تتفاقم معاناة المتواجدين في مدينة رفح، بعد خروج مستشفى أبو يوسف النجار عن الخدمة جراء العدوان الاسرائيلي على غزة، ما يهدد المرضى والجرحى الذين كانوا يتوافدون إليه بالموت.
تعطل عمل المستشفى الحكومي المركزي الوحيد في مدينة رفح جنوبي القطاع إثر القصف العنيف الذي طاول المنطقة المحاذية له في حي الجنينة في منطقة بلوك 13، وأصبحت المدينة الأكثر اكتظاظاً في الوقت الحالي من دون مستشفى مركزي رسمي. ويعد مستشفى أبو يوسف النجار آخر المستشفيات في القطاع التي خرجت عن الخدمة على الرغم من أنه يتسع لـ 70 سريراً فقط، ويساهم في علاج النازحين والمرضى في محافظة رفح. ومع نزوح أعداد منهم إلى منطقة المواصي وبقاء الغالبية في المدينة، باتت حياتهم مهددة بالخطر في ظل استمرار سقوط الحرجى الذين كانوا يتوافدون إليه لتلقي العلاج.
وبحسب موقع “العربي الجديد” عمل مستشفى أبو يوسف النجار وسط حالة طوارئ لم يعشها طوال 24 عاماً من تأسيسه في محافظة رفح. ويعد أصغر المستشفيات المركزية في قطاع غزة، وكان أقرب إلى مركز صحي كبير، إلا أنه يستقبل ما يفوق طاقته بكثير مؤخراً. وقبل السادس من مايو/ أيار الجاري، كان المستشفى يعمل على مدار الأسبوع في أربع غرف عمليات، ويجري ما بين 15 إلى 50 عملية جراحية يومياً، بالتعاون مع طواقم طبية جراحية من منظمات دولية، ومتخصصين كانوا يعملون في مستشفيات المنطقة الشمالية في القطاع، وقد نزحوا منها بعد احتلالها من قبل “إسرائيل” وتهجير الناس منها قسرياً وتحويلها إلى منطقة قتال محاصرة من جميع الجهات.
تطور المستشفى ليقدم خدماته لكل مدينة رفح بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، وخصوصاً بعد الانتفاضة الثانية عام 2000. وقبل ذلك، كان عيادة تقدم الرعاية الصحية الأولية، ثم تحول إلى مستشفى طوارئ بسعة 36 سريرا وغرفتي عمليات خلال فترة حكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة قبل عام 2007. وفي ذلك العام، افتتح المبنى الجديد المكون من ثلاثة طوابق ليضم أقساماً جديدة، ووصلت سعته إلى نحو 65 سريراً، ثم توسع خلال العدوان الحالي ليسع 72 سريراً، من ضمنها أربعة أسرة في قسم العناية المركزة.
لكن الطواقم الطبية تؤكد أنه قبل خروجه عن الخدمة، وصل عدد الأسرة في داخله إلى قرابة 100، وكان عدد العاملين فيه قبل العدوان يصل إلى قرابة 315، ووصل قبل خروجه عن الخدمة لأكثر من 500، كان بعضهم يعمل في مستشفيات استُهدفت وخرجت عن الخدمة، واضطروا إلى النزوح والعمل في رفح.
وبقي طاقم بسيط في المستشفى للعناية بعدد من الجرحى الذين يصعب تنقلهم، ومنهم يحتاجون إلى أجهزة التنفس الاصطناعي فيما يتواجد آخرون في قسم العناية المركزة، على أمل أن تتحسن حالتهم الصحية وعدم اقتحام المستشفى وتكرار حدوث سيناريو مستشفيات أخرى في جنوب القطاع والمنطقة الشمالية المحاصرة.
أحد المتواجدين داخل المستشفى وهو الممرض حسن قشطة من سكان مدينة رفح، يتحدث عن انقطاع كل الامدادات الطبية، محذراً من خطورة توقف المستشفى في أي وقت جراء نفاد الوقود، ما اضطرهم لتقليص العمل في المستشفى وتحديد تشغيل المولدات بحسب الأقسام والحاجة.
المشكلة الكبرى بالنسبة للجرحى والمرضى النازحين إلى مدينة رفح، هي اعتمادهم على مستشفى أبو يوسف النجار والمراكز الصحية الموجودة فيها. وكانت وزارة الصحة في غزة قد أنشأت عدداً من النقاط الطبية التابعة لها، من أجل استيعاب الجرحى والنازحين المرضى.
لكن كنتيجة العدوان الإسرائيلي الأخيرة، نزح عدد من العاملين في تلك المراكز الصحية ومستشفى أبو يوسف النجار تاركين معظم الأدوات الطبية في المراكز، فيما أخذ بعضهم الأدوات الضرورية لمعالجة الجرحى. وفي منطقة المواصي وحتى حدود دير البلح، يوجد مركزان صحيان فقط.
نقل عدد من المرضى والمصابين الى المستشفى الكويتي، على أمل أن يتمكن الأطباء من نقل الجرحى إلى منطقة إنسانية في حال اقتحام مدينة رفح من الشرق حتى الغرب.
تجدر الإشارة إلى قيام ناشطين وجمعيات أهلية محلية بالضغط من أجل بناء مستشفى كبير لخدمة أكثر من 250 ألف نسمة يعيشون في مدينة ومخيم رفح، كون مستشفى أبو يوسف النجار لا يلبي حاجة الناس. وكانت العمليات الكبيرة تتم في المستشفى الأوروبي شرقي مدينة خانيونس، أو في مجمع ناصر الطبي.
وكانت “إسرائيل” قد أعلنت، يوم الثلاثاء الماضي، اجتياح الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر، في إطار ما تزعم أنها “عملية محدودة النطاق” تتواصل في رفح الواقعة أقصى جنوبي القطاع منذ الاثنين، علماً أنها شملت توغلات برية وغارات جوية.
وفيما تمضي قوات الاحتلال في اجتياح رفح التي تؤوي أكثر من نصف فلسطينيي قطاع غزة نتيجة التهجير المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي، يحاول الفلسطينيون الذين ينزحون منها البحث عن أمانٍ ما في خانيونس (جنوب) ودير البلح (وسط) اللتين تفتقران إلى الخدمات الأساسية اللازمة من أجل دعم المدنيين الذين يحتاجون إلى الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، بحسب آخر بيانات الأمم المتحدة.