القائد السنوار بعيون غربية
العين برس/ مقالات
عبير بسام
يكاد لا يخلو موقع غربي من مقال عن رئيس المكتب السياسي لحماس الجديد، يحيى السنوار، قبل وبعد اغتيال القيادي الشهيد اسماعيل هنية، في طهران. واللافت أن معظم العناوين التي تناولت السنوار وصفته بأنه العقل المدبر لعملية السابع من تشرين الأول/ اكتوبر 2023. ومن ثم فندت سيرته الذاتية. وبعد أسبوع تقريباً من انتخاب السنوار كرئيس لمكتب حماس، كان لابد من الإطلالة على اهم ما تناولته هذه المواقع، مع العلم، أن خبر استلامه رئاسة المكتب السياسي السياسي إضافة إلى كونه القائد العسكري والمفاوض الأساسي للحركة اجتاحت المواقع الالكترونية والصحف العالمية.
تكرر في المقالات الغربية تعريف السنوار حول كونه العقل المدبر لعملية طوفان الأقصى يدل على عمق الصدمة الغربية. فالغرب مستكين للتعريفات الإسرائيلية، حول قوة الكيان ومقدراته، وعلى حرفية أجهزة المخابرات فيه، واستخدامه للتقنيات المتقدمة فيه، والتي كان من المفترض أن تكون مستعدة، إن لم تكن على علم بعملية نوعية كهذه، حتى أن معظم الصحافة الغربية، وصفت عملية طوفان الأقصى بالأشد قسوة منذ حادثة الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، وهذا اول ما يقال حين الحديث عمن هو السنوار؟ ومن ثم توضع سيرته الذاتية، تاريخ ولادته، دراسته، انتماؤه السياسي لحماس وتدرجه في المناصب، الكل نسخ سيرته الذاتية ووضعها منذ اليوم الأول لإستلامه منصبه، لقد عومل كما يعامل اي فائز بالرئاسة في العالم.
صحيح أن الجميع تحدث عن ولادة السنوار في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في غزة، ولكن أي من هذه الصحف لم يكلف نفسه حتى شرح الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع والحصار المفروض عليهم، والإجتياحات المتكررة، والإعتقالات الإدارية، وإهانة الأمهات أمام أولادهن وأزواجهن، والبنات أمام إخوانهم وأبائهم وأقرانهم، ناهيك عما تعيشه المخيمات في كل بقعة من بقاع فلسطين، أسواء كانت في الضفة أم قطاع غزة. والأسوء من ذلك أن قناة فرنس 24 تعنون مقالها ب “حماس تعين قائد عمليات السابع من اكتوبر قائداً لها”، بدا كعنوان تحريضي بامتياز، ويبدو أن من وراء سلسلة مواقع وتلفزيونات فرانس 24، المنتشرة بلغات مختلفة حول العالم ومنها العربية والعبرية، غايتها المنشودة هي التحذير والتنبيه السلبيان.
أما موقع صوت أميركا، والذي نقل “بأمانة” مقابلة وزير خارجية الكيان على قناة إكس، يسرائيل كاتس، عن تعيين السنوار، فقد نقلت وصفه بالإرهابي الرئيسي، “هو سبب مقنع آخر للقضاء عليه بسرعة ومحو هذه المنظمة الشريرة عن وجه الأرض”. لم تعلق صوت أميركا على وصف حماس بالمنظمة الشريرة، ولم تصف تصرفات الصهاينة للمجازر المرتكبة كل يوم في قطاع غزة على أنها أفعال شريرة، بل هي كما العادة دفاع عن النفس ضد ما ارتكبه السنوار، بوضع خطط عملية “طوفان الأقصى”. وبعد أن أتم كاتس حديثه عن السنوار، انتقل للحديث عن ضرورة حماية أمن الضفة الغربية والمستعمرات فيها، مؤكداً على أهمية الإجراءات التي يمارسها الإحتلال في الضفة خوفاً من أن تتحول إلى غزة أخرى تقودها حماس.
اليوم وبقيادة السنوار، تقود حماس المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار في غزة، والتي تسير إلى الوراء، وتزداد شروطها الأميركية والصهيونية في كل يوم إجحافا بحق الفلسطينيين، وبدأت التلفيقات في الصحف الغربية. فقد كتبت “نيويورك بوست” في 22 من هذا الشهر، وأذاعت الفوكس نيوز هذا الخبر نقلاً عن مصدر ملفق، مسؤول مصري لم يعرف من هو، في إيديعوت أحرنوت، أن من مطالب السنوار هو الطلب بعدم قتله كشرط لأي وقف نار في غزة. هذا الخبر الذي بدأ تداوله خلال المحادثات الأخيرة من أجل وقف النار في غزة مقابل تبادل الأسرى عبر وسائل الإعلام الأميركية، دون التحقق من الخبر الذي انتشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أو من مصادر إيديعوت أحرنوت، من الواضح أن هدفه الرئيسي الإساءة لمكانة السنوار وسمعته بين الفلسطينيين والعالم الذي يحترمه كمقاوم وقائد.
في 26 من هذا الشهر جاء في The Economist Time News أن يحيى السنوار مختبئ في أنفاق غزة ويتجول بثياب إمرأة خوفاً على حياته، وأن جيش الصهاينة، وللمصادفة الغريبة كاد يقبض عليه وقبل دقائق من وصولهم، “هرب تاركاً وراءه فنجان قهوته في الأنفاق”. وقبلها بيوم نشرت نيويورك تايمز مقالاً جاء فيه أن السنوار قد تخلى منذ زمن بعيد عن وسائل التواصل الإلكتروني، وأنه قد طور اليوم شبكة استخبارات واسعة، مستخدماً سعاة من البشر من أجل نقل التعليمات. وشبّهت نيويورك تايمز طريقة عمل السنوار، بطريقة بن لادن، ثم تعترف بأنها أكثر تعقيداً، وأكثر إحباطاً للمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين على حد سواء.
ولكن ما لم يقله الإثنان، أن من طور شبكة بن لادن الإرهابية كان الأميركيون والإسرائيليون على حد سواء. وأن الإثنين معاً عملا على زرع الإرهاب في العالم، وأنهم من زرعوا عملاءهم حول قادة الإرهاب، لذلك استطاعوا حينما أرادوا تصيد بن لادن والبغدادي وغيرهما من أصحاب الألقاب التي اخترعوها في الشام والعراق؛ وهؤلاء ليس لهم علاقة بمقاومات التحرر في العالم وخاصة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا، ولذلك فهم لن يفهموا ابداً معنى ان يتخلى إنسان عن حياته اليومية المعتادة لصالح الوطن والأرض والإنسان، ولن يفهموا طريقة عمله، كما لن يفهموا أن الأموال لا تشتري جميع الضمائر في العالم.
المصدر: موقع الخنادق