العين برس – رأي – بقلم عبد الكريم السعيدي
عدن تدفع ثمن صراع الجنوبيين فيما بينهم على السلطة والجاه، ومن ينكر ذلك فإنما هو إما سجين نفقة أو معونة شهرية من طرف ما أو أسير تطلع مناطقي قبيح أو حبيس مستمسكات تهدده وتقلق مضجعه.
لا علاقة لبقايا الشرعية في ما يحدث في عدن، فالشرعية في قانون وخطاب من يبسطون سيطرتهم ويغتصبون عدن تُعد طرفاً محتلاً (أي طرف خصم)، وهي بشواهد الواقع تعتبر خارج عدن وضواحيها منذُ آخر صفقة تقاسم مخجلة بينها وبين عصابات قطاع الطرق في عدن تحت مسمى (حكومة المراضاة)..!
من يتحمل وزر ما يحدث في عدن اليوم من حالات انتهاك لحقوق الإنسان تنوعت أشكالها ما بين اغتصابات، وحرمان من خدمات، واقتحامات وسطو على الحقوق والممتلكات، واختطافات، واعتقالات غير قانونية وإخفاءات قسرية، وإعدامات خارج إطار القانون، وسحل وترويع تتحمل مسؤوليته بدرجة أولى ومباشرة العصابات المليشياوية المناطقية المسلحة وأمراؤها والتي تفرض سيطرتها بقوة مال وسلاح دولة الإمارات على عدن، ليس لتحريرها كما تُظهر زيفاً الشعارات البراقة ولكن لفك صك عبوديتها من سيد قديم فرضته عليها صراعات الجنوب السابقة وتحويله إلى سيد جديد يقبع خارج حدودها الجغرافية والوطنية.
لا ينكر عاقل أن عدن كانت ومازالت تدفع ثمن صراع الجنوبيين على السلطة منذ ستينيات القرن الماضي وحتى هذه اللحظة ومن عاش في عدن يعرف أنها تقوم خدماتها على أساس إيرادات مرافقها ومؤسساتها، واليوم الإيرادات تذهب بالمليارات إلى جيوب أمراء الحرب في عدن، يبنون بها مستقبلهم ومستقبل أولادهم خارج عدن، ويكدسون بها معسكراتهم المناطقية بالسلاح والعتاد ويشترون بها الذمم ويغتصبون بها كرامة الرجال ويحولونهم إلى أتباع.
عدن تُباد على مرأى ومسمع من العالم ومن منظمات حقوق الإنسان ولا تُحرك إبادتها الجماعية لأحد ساكناً، وكأني بالعالم الحُر قد ساوم على حريته، وكأني بمنظمات حقوق الإنسان قد أخرجت سكان عدن من قوائم الإنسانية وسلبت منها تلك الصفة وبالتالي فهي تتركها لمواجهة مصيرها المرعب.
على رُعاة البند السابع أن يدركوا أنهم شركاء في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية التي تشهدها محافظة عدن وضواحيها؛ فهم يرون أن التحالف الذي تحمل مسؤولية إنهاء الأزمة في اليمن قد فشل فشلاً ذريعاً وانقسم على نفسه وتملكت أطرافه مشاريعهم التوسعية في هذا البلد ومع كل ذلك يقفون موقف من لا يعنيه أمر ما يحدث!!
طالما والشرعية قد نعت نفسها لأبناء الوطن، وطالما والتحالف قد حشر نفسه في معارك جانبية وترك معركة تدخله الرئيسية في اليمن؛ فالمطلوب اليوم تحرك عربي وإقليمي ودولي يحرر إيرادات محافظة عدن وضواحيها من أيدي أمراء الحرب وعصاباتهم ويمركزها بأيدي فريق خبراء دوليين يتولون إدارة حياة الناس في هذه المحافظة ويرغمون المليشيات المسلحة على ضرورة الكف عن استخدام الخدمات الضرورية لحياة الناس كأسلحة حرب فيما بينها.