الحرمون” قطاع جبل الشيخ
– لواء المدفعية 209 “كيدون” احتياط
*كتيبة إشارات القيادة الشمالية
*وحدة هندسة القيادة الشمالية
*وحدة استخبارات القيادة الشمالية
*وحدة الشرطة العسكرية للقيادة الشمالية 390
*الوحدة الطبية للقيادة الشمالية
*وحدة صيانة القيادة الشمالية 651
*قاعدة تدريب القيادة الشمالية “إلياكيم”
*الوحدة اللوجستية رقم 5002 “لبنان”
*الوحدة اللوجستية رقم 5003 “جنوب الجولان”
ختامًا: تشكل هذه المعلومات قاعدة بيانات رئيسية تشير إلى معرفة البعد التنظيمي للقوات المعادية فيها الكثير من التفاصيل المرتبطة بالعديد والتسليح والخبرات والقدرات وكلها أمور معروفة للمقاومة تمكنها من إدارة العمليات بكفاءة عالية انطلاقًا من كون المعلومات هي أساس خوض الحرب واحيانًا كثيرة منعها من خلال إعلام العدو بطريقة غير مباشرة أننا نعرف عنه كل شيء وهو ما يمنعه من المغامرة والذهاب الى تصرفات حمقاء .
هيكلية الجبهة الشمالية لجيش العدو الإسرائيلي
عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
المصدر: موقع العهد