اللوحة الجميلة التي شكلتها هيئة الزكاة في أمانة العاصمة صنعاء، مثلت أعظم إبداع إنساني تعجز عن تقليده أعظم ريشة لفنان مهما كانت خبرته وتوسعت مداركه، فاللوحة من حيث القدسية تعكس الاهتمام بالتعاليم الدينية وترتبط بركن إلهي وهي إكمال نصف الدين، ومن حيث الجوانب الأخرى فإن الخطوة تمثل معالجة اجتماعية عميقة الهدف وقوية المعنى، وهذا هو دأب هيئة الزكاة ورئيسها العلامة الشيخ شمسان محسن أبو نشطان، فلقد جمع بين العادات القبلية وتعاليم الدين الذي نهل منه منذ زمنٍ مبكر، وبالتالي استطاع أن يفي بالمصارف التي حددها الخالق سبحانه وتعالى ومنها هذا المصرف عميق الدلالة، لأنه – كما قلنا – يُمثل معالجة لجوانب كثيرة ويمنع التفسخ الاجتماعي ويحد من العزوبية المُزمنة في أوساط الشباب وفي أوساط الفتيات، فكم من فتاة ترهلت وبلغت أرذل العمر ولم تصل غايتها الأساسية وهي الزواج، وكم من شاب قضى معظم عمره يبحث عن الارتباط بشريكة حياته.
فالشاب شوقي الجابري الذي أعرفه بلغ من العمر 40 سنة وهو يتردد على المشايخ الذي كان والده يخدم لديهم ولم يصل إلى نتيجة حتى جاء الفرج واستطاعت هيئة الزكاة أن توصله إلى غايته وأمنيته في الحياة وهي الزواج وهكذا معظم الشباب، وهذا يذكرنا بتلك الأيام العصيبة التي كانت فيه الزكاة توزع يميناً ويساراً في أشياء لا تتعلق بالمصارف الأساسية التي حددها الخالق سبحانه وتعالى، وهو التحديد الذي ربط الخالق سبحانه وتعالى جباية الزكاة فيه بولي أمر المسلمين استناداً إلى قوله تعالى ( خُذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) وكلمة خُذ فعل أمر موجه إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأي أمر للرسول ينتقل تلقائياً إلى أولياء الأمور من بعده، وليس القصد هنا الأخذ فقط ولكن الغاية أسمى وهي تحديد المصارف بالذات البحث عن الفقراء والمحتاجين والغارمين وأصحاب الرقاب وفي سبيل الله، وهذا ما بدأت الهيئة تعمل من أجله وتسخر الأموال في سبيله .
للأسف الشديد مررنا بتجربة قاسية ومريرة جداً في زمن الإخوان المسلمين، فلقد حذروا الناس من تسليم الزكاة إلى الدولة، لا لشيء إلا لكي يحصلوا عليها هم وينفقونها في ملذات خاصة، وكانوا يقولون للناس إن الدولة تصرفها في الحرام، بينما اتضح أنهم هم أيضاً أنفقوها في مصارف غير سليمة، ولذلك بدأ الناس يتكاسلون عن دفع الزكاة للدولة بسبب الخطاب الديني الزائف، وهذا ما جعل الهيئة تتحمل أعباء كثيرة منذ تأسست وتُقنع الناس بأنها المعنية باستلام الزكاة وإنفاقها في المصارف المحددة لها، وها هي الأيام تثبت أن الهيئة استطاعت أن تفي بالوعد وتنفق أموال الزكاة فيما خُصصت له، وهذا يدحض كل الأقاويل التي يروجها الحاقدون لا نقول أعداء الإسلام بل المتأسلمين، ومن ثم فإن كل مُكلف بالزكاة أمام مسؤولية كبيرة سيحاسب عليها بين يدي الخالق سبحانه وتعالى .
نبارك للعرسان .. ونُكرر الشكر لرئيس الهيئة وكل العاملين فيها، ونهمس في أذنه بأن هناك مغالطات تتم في إطار هذه المعالجات، وعليه أن يتحرى ويتذكر قول المتنبي “رحمه الله ” :
ومن الروم خلف ظهرك رومٌ فعلى أي جانبيك تميلُ
نُكرر الشكر وهو موصول إلى قائد الثورة قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، وإلى كل المهتمين بتحقيق الشرع الإلهي القويم كما أنُزل على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والله من وراء القصد ..
المصدر: موقع أنصار الله