حتى الامس القريب كان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتبجح قائلا، ان مسالة تطبيع السعودية مع كيانه ليست سوى مسألة وقت، وان السعودية ستكون الطرف العربي الثالث في الخليج الفارسي ، الذي سينضم الى “إتفاقيات ابراهام” بعد الامارات والبحرين، الا ان التطورات الاقليمية، التي تمتاز بالسرعة، اثبتت ان رياح المنطقة لا تسير كما تشتهي سفن نتنياهو.
كان واضحا ان “اتفاقيات ابراهام”، التي وقعتها الامارت والبحرين مع الكيان الاسرائيلي، بتشجيع وتحريض وضغط امريكي واضح، عام 2020، كان هدفها الاول انشاء تحالف عسكري ضد ايران، والهدف الثاني هو وضع العراقيل امام احياء الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1.
ومن اجل ترسيخ “اتفاقيات ابراهام” وتثبيتها، تم دعمها باتفاقيات عسكرية وامنية واقتصادية وثقافية و..، كانت تهدف الى دمج الكيان الاسرائليي في المنطقة، وخاصة محاولة تشبيك المصالح الاقتصادية لهذه الدول مع الكيان الاسرائيلي، رغم ان لا مصلحة اقتصادية لهذه الدول مع الكيان الاسرائيلي، لعدم حاجة هذه الدول للارتباط اقتصاديا مع الكيان الاسرائيلي.
وكان واضحا جدا، ان تشبيك المصالح الاقتصادية للدول العربية في الخليج افارسي مع الكيان الاسرائيلي، كان الهدف منه هو حشر هذه الدول في دائرة السياسة الاسرائيلية في المنطقة، وهي سياسة قائمة على العدوان والحروب والفتن، اي توريط هذه الدول في المستقبل في مغامرات الكيان الاسرائيلي، وهي مغامرات لا ناقة ولا جمل لهذه الدول فيها.
وقد انكشف هذا الهدف وبكل وضوح، من خلال تصريحات زعماء الكيان الاسرائيلي، التي توالت بعد الاعلان عن الاتفاق الايراني السعودي باستئناف العلاقات بينهما، حيث وصفت هذه التصريحات الاتفاق ب”الصفعة” التي وجهت لتطلعات نتنياهو بتوسيع دائرة “اتفاقيات أبراهام”.
وكان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي السابق يائير لبيد، الاكثر وضوحا من الجميع، عندما قال: ان الاتفاق بين طهران والرياض هو “فشل كامل وخطير للسياسة الخارجية الإسرائيلية”، معتبرا استئناف العلاقات بين السعودية وايران بمثابة “انهيار الجدار الدفاع الإقليمي، الذي بدأت ‘اسرائيل’ في بنائه ضد إيران”، اي ان هذا الكيان اراد من خلال “اتفاقيات ابراهام”، تحويل هذه الدول الى جبهة امامية له في حال فكر بالهجوم على ايران.
كما كان وزير الحرب الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان واضحا ايضا في تعليقه على الاتفاق الايراني السعودي عندما قال ان :تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، هو فشل ذريع للسياسة الخارجية الإسرائيلية”، فهذا التصريح هو اعتراف علني على ان السياسة “الاسرائيلية” كانت ومازلت قائمة على خلق الفتن والنزاعات والحروب بدعم من امريكا، هدف التسلل الى المنطقة، وتوريط دولها في حروبها التي لا تنتهي، والذي جاء الاتفاق الايرني السعودي، ليسحب البساط من تحت هذه السياسية العدوانية، ويضع الدول العربية التي وقعت على “اتفاقيات ابراهام” امام حقيقة هدف هذا الكيان من وراء هذه الاتفاقيات.