استدعت إيران، اليوم، سفراءها لدى بريطانيا وفرنسا وألمانيا للتشاور “بشأن الإجراء غير المسؤول الذي أقدمت عليه”هذه الدول الثلاث ضدّ إيران، بحسب وكالة “تسنيم”الإيرانية.
وجاء هذا الاستدعاء، وفق الوكالة، عقب تحرّك الدول الأوروبية الثلاث لاستخدام آلية تسوية الخلافات في الاتفاق النووي بهدف إعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن الملغاة ضدّ إيران.
وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد مساء أمس جلسة للتصويت على مشروع قرار مقترَح من الصين وروسيا يقضي بتأجيل تفعيل “آلية الزناد».
ويُعدّ هذا المشروع الثالث من نوعه الذي تقدّمه بكين وموسكو منذ مطلع أيلول الجاري، ردّاً على مساعي الدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية “العودة التلقائية”للعقوبات الأممية المعروفة بـ”سناب باك». غير أنّ مشروع القرار لم يحظَ بالموافقة المتوقَّعة نتيجة ما وُصف بـ”عرقلة”القوى الغربية.
عراقجي: أوروبا وأميركا أفشلتا الدبلوماسية
في السياق، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أنّ “الولايات المتحدة خانت الدبلوماسية، فيما قامت الدول الأوروبية الثلاث بدفنها». وقال عراقجي، في حديثٍ للصحافيين عقب جلسة مجلس الأمن، إنّ “المجلس، تحت ضغط الولايات المتحدة، رفض المشروع. وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوع واحد التي تُغلَق فيها أبواب الدبلوماسية».
وأضاف: “الأزمة الراهنة هي نتيجة مباشرة لانسحاب أميركا من الاتفاق النووي عام 2018 وتقاعس أوروبا. لقد خانت أميركا الدبلوماسية، أمّا الترويكا الأوروبية فقد دفنتها. لسنوات، ظل الأميركيون والأوروبيون الثلاثة يحرّفون برنامج إيران السلمي، مردّدين مزاعم كاذبة يروّجها الكيان الإسرائيلي، وهو الجهة الوحيدة التي تملك ترسانة نووية في المنطقة خارج معاهدة الـNPT. هذه ازدواجية معايير فاضحة ومقيتة».
وأشار عراقجي إلى أنّه “رغم الاغتيالات والعقوبات والقصف الذي استهدف منشآت تحت رقابة الوكالة، لم تنتهك إيران لا الاتفاق النووي، ولا الـNPT، ولا التزاماتها مع الوكالة. وعندما طلبت الإدارة الأميركية السابقة التفاوض، استجابت إيران بحسن نية، وعُقدت خمس جولات. لكن قبيل الجولة السادسة، شنّ الكيان الإسرائيلي، بدعم أميركي، هجمات على منشآت نووية إيرانية، واغتال علماءنا، من بينهم نساء وأطفال. كان ذلك إرهاباً منظّماً ترعاه دولة، ولم تدنه أوروبا».
وأفاد بأنّه “بدلاً من انتهاج الدبلوماسية، لجأت أوروبا إلى آلية (العودة التلقائية). في المقابل، وقّعت إيران في 9 أيلول في القاهرة مذكرة تفاهم مع الوكالة، قوبلت بترحيب دولي واسع. لكن في نيويورك، جرى تجاهل جميع مقترحات إيران البنّاءة».
كما أشار المسؤول الإيراني إلى أنّ “روسيا والصين تصرفتا بمسؤولية، واقترحتا تمديد العمل بالقرار 2231 لستة أشهر للحفاظ على الدبلوماسية، لكن أوروبا وأميركا أفشلتا ذلك. أقوالهم لا تتطابق مع أفعالهم، وغايتهم المواجهة لا الحوار».
وأضاف: “موقف إيران من هذه الآلية واضح: هذا الإجراء غير قانوني، باطل، ولا يحمل أي وجاهة. والدول الأوروبية الثلاث، التي خرقت الاتفاق، لا يحق لها الادعاء بوجود انتهاك جوهري. إنّ القيود التي نصّ عليها القرار 2231 ستنتهي نهائياً في 18 تشرين الأوّل 2025، وأي محاولة لإحيائها أو تمديدها لاغية وباطلة».
وطالب عراقجي “رئيس مجلس الأمن بإعلان بطلان القرار الأخير، كما نطالب الأمين العام بالامتناع عن أي دور في إحياء العقوبات المنتهية. من يسلك هذا الطريق غير القانوني يتحمّل المسؤولية الكاملة عن تقويض مكانة الأمم المتحدة وما سيترتّب عليه من آثار إنسانية على الشعب الإيراني».
واعتبر أنّ “هذا المسار الخطير يجب ألّا يتحوّل إلى سابقة. فإذا كان يمكن خرق الاتفاقيات الدولية بإرادة سياسية، فلن تستطيع أي دولة الاعتماد بعد الآن على القانون الدولي. وإذا فُرضت الإجراءات غير القانونية بقوة بدلاً من القانون، فإنّ مجلس الأمن ذاته سيفقد سلطته. الهجمات العسكرية فشلت، وآلية العودة ستفشل أيضاً. السبيل الوحيد هو الحوار. لقد أثبت الاتفاق النووي ذلك».
وشدّد على أنّ “إيران لن ترضخ للضغوط أبداً، وردّها الوحيد سيكون على أساس الاحترام. الخيار واضح: إمّا التصعيد وإمّا الدبلوماسية. والمسؤولية تقع بالكامل على من انتهك التزاماته وأضعف القانون الدولي».
بزشكيان: عمل غير أخلاقي
في المقابل، أكّد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أنّ “تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات على إيران، رغم التزامها بتعهّداتها ورفض روسيا والصين لهذا الإجراء، يُعدّ عملاً غير أخلاقي وغير قانوني».
وقال بزشكيان، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “للأسف، المجازر وجرائم الإبادة في غزة تجري فيما مجلس الأمن عاجز حتى عن إصدار بيان إدانة لوقف هذه الحرب».
من جانبه، أعرب غوتيريش عن أمله في أن يتم التوصل خلال الأيام الأخيرة المتبقية قبل تنفيذ “آلية الزناد”إلى حل دبلوماسي، يجنّب العودة إلى فرض العقوبات على إيران.