“نصف ساعة”.. بتوقيت سيد المقاومة!
العين برس/ مقالات
سارة عليان
لم تكن المرة الأولى التي يهزّ فيها السيد نصر الله “تل أبيب” بـ “براكين” خطاباته وهي بالتأكيد لن تكون الأخيرة. إحدى الخطابات الأكثر وقعًا على كاهل العدو، كانت منذ أيام ليست ببعيدة. يصلح الخطاب الذي ألقاه سماحته، منذ أيام، أن يُدرج تحت مسمى “خطاب النصف ساعة” القادر على زلزلة الكيان المحتل اقتصاديًا وعسكريًا، كما زلزله سياسيًا وأمنيًا. لكن الزلزلة “المنتظرة” تبدو أكثر وضوحًا وواقعية حين تُقرأ بلغة الأرقام والحسابات الاقتصادية الدقيقة التي تثير قلق العدو على نحو مؤلم جدًا.
عبارة واحدة وردت في الخطاب؛ كانت قادرة على صعق قيادات العدو، بما فيها السياسية والعسكرية، وأهمها تلك التي تتولى مسؤوليات الأمن الإقتصادي والقومي. إذ ما أظهره سماحته من معطيات عن الأضرار الفادحة التي قد يتكبّدها الكيان المحتل في الشمال- في حال اندلعت الحرب مع لبنان- يحمل في طياته معانٍ كبيرة ومقلقة للعدو. أوّلها إدراك المقاومة لحجم الخسائر التي سيتكبدها بفعل ضرباتها الدقيقة، وليس آخرها الإنجاز الاستخباراتي الكبير في تحديد أماكن هذه المنشآت الحيوية وثقلها في الاقتصاد “الإسرائيلي”.
دراسة: 132 منشأة اقتصادية في مرمى صواريخ المقاومة
مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير أعد دراسة عن كلفة ما سيتكبده العدو بحال شنّ أي عدوان على لبنان، وارتدادات ذلك على قطاعاته الاقتصادية المعرّضة للانهيار في المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة، وأحصى المركز عدد المنشآت العاملة فيها فضلًا عن قيمتها المالية التي تمثل الخسائر الأولية المحتملة في حال استهدفتها المقاومة مباشرة.
وفقًا للدراسة التي يحدثنا عنها مدير المركز الباحث هادي قبيسي، تشمل القطاعات الاقتصادية التي ستطالها ضربات المقاومة الصناعات الكيميائية (21 مصنعًا) وقيمتها المالية 30.4 مليار دولار، التكنولوجيا المتقدمة (21 مصنعًا) وقيمتها المالية 76.1 مليار دولار، محطات الكهرباء (15 مصنعًا) وقيمتها المالية 9.7 مليار دولار، الصناعات الطبية (20 مصنعًا) وقيمتها المالية 15.3 مليار دولار، الصناعات الغذائية (25 مصنعًا) وقيمتها المالية 12.2 مليار دولار، مصانع إعادة التأهيل والصيانة (13 مصنعًا) وقيمتها المالية 3.2 مليار دولار، الصناعات المعدنية والثقيلة (17 مصنعًا) وقيمتها المالية 9.5 مليار دولار.
الدراسة تخلص بالإجمال إلى وقوع ما يقارب الـ132 منشأة اقتصادية، في شمال فلسطين المحتلة في مرمى صواريخ المقاومة، بخسائر مالية إجمالية تتخطى الـ 156 مليار دولار. هذه المنشآت في مجملها واقعة تحت مدى نيران المقاومة، ويمكن أن تطالها بحال تطورت الأحداث إلى حرب شاملة بنصف ساعة من الزمن، لتضاف إلى لائحة الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدها العدو في الجبهة الشمالية على امتداد عشرة أشهر، والتي اعترف بها مؤخرًا تقرير صادرع ن رئاسة حكومته.
تهديد اقتصاد العدو رادع ضد العدوان
القراءة الاقتصادية التحليلية لخطاب السيد نصر الله الأخير، وفقًا للخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين، تشير إلى تعويل كيان الاحتلال في اقتصاده على منطقة شمال فلسطين المحتلة، فما يتُحدث عنه من منشآت للعدو فيها هي عبارة عن أصول وممتلكات استراتيجية مهمة جدًا، استغرق إنشاؤها عقودًا من الزمن.
يلفت ناصر الدين إلى أن الكيان الصهيوني يعدّ هذه البقعة الجغرافية الاقتصادية نقطة الإنطلاق نحو حلمه الكبير المسمى “إسرائيل الاقتصادية الكبرى” مرورًا بالدول المحيطة بها وصولًا إلى عمق آسيا، لا سيما وأن استثمارات الشركات الكبرى تتركز في تلك المنطقة. كما أنها تدخل ضمن الاستراتيجيات الاقتصادية الكبرى حتى في التحالفات الدولية في ظل الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.
في السياق نفسه، يستعرض الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين مقومات اقتصاد الكيان شمال فلسطين المحتلة، ومنها استثمارات شركات الـHigh-tech بـ 76 مليار دولار، وميناء حيفا الذي يعدّ المركز الأكبر لتخزين المواد الغذائية، يتمّ عبره استيراد وتصدير 30 مليون طن سنويًا، كما يعدّ المركز الأهم لاستيراد النفط والغاز ومركز التحكم والسيطرة بالكهرباء في منطقة الشمال، إذ يجري إنتاج وتغذية ما يقارب 2.5 مليون أسرة مستوطنة في الكيان المحتل ما يعني نحو 35 – 40 % من الإنتاج الكهربائي الإجمالي.
يخلص الخبير ناصر الدين إلى القول:”لقد كان الفكر السائد عند المستثمرين هو أن منطقة شمال فلسطين المحتلة هي آمنة جدًا للاستثمارات، لكن جبهة جنوب لبنان أثبتت العكس، وبات التهديد باستهداف الأصول الاقتصادية للعدو يشكّل الرادع الأكبر ضد أي عدوان ” إسرائيلي” محتمل على لبنان”.
استهداف المنشآت أولوية
من القراءة الاقتصادية إلى العسكرية والاستخبارتية، يرى العميد منير شحادة، وهو منسق الحكومة السابق في قوات الطوارئ الدولية ورئيس المحكمة العسكرية سابقًا، في حديث لـ”العهد” أن ذِكر سماحة السيد نصر الله لقضية المنشآت “الإسرائيلية” التي استغرق بناؤها أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، يأتي في إطار التلميح لبنك الأهداف الذي عرضته المقاومة في مقاطع طائرة الاستطلاع “هدهد” ضمن ثلاث حلقات يضاف إليها ما قد تتضمنه الحلقات القادمة (4 و5 ..).
أكد العميد شحادة أن في ذلك رسالة واضحة للصهيوني، مفادها أن كل مصانعه في الجبهة الشمالية- وليس فقط المصانع العسكرية – خاصة تلك الزراعية والإلكترونية، والتي يعتمد عليها الكيان اعتمادًا كبيرًا، هي ضمن بنك الأهداف الذي حددته المقاومة، والتي ستُدمر بصواريخ دقيقة. والأهم أن الأمر سينجز خلال نصف ساعة فقط، ما يعني أن استهداف هذه المنشآت في الجبهة الشمالية أولوية وليست أهدافًا ثانوية.
المعطيات والتحليلات المذكورة تعيدنا مجددًا إلى نقطة الفصل؛ توقيت سيد المقاومة الذي أصبح مرجعية ثابتة لقيادات العدو في تقدير حجم الأضرار والخسائر الفادحة التي ستلحق به، والتوقيت اللازم لتصبح هذه الخسائر واقعًا ملموسًا، ليكون بذلك قد رسم مجددًا خارطة الطريق القادمة لهذا الكيان المؤقت في حال دفعته مجددًا، حماقة قياداته إلى المغامرة غير المحسوبة في أرض لبنان.
المصدر: موقع العهد