لهذه الأسباب إسرائيل لا تستطيع القضاء على حماس
العين برس/ تقرير
منذ إعلان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الحرب على قطاع غزة، ضمن معركة طوفان الأقصى، تركزت هجمات الجيش الإسرائيلي على استهداف المدنيين الآمنين في منازلهم، واغتالت منهم الأطفال والنساء والشيوخ.
في هذا الإطار تقول صحيفة affairs foreign في تقرير ترجمه موقع الخنادق “إن نهج إسرائيل المعتمد على قتل المدنيين محكوم عليه بالفشل- بل إنه يفشل بالفعل. ولم يؤد قصف المدنيين بشكل جماعي الى تراجع الفلسطينيين عن دعم حماس. على العكس من ذلك، فقد زاد من غضب الفلسطينيين. وقد أظهر أكثر من خمسين يومًا من الحرب أنه بينما تستطيع إسرائيل تدمير غزة، فإنها لا تستطيع تدمير حماس. في الواقع، قد تكون حماس أقوى الآن مما كانت عليه سابقاً”.
النص المترجم للمقال:
العقاب الجماعي لن يهزم حماس
بينما تتوغل القوات الإسرائيلية في جنوب غزة، فإن الهدف الدقيق من النهج الإسرائيلي غير واضح إطلاقاً. على الرغم من أن القادة الإسرائيليين يزعمون أنهم يستهدفون حماس وحدها، إلا أن الافتقار الواضح للتمييز بينهم وبين المدنيين يثير تساؤلات حقيقية حول نيات الحكومة. فهل حرص إسرائيل على تدمير غزة هو بسبب عدم كفاءتها الذي أدى إلى فشل كبير للجيش في مواجهة هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول؟ هل تدمير شمال وجنوب غزة الآن هو مقدمة لترحيل جميع سكانها إلى مصر، كما هو مقترح في الورقة التي أعدتها وزارة المخابرات الإسرائيلية؟
مهما كان الهدف النهائي، فإن الدمار الجماعي الذي تخلفه إسرائيل في غزة يثير مشاكل أخلاقية عميقة. ولكن حتى إذا حكمنا على ذلك من الناحية الاستراتيجية البحتة، فإن نهج إسرائيل محكوم عليه بالفشل ـ بل إنه يفشل بالفعل. لم يؤد قصف المدنيين بشكل جماعي بتوقفهم عن دعم حماس. على العكس من ذلك، فقد زاد من غضب الفلسطينيين. وأظهر أكثر من خمسين يومًا من الحرب أنه بينما تستطيع إسرائيل تدمير غزة، فإنها لا تستطيع تدمير حماس. في الواقع، قد تكون حماس أقوى الآن مما كانت عليه سابقاً.
إسرائيل ليست أول دولة تخطئ لإفراطها في الاعتماد على القوة الجوية. يبين التاريخ أن القصف واسع النطاق للمناطق المدنية يكاد لا يحقق أهدافه أبداً. كان من الأفضل لإسرائيل لو استجابت لهذه الدروس، وردت على هجوم 7 أكتوبر بتوجيه ضربات ضد قادة حماس ومقاتليها بدلاً من القصف العشوائي الذي اختارته. لكن لم يفت الأوان بعد لتغيير المسار واعتماد استراتيجية بديلة قابلة للتطبيق لتحقيق أمن دائم، وهو نهج من شأنه أن يدق إسفينًا سياسيًا بين حماس والفلسطينيين بدلاً من التقارب بينهما مثل اتخاذ خطوات ذات مغزى، وأحادية الجانب نحو حل الدولتين.
قصف غزة الوحشي
قصف غزة الوحشي
منذ تأسيس القوة الجوية، سعت الدول إلى قصف الأعداء لإخضاعهم، وتحطيم الروح المعنوية للمدنيين. تقول النظرية، أنه سوف ينتفض السكان ضد حكوماتهم ويغيرون مواقفهم. وقد وصلت استراتيجية العقاب القسري هذه إلى أوجها في الحرب العالمية الثانية. ويذكر التاريخ القصف العشوائي للمدن في تلك الحرب: هامبورغ (40.000 قتيل)، ودارمشتات (12.000 قتيل)، ودريسدن (25000).
الآن يمكن إضافة غزة إلى هذه القائمة. حيث شبّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحملة العسكرية الحالية، بقتال الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وما لم يذكره نتنياهو هو أن جهود الحلفاء لمعاقبة المدنيين بشكل جماعي لم تنجح. في ألمانيا، تسببت حملة قصف الحلفاء، التي بدأت في عام 1942، في إحداث فوضى بين المدنيين، ودمرت منطقة حضرية تلو الأخرى، وفي النهاية تم تدمير ما مجموعه 58 مدينة وبلدة ألمانية بحلول نهاية الحرب. لكنها لم تستنزِف معنويات المدنيين أو تسببت في انتفاضة ضد أدولف هتلر، على الرغم من التنبؤات الواثقة لمسؤولي الحلفاء. في الواقع، شجّعت الحملة الألمان على القتال بقوة أكبر خوفًا من سلام قاس بعد الحرب.
الحرب في أوكرانيا هي أحدث مثال على ذلك. منذ ما يقرب من عامين، سعت روسيا إلى إجبار أوكرانيا من خلال الهجمات الجوية على المدن في جميع أنحاء البلاد، مما أسفر عن مقتل أكثر من 10.000 مدني، وتدمير أكثر من 1.5 مليون منزل، وتشريد حوالي ثمانية ملايين أوكراني. من الواضح أن روسيا تدمر أوكرانيا. لكن بعيدًا عن سحق الروح القتالية لأوكرانيا، فإن هذه العقوبة المدنية الهائلة أقنعت الأوكرانيين بمحاربة روسيا بشكل مكثف أكثر من أي وقت مضى.
حملة ذات نتائج عكسية
هذا النمط التاريخي يعيد نفسه في غزة. على الرغم من مرور شهرين على العمليات العسكرية المكثفة – غير المقيدة فعليًا من قبل الولايات المتحدة وبقية العالم – لم تحقق إسرائيل سوى نتائج هامشية. لم تؤد الحملة حتى إلى هزيمة جزئية لحماس. قتلت العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية ما يصل إلى 5000 من مقاتلي حماس (وفقًا لمسؤولين إسرائيليين)، من إجمالي حوالي 30000. لكن هذه الخسائر لن تقلل بشكل كبير من التهديد الذي يتعرض له المدنيون الإسرائيليون، لأنه، كما أثبتت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، لا يتطلب الأمر سوى بضع مئات من مقاتلي حماس لإحداث الفوضى في المجتمعات الإسرائيلية. بعبارة أخرى، يكاد يكون من المؤكد أن إسرائيل تنتج إرهابيين أكثر مما تقتل، لأن كل مدني قتيل سيكون لديه عائلة وأصدقاء حريصون على الانضمام إلى حماس للانتقام.
لم يتم تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، حتى بعد العمليات التي تم التباهي بها كثيرًا ضد مستشفى الشفاء، الذي زعم الجيش الإسرائيلي أن حماس استخدمته كغرفة عمليات. كما تظهر مقاطع الفيديو التي نشرها الجيش الإسرائيلي، باستيلاء إسرائيل على مداخل العديد من أنفاق حماس وتدميرها، ولكن يمكن إصلاحها في النهاية، تمامًا كما تم بناؤها في البداية. والأهم من ذلك، يبدو أن قادة حماس ومقاتليها قد تخلوا عن الأنفاق قبل أن تدخلها القوات الإسرائيلية، مما يعني أن أهم بنية تحتية للحركة – مقاتلوها – نجوا. تتمتع حماس بميزة على القوات الإسرائيلية: يمكنها بسهولة التخلي عن القتال، والاندماج في السكان المدنيين، والعيش للقتال مرة أخرى بشروط أكثر ملاءمة. وهذا هو السبب في أن عملية برية إسرائيلية واسعة النطاق محكوم عليها بالفشل.
لم تضعف الحملة العسكرية الإسرائيلية بشدة سيطرة حماس على غزة. وقد أنقذت إسرائيل واحدة فقط من 240 رهينة تم أسرهم في هجوم 7 أكتوبر. وأطلقت حماس سراح الرهائن الآخرين (خلال الهدنة)، مما يدل على أن الجماعة لا تزال تسيطر على مقاتليها.
على الرغم من النقص الكبير في الطاقة، والدمار الشامل في جميع أنحاء غزة، تواصل حماس إنتاج مقاطع فيديو دعائية تظهر الفظائع المدنية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية، والمعارك المتواصلة بين مقاتلي حماس والقوات الإسرائيلية. يتم توزيع مقاطع الفيديو لعمليات حماس على نحو واسع على تطبيق Telegram، حيث تضم قناتها أكثر من 620.000 مشترك. حسب إحصاء مشروع جامعة شيكاغو للأمن والتهديدات، قام الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، بنشر ما يقرب من 200 مقطع فيديو وملصق من 11 أكتوبر إلى 22 نوفمبر عبر تيليغرام.
الطريقة الوحيدة لهزيمة دائمة حماس هي استهداف قادتها ومقاتليها مع فصلهم عن السكان المدنيين. بالطبع، إن قول ذلك أسهل من تطبيقه، خاصة وأن مقاتلي حماس هم من السكان المحليين، وليسوا من الخارج.
المصدر/ موقع الخنادق