“حين تضحي أمريكا بسمعتها العسكرية لأجل إسرائيل: النفوذ الصهيوني يضع واشنطن على حافة الهاوية”
العين برس/ تقرير
كامل المعمري
تعيش الولايات المتحدة الأمريكية اليوم في مفترق طرق استراتيجي، حيث تواجه سلسلة من الإخفاقات العسكرية التي تلقي بظلالها على سمعتها وهيبتها الدولية. ولكن هذه الهزائم المتتالية ليست مجرد أخطاء عسكرية عابرة، بل تعكس تأثيرا أعمق لنفوذ اللوبي الصهيوني داخل دوائر صنع القرار الأمريكية. إن التحالف الأمريكي الإسرائيلي الذي كان يُنظر إليه في البداية كمصلحة استراتيجية بات اليوم تحالفا عقائديا يقود واشنطن إلى التضحية بمصالحها الوطنية من أجل حماية إسرائيل.
كيف وصلت الولايات المتحدة إلى هذا الحد؟ وما الذي يدفعها إلى مواصلة هذا الطريق رغم الخسائر المتزايدة؟ وهل تستطيع واشنطن التوفيق بين مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وحماية إسرائيل دون أن تفقد هيبتها العسكرية والاقتصادية؟
إنّ التغلغل الكبير للوبي الصهيوني داخل دوائر القرار الأمريكي وتعمق العقيدة الدينية داخل النخب السياسية الأمريكية لم يعد مجرد مسألة علاقات تحالف أو دعم، بل أصبح تعبيرا أعمق عن التبعية والمصالح المشتركة التي باتت تسيطر على مسار السياسات الأمريكية.
هذا الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل يتجلى في استعداد الولايات المتحدة للتضحية بسمعتها العسكرية وهيبتها الدولية من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ومصالحها في المنطقة، وهو ما يظهر بشكل واضح في الأحداث الأخيرة التي أظهرت مدى الضعف والتراجع في قدرات الجيش الأمريكي.
لقد تلقت البحرية الأمريكية التي لطالما كانت رمزا للقوة والهيمنة، هزيمة نكراء من قبل الجيش اليمني، الذي تمكن من استهداف حاملات الطائرات الأمريكية – تلك التي تمثل رمز القوة المطلقة لأمريكا في البحار والمحيطات ولم تستطع البحرية الامريكية الصمود امام ضربات صنعاء مادفعها للانسحاب من مسار العمليات البحرية
لم تتوقف الضربات عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الطائرات المسيرة الأمريكية الشهيرة MQ-9، حيث تمكن الجيش اليمني من إسقاط تسع طائرات منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”.
هذه الخسائر الفادحة لا تقتصر على الأضرار العسكرية فقط، بل ادت إلى تراجع سمعة هذه الطائرات التي كانت تعتبر من بين الأكثر تطورا في العالم.
إن تكرار هذه الحوادث سيجعل العديد من الدول تعيد النظر في خطط شرائها لهذه الطائرات، مما سيلحق بالشركات المصنعة خسائر مالية كبيرة ويؤثر على مستقبل هذه الصناعة.
منذ تدخل الولايات المتحدة لحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر العربي، فقدت هيمنتها البحرية التي كانت تعتبر الركيزة الأساسية لسيطرتها في هذه المناطق الاستراتيجية بينما لم يعد للبحرية الأمريكية حضور فعلي في مسرح العمليات القتالية، بل بات الجيش اليمني هو من يتحكم بهذه المساحة الحيوية، ما يشكل تحولا خطيرا في موازين القوى.
هذه الهزيمة والتراجع في اداء البحرية الأمريكية التي لم تتمكن من تحييد قدرات الحوثيين كما انها لم تستطع حماية سفنها كشفت نقاط ضعف كبيرة في البحرية الأمريكية، ولعل اهم المستفيدين من ذلك روسيا والصين، الذين سيقومون بتحليل هذه الإخفاقات للاستفادة منها في أي مواجهات مستقبلية محتملة
لقد بات واضحا أن أمريكا وهي تدافع عن اسرائيل تخسر هيبتها البحرية وتفقد سمعة طيرانها المسير، إلى جانب تراجع هيمنتها في البحار، في وقت أصبحت فيه روسيا والصين على دراية كاملة بنقاط ضعف الجيش الأمريكي.
إن هذه التضحيات التي تقدمها الولايات المتحدة من أجل إسرائيل تثير تساؤلات حول مدى عمق هذا الالتزام، وما الذي يدفع أمريكا إلى المضي قدما في هذا المسار الذي يبدو أنه يضعف مكانتها العالمية.
إنّ الخسائر التي تتكبدها الولايات المتحدة الأمريكية في صراعاتها الحالية، خاصة في مناطق حساسة كالبحر الأحمر والبحر العربي، لم تعد تعبّر عن مجرد أخطاء أو إخفاقات عسكرية، بل تشير إلى أمر أعمق وأكثر تعقيدا. لم تكن هذه الخسائر في سبيل الدفاع عن المصالح الأمريكية التقليدية، بل يمكن القول إنها جاءت من أجل حماية إسرائيل، وضمان استمرار نفوذها في المنطقة. هذه المعادلة تعكس تغلغلا عميقا للعقيدة الصهيونية في دوائر القرار الأمريكي، إلى جانب النفوذ الواسع للوبي الصهيوني داخل الإدارة الأمريكية.
عندما تصبح الولايات المتحدة مستعدة للتضحية بسمعتها العسكرية وهيبتها الدولية من أجل إسرائيل، فهذا يعكس إلى أي مدى أصبحت العقيدة الصهيونية جزءا من نسيج السياسة الأمريكية.
لم يعد الدعم الأمريكي لإسرائيل مجرد تحالف استراتيجي أو سياسي قائم على المصالح المشتركة، بل تحول إلى تبعية عميقة تمثل تحالفا عقائديا.
بل ان هذا التحالف يتجاوز المسائل العسكرية والاقتصادية ليصبح جزءًا من الفكر السياسي والإيديولوجي الذي يسيطر على النخب الأمريكية.
> Ben Saif:
لقد تمكّن اللوبي الصهيوني، بدعمه القوي لإسرائيل، من تشكيل سياسات الولايات المتحدة بما يخدم الأجندة الإسرائيلية كما ان هذا النفوذ يتجلى في استعداد واشنطن لتقديم كل التضحيات الممكنة، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو حتى سمعة البلاد نفسها، من أجل حماية إسرائيل.
هذا التغلغل الصهيوني في دوائر القرار الأمريكي لم يعد مجرد تأثير خارجي يمارسه اللوبي من خلال الضغط السياسي والإعلامي، بل أصبح جزءا من العقيدة التي توجه سياسات واشنطن.
لقد تمكن اللوبي الصهيوني من زرع أفكاره وأهدافه في قلب الإدارة الأمريكية، حيث أصبحت القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط، وتحديدا في ما يخص دعم إسرائيل، تتخذ بناء على هذه العقيدة.
وفي ظل هذه التحولات العميقة التي تشهدها السياسة الأمريكية، يبقى السؤال إلى أين سيقود هذا التحالف العقائدي بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟ هل ستتمكن واشنطن من استعادة هيبتها العسكرية وهيمنتها الدولية في ظل هذا الانحياز المطلق؟ وهل سيتغير مستقبل السياسة الأمريكية إذا استمر اللوبي الصهيوني في توجيه قراراتها الاستراتيجية؟ وما هو الثمن الذي ستدفعه الولايات المتحدة في نهاية المطاف نتيجة لهذه التبعية؟
المصدر: عرب جورنال