أمريكا تحَرّك أيزن هاور إلى البحرَين العربي والأحمر.. هل تحمي السفنَ الإسرائيلية أم تزيدُ الوضعَ سُوءًا؟
العين برس/ مقالات
طالب الحسني
في مطلع العام 2022 تم الاستيلاء عن السفينة روابي التي تملكها الإمارات وأعلنت البحرية اليمنية التابعة لصنعاء أنها ضبطت السفينة وسحبتها إلى ميناء الحديدة غرب اليمن ضمن سلسة عمليات لكسر الحصار عن اليمن، لا تزال السفينة راسية في الميناء وأطلقت صنعاء جزء من طاقمها بعد مفاوضات بوساطة عمانية.
هذه العملية كشفت التالي:
أن قوات صنعاء تملك قدرات عسكرية لتنفيذ مثل هذه العمليات المعقَّدة وتستطيع تنفيذها عندما تقرّر ذلك.
أن نشر التحالف الذي تقودُه السعوديّة ”أدوات عسكرية” على غرار قوات طارق صالح والانتقالي في أطراف الساحل الغربي غير قادرة على إفشال عمليات عسكرية بحرية مثل هذه.
ثالثاً: وهو الأهم أن القوات البحرية المشتركة والتي تضم خمس دول بينها أمريكا ومصر والسعوديّة والإمارات والأردن وتنتشر في البحر الأحمر والعربي لا تستطيع أن تسيطر بشكل كلي على المنطقة بما في ذلك ممر باب المندب.
خلال السنوات الماضية كرّرت صنعاء التحذير باستمرار الحصار وأنها قد تضطر إلى عمليات عسكرية بحرية تستهدف السفن العسكرية والتجارية التابعة لدول التحالف، أعقبت هذه التحذيرات صواريخ بحرية على غرار مندب 1-2-3 وروبيج وفالق وصياد وعاصف، وهي منظومات متطورة وحديثة، بالإضافة إلى ألغام بحرية متعددة تستطيع إلحاق خسائر كبيرة بالتحالف وقطع الطريق أمام السفن التابعة له.
نستطيع أن نقول إن استجابة أمريكية وسعوديّة قد حدثت وكانت وراء الذهاب نحو مفاوضات مع صنعاء كسرت الحصارَ جزئيا عن ميناء الحديدة، لكنه فتح غير كافٍ، وهذا يبحث أَيْـضاً في طريق رفع الحصار كليًّا عن الموانئ.
العملية الأخيرة للقوات البحرية اليمنية التي وُثِّقت بالصوت والصورة الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية “غلاكسي ليدر” ضمن المشاركة اليمنية لدعم غزة عسكرية والإعلان عن إغلاق باب المندب أمام العدوّ الإسرائيلي، مثّلت تطورا إضافيا للقدرات صنعاء العسكرية بما يجعلها قادرة على إعادة السيادة اليمنية لباب المندب والبحر الأحمر والعربي متجاوزة التهديدات الأمريكية، وعلى الأقل فَــإنَّ أي صدام عسكري في هذه المنطقة قد يعرض الانتشار الأمريكي لخطر بالغ.
يتوجب الإشارة هنا إلى حدثَينِ أَو ما يمكن اعتبارهما معادلتَينِ:
الأولى: منع صنعاء استمرار سرقة وتصدير النفط والغاز من موانئ حضرموت وشبوة المطلة على البحر العربي باستخدام القوة الصاروخية وتهديد السفن التي تقترب من الموانئ، لقد باتت هذه المعادلة ثابتة وتوقفت الشركات الفرنسية والأمريكية توتال وهنت العاملتين في القطاعات النفطية والغازية عن العمل منذ أكثر من عام ونصف، تتكبد الشركات خسائر باهظة بالإضافة إلى توقف حصول ”الحكومة” التي تدعمها على عائدات النفط والغاز، دون أن تتمكّن الولايات المتحدة الأمريكية من حماية السفن.
الثانية: توقف الشركات والكيانات التجارية التي تملكها أَو تشارك فيها إسرائيل المرور من باب المندب بنسبة عالية تجنبا لوقوعها تحت سيطرة القوات البحرية اليمنية، وإعلان القيادة الأمريكية الوسطى تحريك حاملات الطائرات الأمريكية أيزن هاور من هُرمز إلى البحر العربي لمحاولة حماية السفن الإسرائيلية لن تغير في المعادلة كَثيراً، بل قد تزيد من الصدام وحالة عدم الأمان، ومن الواضح أن كَثيراً من الشركات لن تخاطر استنادًا إلى الحماية الأمريكية.
دعوني أذكر هنا بأمرَينِ:-
الأول عسكري: ويرتبط بنوعية العمل العسكري التي ستقوم به صنعاء للتعامل مع الحماية الأمريكية لسفن العدوّ الإسرائيلي؛ إذ إن المرجح عدم السيطرة والاستيلاء على السفن مثلما حصل مع ليدر بل استهداف السفن وإغراقها باستخدام منظومة صواريخ تنكيل وهي صواريخ بالستية بعيدة المدى أرض أرض وأرض بحر، برية بحرية، وهذه العملية أسهل بكثير من السيطرة وأخطر وتؤدي إلى مواجهة ليست من صالح الولايات المتحدة الأمريكية.
الثاني اقتصادي: يرتبط بارتفاع محتمل لأسعار الوقود؛ إذ إن انفجارَ الصراع في البحر الأحمر سيوقفُ مرورَ مئات السفن النفطية التي تعبُرُ يوميًّا هذا الممر.