مركز أبحاث أجنبي: قوات صنعاء تحدت الدول الغربية وأذلت إسرائيل
العين برس/ متابعات
قال مركز “بيغن والسادات للدراسات الإستراتيجية” إن على مدار العام الماضي، شنت القوات المسلحة اليمنية مئات الهجمات على السفن التجارية والحربية التابعة للدول الغربية التي أُرسلت إلى منطقة البحر الأحمر. وفي الوقت نفسه، ركزت قوات صنعاء جهودها المكثفة على ضرب الأراضي الإسرائيلية مباشرة باستخدام الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار بعيدة المدى.. وكانت النتيجة المباشرة لهجمات قوات صنعاء هي تغيير مسارات الملاحة البحرية من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط وإعادة توجيه السفن التجارية حول أفريقيا.
وأكد أن إغلاق القوات المسلحة اليمنية لمضيق باب المندب، البوابة بين مضيق هرمز وقناة السويس، يشكل حدثا استراتيجيا يؤثر على عالم الشحن والتجارة بأكمله.. كما ألحقت أضراراً جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي من خلال شل ميناء إيلات بشكل شبه كامل، وهو المحطة الرئيسية لإسرائيل في حركة البضائع من وإلى البحر الأحمر.
وبطريقة أو بأخرى، نجحت قوات صنعاء دون بذل الكثير من الجهد، في إنتاج ردع فعال وفرض عبئها على أغلب شركات الشحن في العالم.. كما تمكنت من إلحاق الإذلال المؤلم بإسرائيل والإضرار بمكانتها كقوة إقليمية.
وأفاد المركز أن السياق المباشر للسلوك المتحدي الذي تتبناه القوات المسلحة اليمنية لتعطيل حرية الملاحة في البحر الأحمر، إلى حد حجبه عن التجارة البحرية الدولية، هو الارتباط من جانب قيادة حكومة صنعاء بالحرب الدائرة بين جيش الدفاع الإسرائيلي وحماس في قطاع غزة.. في حين يعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية الجنرال “يحيى سريع” بأن قواتهم ستواصل تنفيذ الهجمات حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأورد أنه أبتداءً من 11/ يناير / كانون الثاني 2024، تحالفت الولايات المتحدة وبريطانيا ضد اليمن بغية صد الهجمات اليمنية.. وانضمت إلى جانبهما دول أخرى بما في ذلك أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا… كما أرسلت العديد من الدول سفنا حربية إلى منطقة البحر الأحمر بهمة معلنة تتمثل في حماية الممرات الملاحية.
وفي الممارسة العملية كان هناك احباط وفشل في اعتراض التهديدات الجوية والبحرية التي أطلقتها قوات صنعاء ضد السفن التي تجرأت على الإبحار في البحر الأحمر، وكذلك ضد الأساطيل الغربية العاملة في المنطقة.
وتابع أن بعد مرور عشرة أشهر، أثبتت الحقائق على الأرض أن أسلوب العمل المتمثل في الغارات الجوية المتقطعة وإطلاق صواريخ توماهوك من حين لآخر ليس رداً كافياً على خطورة التهديد.. ومن المؤكد أنه لم يفعل شيئاً لردع قوات صنعاء عن مواصلة هجماتها على السفن في البحر الأحمر أو إطلاق الأسلحة بعيدة المدى باتجاه إسرائيل.. وفي 13 سبتمبر 2024، أدلى القائد السابق للبحرية الملكية البريطانية “توم شارب” بتصريح غير عادي مفاده أن “القوات المسلحة اليمنية حققت أهدافها، كلها، بينما لم نحقق أيًا من أهدافنا.. إن إنفاق ملايين الدولارات … لعدم الانتصار يمثل مشكلة حقيقية”.
وأضاف الأدميرال “شارب” أن ضابطًا بحريًا أمريكيًا كبيرًا اقترح تنفيذ ضربات أكثر عدوانية على مواقع قوات صنعاء، لكن القيادة العليا الأمريكية أخبرته بعدم القيام بذلك لتجنب إثارة الحرب في المنطقة.
كما ذكر “شارب” رسالة حديثة من قائد القيادة المركزية الأمريكية “مايكل كوريلا” إلى وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” يحذر فيها من أن السياسة الحالية ضد قوات صنعاء تفشل مرارًا وتكرارًا.. ومع ذلك فأن القوات المسلحة اليمنية قد نفذت عشرات الهجمات الخطيرة على السفن في البحر الأحمر لفترة طويلة من الزمن.. وكانت السفن التي تحمل العلم الأمريكي والبريطاني هدفًا لهذه الهجمات..وفي التاسع من يناير/كانون الثاني، وصلت الأمور إلى ذروتها بهجوم بطائرة بدون طيار على المدمرة “إتش إم إس دايموند”.
المركز رأى أن الرد الغربي الفاشل جعل قوات صنعاء تذل إسرائيل.. ولذلك فأن النتيجة النهائية ليست مشجعة.. فمن الواضح أن القوى الغربية لا تنوي تجاوز المعايير التي حددتها لنفسها فيما يتصل بالنشاط العسكري ضد معاقل قوات صنعاء.. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بسرعة، فمن المرجح أن تفضل واشنطن الاستمرار في النهج الحالي واستخدام طرق شحن بديلة غير معرضة لخطر القوات المسلحة اليمنية..والنتيجة المخيبة للآمال المترتبة على ذلك هي أن القوى الغربية تفضل أن يتوقف أطلاق النار ــ أي وقف الحرب في غزة ــ من شأنها أن تؤدي إلى توقف أعمال قوات صنعاء الرامية إلى تعطيل الأمن في الممرات الملاحية الدولية.. وبعبارة أخرى، فإننا نشهد علامات استسلام من جانب القوى الغربية للقوات المسلحة اليمنية.
وأضاف أن هذا نبأ سيئ للغاية بالنسبة لدولة إسرائيل.. فهو يعني أنه لن يكون هناك أي تراجع في التهديد الذي تشكله الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والطائرات بدون طيار التي تمتلكها قوات صنعاء كما حدث في إطلاق صاروخ باليستي على الأراضي الإسرائيلية في 15 سبتمبر/أيلول 2024.. وهذا يعني أيضًا أن الحصار البحري في البحر الأحمر والشلل الذي يترتب عليه لميناء إيلات سوف يستمران، وهو ما من شأنه أن يلحق المزيد من الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي.
علاوة على ذلك: فمن المحتمل تماما أنه إذا فاز الحزب الديمقراطي بالبيت الأبيض، فإن الدبلوماسية الأميركية ستحاول الاستفادة من التهديد اليمني في البحر الأحمر لإجبار إسرائيل على إنهاء القتال في غزة.. ولأن الحصار البحري الذي تفرضه قوات صنعاء في البحر الأحمر يشكل مشكلة دولية ملحة، فقد تمارس دول أخرى ضغوطا على إسرائيل لإنهاء الحرب قبل فوت الأوان.