إسرائيل ديفنس: إسرائيل في مواجهة حزب الله، ما هو الحل؟
العين برس/ تقرير
يبيّن الباحث في شؤون الأمن القومي والمجالات العسكرية إيهود عيلام في هذا المقال الذي نشره موقع “إسرائيل ديفنس – Israel Deffence”، أن كلّ الخيارات المطروحة امام الكيان المؤقت لمعالجة حزب الله، هي صفرية النتائج. محاولاً الإجابة على الإشكاليات التالية: كيف سينتهي الصراع الدائر في الشمال، وما هي الخيارات التي يجب على إسرائيل أن تدرسها ضد حزب الله؟ هل الحل هو الهجوم الواسع في لبنان؟
النص المترجم:
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تخوض إسرائيل وحزب الله حرب استنزاف متفاوتة الشدة. وقد تكبد حزب الله خسائر كبيرة، لكن إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً أيضاً. فإلى جانب الخسائر والأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية، أُجبِر عشرات الآلاف من الإسرائيليين على ترك منازلهم، وخاصة في منطقة الجليل، التي يهدف حزب الله إلى “غزوها”. ورغم أنه لا يستطيع تحقيق ذلك، فقد نجح حزب الله في إخلاء المنطقة من سكانها.
على مدى سنوات، كان عدد السكان اليهود في الجليل في انحدار، دون علاقة بحزب الله. فقبل الحرب، كان اليهود يشكلون أقل من 15% من سكان الجليل. والآن، قد ينتقل بعض الذين غادروا إلى أماكن أخرى في إسرائيل، مما يقلل من الوجود اليهودي. ويتعين على إسرائيل أن تعكس هذا الاتجاه وتعزز قبضتها على الجليل، ليس فقط من خلال العمل العسكري، بل وأيضاً من خلال حماية السكان اليهود والعرب.
منذ إنشائها، شنت إسرائيل عدة حملات وعمليات في لبنان، بدءاً بحرب الاستقلال، ومروراً بالصراعات مع منظمة التحرير الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات، وبلغت ذروتها في حرب لبنان عام 1982. وبعد ذلك، حلّ حزب الله بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية كقوة مهيمنة في لبنان. إن حزب الله ملتزم بالنضال ضد إسرائيل ولكنه يركز على تعزيز سيطرته على لبنان أكثر من الأهداف الفلسطينية.
منذ حرب لبنان عام 2006، شهدت الحدود الشمالية هدوءاً نسبياً لمدة 17 عاماً، ولم تشهد أي حوادث خطيرة تقريباً. وهذا إنجاز كبير بالنسبة لإسرائيل، حتى وإن تزامن مع تعزيز قوة حزب الله. ورغم أن حزب الله ساعد الفلسطينيين في كفاحهم ضد إسرائيل، إلا أنه تجنب الانخراط المباشر في الصراعات مع حماس حتى الحرب الحالية. ولذلك، ينبغي لإسرائيل أن تسعى إلى العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل السادس من أكتوبر / تشرين الأول 2023، على الرغم من الإحباط والصعوبات التي ينطوي عليها ذلك.
إن حزب الله يزعم أنه سيواصل حرب الاستنزاف ما دام القتال في غزة مستمراً. ورغم أن القتال بدأ يتراجع، فما دام لم يتم الإعلان رسمياً عن نهاية الصراع في غزة، فإن حزب الله سيظل يشن هجمات على إسرائيل. وليس من المؤكد أن إعلان إسرائيل عن انتهاء الصراع في غزة من شأنه أن يدفع حزب الله إلى وقف حرب الاستنزاف، ولكن من شأنه أن يوضح أن الأمر يتطلب حلاً مختلفاً. وقد تؤدي المفاوضات الدبلوماسية غير المباشرة مع حزب الله، من خلال الولايات المتحدة وغيرها، إلى طريق مسدود، الأمر الذي لا يترك لإسرائيل سوى الخيارات العسكرية.
في تسعينيات القرن العشرين، وفي أعقاب حرب الاستنزاف المستمرة أثناء انتشار جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان، نفذت إسرائيل عمليتين رئيسيتين: “المحاسبة” في عام 1993 و”عناقيد الغضب” في عام 1996. وكانت هاتان العمليتان تعتمدان في المقام الأول على القوة النارية، وأفضتا إلى نتائج محدودة، واستمرت حرب الاستنزاف. واليوم أصبحت القوة النارية التي يمتلكها جيش الدفاع الإسرائيلي أقوى كثيراً، ولكن لا ينبغي له أن يعتمد عليها وحدها. فبوسع جيش الدفاع الإسرائيلي أن يجري مناورة واسعة النطاق، مع الاستفادة من الخبرة المكتسبة من القتال في غزة في مساعدة العمليات في لبنان. كما قد تعمل العملية البرية في لبنان على التعجيل بإنهاء الصراع وتدمير أهداف يصعب القضاء عليها بالقوة النارية وحدها.
ولكن جيش الدفاع الإسرائيلي يحتاج إلى الوقت للسماح لجنوده بالراحة من القتال العنيف في غزة، وتحسين جوانب مختلفة، وإنشاء وحدات إضافية. وهذا أمر ضروري لأن حزب الله أكثر مهارة وقوة من حماس. فضلاً عن ذلك فإن التوغل البري الواسع النطاق في لبنان من شأنه أن يثقل كاهل إسرائيل، التي لا تريد العودة إلى المستنقع اللبناني. ومن المهم أن نتذكر أنه في حين أن استمرار حرب الاستنزاف في الشمال مكلف، فإن ثمن عملية واسعة النطاق ضد حزب الله قد يكون أعلى من ذلك، حتى لو ضبط الجانبان أنفسهما لتجنب صراع واسع النطاق.
في كل الأحوال، لا ينبغي لإسرائيل أن تخدع نفسها بالاعتقاد بأنها قادرة على استئصال حزب الله، وهي مهمة شبه مستحيلة. ورغم إمكانية إضعاف حزب الله بشكل كبير، فإن إسرائيل كلما سعت إلى تقليص قوته، كلما ارتفع الثمن الذي ستدفعه.
وفي الختام، إذا أصر حزب الله على مواصلة حرب الاستنزاف وفشلت الدبلوماسية، فيتعين على إسرائيل أن تفكر في اتخاذ إجراء محدود نسبياً يهدف إلى إنهاء حرب الاستنزاف دون التصعيد إلى حرب شاملة. وهذا حل وسط إشكالي ومعقد، ولكنه أفضل من البدائل الأخرى.
المصدر: موقع الخنادق