رأسٌ متفجرٌ بزنةِ عشرات الكيلوجرامات، محمول على صاروخ قطع بسرعة الصوت مسافة 2200 كم، أحدثَ حفرةً بقطر 25 مترًا، وبعمق سنوات حفر في جسم الكيان المؤقت أصاب النقطة الأشد حمايةً في المحمية الأقوى تحصيناً على وجه الأرض المزروعة في فلسطين.
قبل أيام (تحديداً يومي الاثنين والجمعة الماضيين) سأل الصهاينة عن نوع الصاروخ اليمني الذي استهدف حيفا، ربما هي المرة الأولى في تاريخ الحروب يطلق صاروخ لم يُسمَّ بعد، ويترك لآثاره الإفصاح عن بعض صفاته، لم تُجب بيانات القوات المسلّحة بقدر ما زادت حيرة الصهاينة غموضاً. اليوم وبطريقة الصاروخية اليمنية تفتح أبواب التساؤلات ليس عن المزايا الحصرية للصاروخ، بل عن الخصائص الفريدة للإسناد اليمني، عن سقفه المرفوع على أعمدة التفويض الشعبي، وشرطه الموضوع من أولِ يومٍ على وقف إبادة غزة، لا شيء يطلبه اليمن لنفسه.
عادت التساؤلات وكبرت الأسئلة أكثر: هل دخلت اليمن مرحلة جديدة من التصعيد، أم أدخلت أداة جديدة للإسناد؟! لكن المؤكد أن العقل اليمني يجيد استخدام اوراق الإعداد مع فعله المتصاعد بالإسناد.
في التفاصيل عبَر الصاروخُ اليمني في بضع دقائق ليست معلومة حتى الآن، والمعلوم أنه تجاوز منظومات الدفاع الأمريكية البحرية والبرية، اخترق مظلة الحماية التقنية الممتدة من جنوب الجزيرة إلى الشام، وحين وصل أجواء فلسطين ناور الثاد الأمريكي، وتغلّب على الحيتس الإسرائيلي، يتحدّثُ الصهاينة عن أربع منظومات أدخلها الصاروخ اليمني في موات جماعي، وجميعها الأحدث عالمياً في مجالها.
كسر العظم وتغيير قواعد الاشتباك
هذا الاختراق النوعي، الذي يُعد الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني باستهداف هذا المطار تحديداً، جاء على ركام آلام الصمود الفلسطيني، وتراكمات العمل والإسناد اليمني الجاد لنصرة فلسطين والثأر لغزة، فكما أكد المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، فإن هذه العملية البطولية جاءت “انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ورفضاً للإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة”. ولا حقاً في بيانه التالي بعد ساعات من العملية ” جاء في بيانه رفض فرض العدو معادلة استباحة البلدان العربية، وسمى منها لبنان وسوريا، كان يوماً مجيداً من صباحه حتى آخر ساعة منه غادرتنا على وقع إعلان شركات الملاحة الجوية تعليق أو إلغاء أو تأخير رحلاتها إلى مطار اللد المحتل، فاتحة باب خسائر يصعب إن لم يستحِلْ على العدو سده أو سدادُه.
تجسيد واعٍ لوحدة الساحات بل وكمالها التي ظن الأعداء أنهم ثلموها، وتأكيد على أن اليمن، بقيادته الحكيمة وشعبه الصابر وجيشه القوي قادر وأكثر على سد الفراغات وملء المساحات التائهة، لن يقف مكتوف الأيدي أمام جرائم العدو، وسيظل سنداً وعوناً لإخوانه في فلسطين، مهما كلف الثمن.
تأتي هذه الضربة ضمن المرحلة الرابعة من التصعيد اليمني المدروس، مرحلة كسر العظم وتغيير قواعد الاشتباك، وقد نجح اليمن فيها على الأقل في كسر محاولات العدو الانفراد بغزة وعزل المقاومة، وأثبت فيها امتلاكه زمام المبادرة بما يُمكنه من فرض معادلات جديدة تتجاوز كل الخطوط الحمراء التي حاول العدو وحلفاؤه رسمها.
إن سقوط الصاروخ اليمني في قلب مطار اللد هو زلزال استراتيجي هز أركان المنظومة الأمنية والعسكرية للعدو، وكشف عورة دفاعاته التي طالما تباهى بها واحتمى خلفها بل وعاش وترعرع في ظلها لسنوات، لقد أثبت اليمنيون أن الإيمان بالقضية، متبوعاً بالإرادة الصلبة، والقدرة على الإبداع والتطوير، قادر على قهر أعقد التكنولوجيات وأكثرها تطوراً.
تشير المعلومات المتداولة، بما في ذلك ما تسرب من مصادر العدو المذعورة، إلى صاروخ باليستي نوعي بميزات مناورة عالية وغير تقليدية، قطع مسافة هائلة تقدر بأكثر من 2200 كيلومتر، بسرعة تفوق سرعة الصوت، حاملاً رأساً حربياً مدمراً بزنة مئات الكيلوغرامات مسجلاً اختراقاً مذهلاً لأكثر الأجواء مراقبة وتحصيناً في العالم.
إقرار صهيوني بعجز المنظومات الدفاعية
منذ لحظة انطلاقه، تحدى الصاروخ اليمني شبكة واسعة من منظومات الرصد والدفاع الأمريكية المنتشرة في البحر الأحمر والمناطق المحيطة، وتلك المنصوبة في قواعدها البرية. عابراً في دقائق معدودة، فوق منظومات دفاع بحرية وبرية، واخترق مظلة الحماية التقنية التي تمتد من جنوب الجزيرة العربية وصولاً إلى بلاد الشام. وحين بلغ سماء فلسطين المحتلة، واجه الجدار الأخير من دفاعات العدو، المتمثل في منظومتي “ثاد” الأمريكية و”حيتس” الإسرائيلية بأجيالها المختلفة، وهي المنظومات التي طالما وصفت بأنها قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية في ارتفاعات شاهقة وحتى خارج الغلاف الجوي.
لكن المفاجأة كانت صادمة للعدو وحلفائه. فبحسب ما اعترفت به مصادر العدو، فإن الصاروخ اليمني أظهر قدرة فائقة على المناورة، وتغلب ببراعة على محاولات الاعتراض، قبل أن يعلن العدو عن نتائج تحقيقه، محملاً صاروخ ثاد المسؤولية نتيجة ما أسماه “خللا فنيا في الصاروخ”. تحدثت بعض المصادر عن فشل أربع منظومات دفاعية بشكل جماعي في التصدي له، في مشهد يعكس العجز التام ويضرب من جديد منظومة الدفاع الأقوى ونظرية السماء الصافية.
كانت لحظة الحقيقة عندما هوى الصاروخ على هدفه في مطار اللد. لم يسقط في منطقة نائية أو هامشية، بل ضرب قرب المحطة رقم 3، بالقرب من طريق حيوي يؤدي إلى مدرج الإقلاع والهبوط، في قلب المطار الذي يعتبر شريان الحياة الجوي للكيان الصهيوني والمركز الحيوي الأساسي الأول، وتحدثت وسائل إعلام العدو عن حفرة هائلة بقطر يصل إلى 25 متراً وعمق كبير، شاهد مادي على قوة الضربة ودقة الإصابة، وعجز الدفاعات عن منعها.
عدّاد الخسائر من الدقائق الأولى للضربة:
التداعيات المهولة للضربة فصلٌ آخر ترويه أرقامُ الخسائر غير المحدودة الضاربة في اقتصاد العدو، والناجمة عن حالة عدم اليقين التي اجتاحت الميناء الجوي الأول مباشرة، وتسللت إلى كامل القطاعات الاقتصادية، فقد أُجبرت سلطات العدو على تعليق عمليات الإقلاع والهبوط في مطار اللد بشكل مؤقت، ولمدة تجاوزت الساعة، وتحويل مسار الطائرات القادمة، بل وإعادة بعضها التي كانت قد أقلعت بالفعل. كما تم تعليق خدمة القطارات المتجهة إلى المطار، ما زاد من حالة الفوضى وعزل المطار بشكل شبه كامل. وسرعان ما توالت إعلانات شركات الطيران الدولية الكبرى عن إلغاء رحلاتها من وإلى الكيان، أو تعليقها حتى إشعار آخر. شركات مثل لوفتهانزا الألمانية ومجموعتها (السويسرية والنمساوية)، وإير كندا، وإير إنديا، وفيرجن أتلانتيك البريطانية، والخطوط التركية، وغيرها الكثير، فضلت سلامة طائراتها وركابها على الاستمرار في خدمة كيان باتت سماؤه غير آمنة، الإلغاء الجماعي للرحلات تجاوز مسألة الإجراءات الاحترازية، لتصبح بمثابة فرض حصار جوي فعلي على الكيان، بدأ فعلياً قبل ساعات من بيان القوات المسلحة الثاني الذي أعلن أن اليمن سيبدأ فعلياً في العمل على فرض حظر جوي على كافة مطارات العدو، وشهد تفاعلاً فورياً عزز حالة عدم اليقين لدى عشرات شركات الطيران العالمية.
في شهادات الصهاينة على تردي الوضع وصف أفنير ياركوني، الرئيس السابق لسلطة الطيران المدني الإسرائيلية، الحادث بأنه “ضربة قاضية لصورة إسرائيل كدولة آمنة” حسب قوله، مُشيراً إلى أن 60% من شركات الطيران الدولية تُعيد تقييم تعاملها مع مطار “بن غوريون”. بينما حذَّرت شيري غوردون، رئيسة مجموعة غوردون للسياحة، من أن القطاع السياحي خسر 30 مليون شيكل خلال 48 ساعة، مع إلغاء 40% من حجوزات الموسم الربيعي.
عدّاد الخسائر من الدقائق الأولى للضربة:
التداعيات المهولة للضربة فصلٌ آخر ترويه أرقامُ الخسائر غير المحدودة الضاربة في اقتصاد العدو، والناجمة عن حالة عدم اليقين التي اجتاحت الميناء الجوي الأول مباشرة، وتسللت إلى كامل القطاعات الاقتصادية، فقد أُجبرت سلطات العدو على تعليق عمليات الإقلاع والهبوط في مطار اللد بشكل مؤقت، ولمدة تجاوزت الساعة، وتحويل مسار الطائرات القادمة، بل وإعادة بعضها التي كانت قد أقلعت بالفعل. كما تم تعليق خدمة القطارات المتجهة إلى المطار، ما زاد من حالة الفوضى وعزل المطار بشكل شبه كامل. وسرعان ما توالت إعلانات شركات الطيران الدولية الكبرى عن إلغاء رحلاتها من وإلى الكيان، أو تعليقها حتى إشعار آخر. شركات مثل لوفتهانزا الألمانية ومجموعتها (السويسرية والنمساوية)، وإير كندا، وإير إنديا، وفيرجن أتلانتيك البريطانية، والخطوط التركية، وغيرها الكثير، فضلت سلامة طائراتها وركابها على الاستمرار في خدمة كيان باتت سماؤه غير آمنة، الإلغاء الجماعي للرحلات تجاوز مسألة الإجراءات الاحترازية، لتصبح بمثابة فرض حصار جوي فعلي على الكيان، بدأ فعلياً قبل ساعات من بيان القوات المسلحة الثاني الذي أعلن أن اليمن سيبدأ فعلياً في العمل على فرض حظر جوي على كافة مطارات العدو، وشهد تفاعلاً فورياً عزز حالة عدم اليقين لدى عشرات شركات الطيران العالمية.
في شهادات الصهاينة على تردي الوضع وصف أفنير ياركوني، الرئيس السابق لسلطة الطيران المدني الإسرائيلية، الحادث بأنه “ضربة قاضية لصورة إسرائيل كدولة آمنة” حسب قوله، مُشيراً إلى أن 60% من شركات الطيران الدولية تُعيد تقييم تعاملها مع مطار “بن غوريون”. بينما حذَّرت شيري غوردون، رئيسة مجموعة غوردون للسياحة، من أن القطاع السياحي خسر 30 مليون شيكل خلال 48 ساعة، مع إلغاء 40% من حجوزات الموسم الربيعي.
ومن تداعيات العملية اليمنية أنها تجاوزت قطاع الطيران لتطال قطاعات اقتصادية أخرى أبرزها:
– انخفاض مؤشر TA-35 في بورصة يافا المحتلة بنسبة 2.4% خلال يومين.
– الضربة تؤثر سلباً على احتياطات النقد الأجنبي الإسرائيلية التي تشهد تراجعاً بنحو 3 مليارات دولار منذ بداية العام، وفق “بنك إسرائيل”.
– تحذيرات من انهيار 45 ألف وظيفة مرتبطة بقطاعي السياحة والطيران حال استمرار الأزمة شهراً آخر أمام التحدي اليمني المتعاظم.
إن استهداف مطار اللد بصاروخ باليستي يمني دقيق وعالي التقنية هو حدث استراتيجي بامتياز، يرسم ملامح مرحلة جديدة في الصراع، ويكرس معادلات قوة مختلفة في المنطقة. لقد أثبت اليمنيون، بما لا يدع مجالاً للشك، امتلاكهم لقدرات عسكرية استراتيجية متطورة، لا تقتصر على الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى فحسب، بل تشمل أيضاً القدرة على اختراق أعقد منظومات الدفاع الجوي في العالم، تلك التي تشكل درع الحماية الأساسي للكيان الصهيوني، وتعتمد عليها الولايات المتحدة لفرض هيمنتها.
عملية الأحد النوعية تمثل تحدياً مباشراً للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وخرقاً لا يرقع لجدار تقنيتها العسكرية الدفاعية، المسور بأحدث أنظمة التصدي والمراقبة، فبعد عقود من التفوق الجوي شبه المطلق للعدو، وبعد محاولات حثيثة لعزل اليمن وتدمير قدراته، يأتي هذا الصاروخ ليقول إن موازين القوى تتغير، وإن زمن الاستفراد بالقرار والهيمنة المطلقة قد بدأ بالأفول. اليمن، الذي صمد لسنوات أمام عدوان غاشم وحصار جائر، ينهض اليوم كقوة إقليمية فاعلة، قادرة على فرض إرادتها وتحدي القوى الكبرى.
الأهم من ذلك، أن هذه العملية تأتي في سياق إسناد الشعب الفلسطيني في معركته ضد العدوان الهمجي على قطاع غزة. إنها تجسيد عملي لمبدأ وحدة الساحات الذي أعلنته قوى المقاومة، وربط مصير المنطقة بوقف شلال الدم الفلسطيني. وكما أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية، فإن هذه الضربة تمثل “تطوراً نوعياً في مسار الرد اليمني وتجسيداً لوحدة الميدان بين غزة وصنعاء”،
ستون صاروخاً عدد ما أطلقه اليمن على الكيان المحتل يقول الصهاينة، إن نصفها في الجولة الجديدة من التصعيد، والأهم هنا يقوله التاريخ: إنها الحزمة الأكبر في مسار الصراع مع الصهاينة، ويُسجّلُ اليوم أنها المرة الأولى التي يقصف فيها مطار اللد، لتفتح الأسئلة شهية المتابعين بشراهة هل شرع اليمن في إغلاق الميناء الجوي الأول في الكيان كما أقفل ميناء أم الرشراش البحري من قبل؟!.
تقرير | يحيى الشاميط
اشترك وانظم ليصلك آخر الأخبار عبر منصات العين برس على مواقع التواصل الإجتماعي :