بالجرم المشهود ضبط Mtv شريكةً بالعدوان إخبار للقضاء اللبناني
العين برس/ مقالات
ليلى عماشا
في ثمانينيات القرن الماضي، تخوّف الأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني من أن يأتي يوم على بلادنا تصبح فيه الخيانة وجهة نظر. لم يخطر بباله، ربّما، أنّ “وجهة النظر” هذه ستصبح سياسة إعلامية تباهي بها قناة تلفزيونية، وتتجاوز فيها كلّ تصوّراتنا عن الحضيض الأخلاقي والإنساني والوطني..! مشهد واحد، لا يتجاوز الدقيقة، يختصر الكثير من الشرح: وقف مراسل Mtv في حضرة مولاه الأميركي، ليخبره بمباهاة أنّه مراسل القناة اللبنانية الوحيدة التي “تتحدى باستمرار تأثير حزب الله في لبنان”، ليجيبه ترامب باحتقار “تهانينا!”..
المشهد المذكور هو الصورة الأوضح والأصدق عن سياسة هذه القناة التي ارتبط اسمها بأفدح ما يمكن أن يرتكبه الإعلام خلال الحرب. والمراسل الذي تباهى، بما يخزي أيّ عاقل، هو في الواقع يمثّل القناة Mtv التي بدا أنّ شرط القبول في هيكلها الوظيفي هو الإبداع والابتكار في معاداة هذه الأرض وأهلها.. لكن ألا يعرف هؤلاء أن أكثر من يحتقرهم أيّ مستعمر هم الذين خانوا بلادهم وعملوا في خدمته؟!
تحت وسم*#MTV_شريكة_العدوان* تداول الناشطون على منصات التواصل معظم ارتكابات القناة؛ ولا سيّما قيام مقدّم أحد برامجها مارسيل غانم بالتحريض، في حلقتيه الأخيرتين، على مؤسسة القرض الحسن متسائلًاً: “هل يبقى القرض الحسن؟”، وعرض تقرير يسعى لتصنيفها هدفًا “مشروعًا” للعدوان من جهة، وتخويف المودعين فيها من خسارة ودائعهم بعد تدمير مراكزها بهدف كسر حلقة الثقة بينهم وبين المؤسسة المالية الأمينة من جهة أخرى.. لم تمر، سوى أيام قليلة، عن بث الحلقة حتى استهدف العدو فروع المؤسّسة في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب والبقاع.
السيناريو نفسه حدث قبل مدة وجيزة؛ حين قامت إحدى مراسلات القناة بالتحريض مباشرة على مسعفي الهيئة الصحيّة الإسلامية وبدت وكأنّها تبيح دمهم كونهم “مسعفين ميدانيين للمقاتلين وليسوا مدنيين محايدين”.. وهنا لا نقول طبعًا إنّ Mtv وموظفيها الناطقين يقومون بتحديد الأهداف؛ فيستجيب العدوّ بضربها. أبدًا. هم مجرّد ممهدّين إعلاميًا لضرب هذه الأهداف من خلال سيرهم الفاضح وفقًا لتوجهات وتعليمات تردهم من الغرف السوداء في سفارة عوكر.. وهم مشاركون، في الوقت ذاته، عن قصد أو غير قصد بالحرب النفسية التي يخوضها العدو على المقاومة وبيئتها.
مع تكرار هذه الارتكابات يسقط تمامًا احتمال المصادفة، وبالنظر إلى تاريخ Mtv، والذي لطالما ارتبط بالتحريض على المقاومة وأهلها وثقافتها ومؤسساتها وكلّ ما يمتّ إليها بصلة، يصبح من أقلّ الواجب القانوني والأخلاقي لوزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام، وكذلك القضاء، اتخاذ اجراءات واضحة ومباشرة ضد القناة التي ترتكب، بصفتها شخصية معنوية، جرم الخيانة وفقًا لمواد قانون العقوبات (المواد ٢٧٤/٢٧٥/ ٢٧٦).
وبعد، لم يكتفِ الناشطون بتداول المقطع المتعلّق بمؤسسة القرض الحسن؛ بل استذكروا على سبيل المثال “زلّة لسان” مارسيل غانم حين وصف جيش العدو بـ”جيشنا”، وقباحة تلميحه المغرض حين دعا سمير جعجع إلى التحرّر من الاجراءات الأمنية بما أنّ “يلي بيغتالوا اُغتيلوا!” في اتهام مباشر لقيادة المقاومة بالقيام باغتيالات يعلم مارسيل والقناة العامل فيها، والمشغّل الذي يوجّه كل حرف يُنطق عبرها، أنّها ليست من فعال حزب الله بل أسيادهم هم! استذكروا كلّ تلك المحطات التي عبّرت فيها Mtv عن عداوتها الصريحة ضدّ الأرض والناس، وعن تماهيها المشين مع كلّ ما ينطق به العدوّ حتى بدت، في كثير من الأحيان، قادرة على المزايدة عليه في الحقد والبغضاء.
بحسب ما نقلته وكالة “الأنباء الجزائرية”؛ فقد أعلنت وزارة الاتصال، يوم السبت الفائت، عن سحب الاعتماد الممنوح لممثلية قناة “العربية” في الجزائر، بسبب “عدم احترام هذه القناة لقواعد أخلاقيات المهنة وممارستها للتضليل الإعلامي والتلاعب”. وفي العراق، قررت هيئة الإعلام والاتصالات وقف عمل قناة “إم بي سي” السعودية في البلاد وعزمها على “إلغاء رخصة عملها”، وذلك بعد تقرير أساءت فيه للشهداء ووصفتهم بالإرهابيين. أما هنا في لبنان، أرض المعركة، وحيث يُراق دم اللبنانيين وحيث يمارس العدوّ كلّ همجيّته على مرأى العالم وتعينه القناة المذكورة بالتضليل والتحريض وإيجاد الذرائع والتمهيد، حتى اللحظة، لم يصدر أي قرار رسمي بسحب ترخيص أو حتى تأنيب من الجهات المعنية!.
قانونيًا، يُعدّ كلّ ما عرضناه في هذه المقالة، وكلّ ما ورد على منصات التواصل من مقاطع تحريضية وتضليلية وتمهيدية وتسويغية متماهية تمامًا مع العدوّ وأهدافه، بمثابة إخبار للقضاء اللبناني المختصّ ودعوة لوزارة الإعلام لإجراء المقتضى القانوني الواجب ضدّ القناة الشريكة في قتلنا.. وإن كانت كلّ هذه الارتكابات المشهودة تقع بالنسبة إلى البعض في خانة حرية الإعلام والتعبير، فلتبلغنا الجهات المعنية صراحة أنّ الاشتراك في القتل والعدوان والتدمير بوجهه الإعلامي هو حريّة تعبير أيضًا، طالما أن حدود عنوان الحريّات لم تعد واضحة، أو جرى تمويهها لغايات في نفوس عوكرية!.
المصدر: موقع العهد الاخباري