العين برس / تقرير
علي علاء الدين
تعمّد الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن أن يوجّها رسائل صريحة في سياق مباركتهما تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة، فأكّدا أنّ الإدارة الأميركية “ملتزمة بـ السلام الشامل بين إسرائيل والفلسطينيين وتتطلع إلى العمل على ذلك مع الحكومة الجديدة”، وأنّ “الإدارة مستمرّة في دعم حلّ الدولتين وستعارض الإجراءات التي من شأنها أن تُعرِّض هذا الحلّ للخطر”. كما أنّ الادارة ستعارض السياسات “التي تتعارض مع مصالحنا وقيمنا”.
تُعبِّر هذه التصريحات عن القلق الجدّي من التوجّهات التي أعلنها أعضاء الإئتلاف الحكومي في الكيان الصهيوني عشيّة تشكيلها إزاء القضية الفلسطينية. وفي مقابلها، عمدت الإدارة الأميركية إلى التأكّيد على موقفها المعارض لهذه التوجّهات. وبرز ذلك أيضاً، في موقف بلينكين الذي أكّد أنّ الإدارة ستعارض التحرّكات التي من شأنها أن تزيد التوتُّرات وتُبعد فرصة تحقيق حلّ سياسي. وشدّد بلينكين بشكل خاص على أنّ الإدارة ستعارض توسيع المستوطنات في الضفّة الغربيّة وإجراءات الضم، والمسّ بالوضع الراهن في المسجد الأقصى والتحريض على العنف.
كما أكّد وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” أنّ الإدارة تحترم الإنتخابات الديمقراطية التي جرت في إسرائيل وأنّها تريد أن تنظر إلى سياسات الحكومة الجديدة وليس إلى شخصيات معيّنة ستعمل فيها. لكنّه لفت أيضاً على أنّ الولايات المتحدة ستطالب الحكومة الجديدة بالوفاء بالمعايير المتبادلة لعلاقتنا على مدى السبعين عاماً الماضية، ووفقاً لــ بلينكين ستواصل الولايات المتحدة دعم القيم الديمقراطية بما في ذلك حقوق الشاذين.
معهد الامن القومي الصهيوني
توصيات معهد الامن القومي للحكومة الصهيونية حول العلاقة مع الولايات المتحدة
برزت تقديرات وتوصيات للحكومة الصهيونية الجديدة حول ما ينبغي انتهاجه في ضوء تعقيدات المشهد الصهيوني والأقليمي والدولي حيث وضع معهد الامن القومي توصيات لتوجيه البوصلة الصهيونية في العلاقة مع الولايات المتحدة حيث انهى تقريره بخلاصة تقول : ” يجب على القيادة الإسرائيلية حماية ما تعتبره مهمّاً لأمن إسرائيل القومي، حتى على حساب المواجهة مع الإدارة الأمريكية، ومع هذا من الضروري أن يكون حاضراً لدينا أنّه حتى في واشنطن، في الإدارة وكذلك في الكونغرس، ينتظرون أن تحترم إسرائيل المصالح الأمريكية ” ، وأشار معهد الامن القومي في خلاصته الى الابتعاد عن مناكفة الولايات المتحدة : “يجب أن يكون النهج واقعياً مع الحرص على الشفافية والحوار المستمر، والابتعاد عن المناقشات العامة العلنية التي يمكن أن تتدهور بسرعة إلى نقطة يمكن تفسيرها في واشنطن على أنّها مناكفة للإدارة الأمريكية، وتحرّك من قبل دولة حليفة ضدّ المصالح الأمريكية.” وختم معهد الامن القومي خلاصته بالقول : “لا جدال في أنّ المساعدة الأمريكية هي عنصر حاسم في الأمن القومي الإسرائيلي، وأنّ التحدّيات السياسية والأمنية المعقّدة التي من المتوقّع أن تواجهها إسرائيل في الأشهر المقبلة، تتطلّب التنسيق الكامل مع واشنطن.على هذه الخلفية، من المهم للغاية أن تقوم إسرائيل في كلّ ما يتعلّق بصياغة سياسة متماسكة في مواجهة التحدّيات السياسية والأمنية، وكذلك في القضايا التي تشغل الساحة الدولية وتكون في صميم المصلحة الأمريكية، بحيث تأخذ في الإعتبار إحتياجات وسياسات الإدارة الأمريكية. و من ناحية إسرائيل، فإنّ العلاقات مع الولايات المتحدة هي أولوية قصوى، تُلزِمها باختيارسياسة تتوافق مع سياسة الولايات المتحدة حتى على حساب مصالح أخرى
تحاول “اسرائيل” منع انعقاد مجلس الأمن الدولي لمناقشة اقتحام بن غفير المسجد الأقصى
بن غفير في اقتحام المسجد الاقصى
مخاطر وقيود الحكومة الجديدة
إنّ تصميم شركاء نتنياهو على تنفيذ برامجهم السياسية في الساحة الفلسطينية سيضع رئيس الحكومة، نتنياهو أمام حدّين: تأزّم العلاقة مع إدارة بايدن مع ما قد يكون لذلك من انعكاسات في أكثر من ملف. وبين استقرار الحكومة التي تُشكِّل مَركِب الإنقاذ الوحيد له. وعادةً ما تنشط في مثل هذه المحطات المشاورات والمفاوضات في محاولة للتوصُّل إلى صيغة ما.
إنّ الضغط الأميركي على حكومة نتنياهو مرهون بتقديراتها لما سيترتّب على أيّ خطوة صهيونية من تداعيات تؤدّي إلى زعزعة الإستقرار الإقليمي. وإذا ما تبيّن لها خلاف ذلك، يصبح الموقف الأميركي أقلّ تأثيراً ولا يتجاوز إطار تسجيل المواقف. ولذلك فإنّ الأمور مرتبطة في نهاية الامر بقراءتها لردّات الفعل الفلسطينية والإقليمية على أيّ خطوة صهيونية، وما قد يترتّب على ذلك من سيناريوهات تُربك السياسات الأميركية.
أخيرا ، أكّد بن غفير، ومن ورائه نتنياهو، من خلال “زيارته” إلى ساحة المسجد الأقصى على الهويّة اليمينية للحكومة. ووجّه من خلال ذلك رسالة إلى الجمهور اليميني أنّه ملتزم بالسياسات التي أعلنها قبل الإنتخابات. وتُشكِّل هذه الخطوة مؤشّراً دالاً على سياسات حكومة نتنياهو السادسة في الساحة الفلسطينية، مع ما سيترتّب عليها من نتائج وتداعيات من ضمنها ارتفاع مستوى التوتّر والصِدام الذي قد يتطوّر إلى مواجهة عسكرية وتصاعد مستوى العمليات.
في المقابل، قوبلت “زيارة” بن غفير بردود فعل شاجبة ومحذّرة من نتائجها وتداعياتها شملت العديد من الدول الغربية والعربية، وصولاً إلى اهتمام مجلس الأمن الدولي بها. ويبدو أنّ هذه المواقف تعاملت مع هذه الخطوة على أنّها بداية مسار، ويعني ذلك أنّها نبعت من القلق من مآلاتها، وفي محاولة للضغط على نتنياهو لكبحه.