مسرحية “بيت ليد”… محاولة لتلميع صورة المجرم وأنسنة مرتكبي الإبادة
العين برس/ تقرير
اقتحم أنصار اليمين مقر المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد، مساء الإثنين، في ما بدا أن أجهزة الأمن لدى العدو فقدت السيطرة على الموقف، وذلك إثر اقتحام العشرات برفقة أعضاء كنيست عن أحزاب الائتلاف، قاعدة سديه تيمان، إثر توقيف 9 جنود في قوات الاحتياط لضلوعهم باعتداء على أسير فلسطيني من غزة ما أسفر عن إصابته بحالة خطيرة، بالرغم من أن الحادثة المشار إليها سبقها استشهاد أكثر من 40 معتقلاً تحت التعذيب في السجن نفسه.
هنا وقبل الدخول في تفاصيل حدث الأمس، تجدر الإشارة إلى أن التوقيف لم يأت انتصاراً للإنسانية، واستنكاراً لتوحش هؤلاء الجنود، بل على خلفية مطالبة العديد من المنظمات الحقوقية بإغلاق “سديه تيمان” في منطقة النقب، عقب التقارير التي نشرتها عدد من وسائل الاعلام تحديداً الغربية إضافة إلى شهادات عن حالات تعذيب مروعة من أكثر من جهة منها هيئة شؤون الأسرى والمحررين. العدو يلمع صورته فقط لا غير، أو بمعنى آخر يمارس حملة تضليل إعلامية وسياسية لتشتيت الوعي العالمي حول ما يحدث في السجون، هو العدو نفسه الذي لا زال يرتكب إبادة جماعية مستمرة بحق أهل قطاع غزة، ذهب ضحيتها حتى الآن حوالي أربعين ألفاً معظمهم من الأطفال.
تيمان
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الأسرى والمحررين بغزة، أن ما يجري فيما يُسمى معتقل ” سدي تيمان” سيء الصيت بحق المعتقلين من القطاع، هو بمثابة انتهاكات ممنهجة ومدروسة وبتعليمات من قادة الاحتلال ترقى إلى جرائم حرب.
وأضاف البيان “تابعنا ما جرى اليوم من مسرحية سخيفة أمام معتقل “سدي تيمان” أبطالها أعضاء في الكنيست الإسرائيلي ووزراء في حكومة نتنياهو والمنظومة الأمنية والعسكرية للظهور أمام الرأي العام العالمي أن الانتهاكات التي تتم هي تصرفات فردية، والحقيقة أن ما يجري هو عمليات تعذيب ممنهجة تسببت في استشهاد عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين”.
وأضافت الوزارة، أن الأسرى يتعرضون للضرب والتنكيل والتعذيب ليس بناء على شبهات ومعلومات استخباراتية ضدهم، وإنما انتقاما وعقابا على عملية “طوفان الأقصى” التي جرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فمنذ أن بدأ عمليته البرية بغزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول، اعتقل الاحتلال آلاف المدنيين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون في الطواقم الصحية والدفاع المدني وغيرها من مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني.
وحسب تقارير واردة عن اعلام الاحتلال، كشفت النقاب عن أن الاحتلال يجري تحقيقا جنائيا ضد جنوده في مقتل ما يزيد عن 60 فلسطينيا تحت التعذيب والتنكيل، معظمهم أسرى تم أسرهم في قطاع غزة، من بينهم 36 معتقلا استشهدوا تحت التعذيب في معتقل “سدي تيمان” لوحده. وطالبت وزارة الأسرى، المجتمع الدولي والإنساني بضرورة العمل الفورى والجاد على إغلاق سجن “سدي تيمان” سيء السمعة.
الفوضى الغير مسبوقة داخل الكيان… بين التصريحات الرافضة والمؤيدة للتحقيق، استعراض كبير لغسل الدم الفلسطيني
المواجهات التي شهدتها قاعدة “بيت ليد” (حيث اقتيد الجنود التسعة للتحقيق)، بين الجنود الذين رفضوا الانصياع لأوامر الاعتقال والتحقيق، وعناصر الشرطة العسكرية، ليست سوى انعكاس لصراع أكبر بين قيادات العدو، إذ ذكرت “القناة 12” العبرية اليوم الثلاثاء أن وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بفتح تحقيق “لفحص إمكانية تدخّل بن غفير لمنع الشرطة أمس من تفريق مقتحمي مقر الشرطة العسكرية”.
من اقتحام قاعدة بيت ليد
من اقتحام قاعدة بيت ليد
وفي هذا الاطار، فإن اعتبر وزير ما يسمى وزير “الأمن القومي”، إيتمار بن غفير، أن “مشهد وصول أفراد شرطة عسكرية من أجل اعتقال أفضل أبطالنا في سديه تيمان هو ليس أقل من مخزٍ”. كما أعلن أعضاء “الكنيست”، عن أحزاب “الليكود” و”الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت”، دعمهم للجنود الذين عذّبوا المعتقل الفلسطيني. ومن بين هؤلاء، قال ألموغ كوهين، من حزب بن غفير، إنه “على وشك الوصول من أجل الوقوف إلى جانب الذين أرسلناهم إلى هذه المهمة. ولا أعتزم السماح بحملة الملاحقة المهينة ضد جنودنا المقدّسين”.
كذلك، رأى تسفي سوكوت، من حزب “الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش، أن “هذا التعامل مع جنودنا الذين يحاربون من أجلنا في سديه تيمان يجب أن يتوقف الآن”، فيما قال سموتريتش إن “جنود الجيش الإسرائيلي يستحقون الاحترام. جنود الجيش لن يُعتقلوا كمجرمين. أدعو المدعية العسكرية إلى أن تنزل يديها عن جنودنا الأبطال”، وفق تعبيره.
تأتي هذه التصريحات في وقت حذر فيه رئيس الشاباك رونين بار من أن الظروف في سجون البلاد قد تؤدي إلى المزيد من الإجراءات القانونية الدولية. وكتب في رسالة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت: “تواجه “إسرائيل” صعوبة في صدّ الادعاءات ضدها، وبعضها على الأقل له ما يبرره”. وأضاءت الرسالة على أزمة تتفاقم منذ شهور وتنذر بانفجار كبير وهي أن “نظام السجون، الذي بُني لاستيعاب 14500 سجين، يضم 21 ألف سجين، وهذا لا يشمل ما يقدر بنحو 2500 سجين من غزة، معظمهم محتجزون في منشآت عسكرية”. وخلص بار إلى أن “أزمة السجن تخلق تهديدات للأمن القومي الإسرائيلي، وعلاقاتها الخارجية وقدرتها على تحقيق أهداف الحرب التي حددتها لنفسها”، وفي هذا كلام واضح حول ما يهم العدو أي العلاقات الخارجية وصورة الكيان.
وفي السياق، وبحسب ما نشرت وسائل إعلامية فإن “مسرحية أمس، وما رافقها من تظهير ردود الفعل الرسمية والمجتمعية في دولة الاحتلال، والتي رفضت اعتقال الجنود أو أيّدت التحقيق معهم ورفضت شكل المساءلة فقط، تدلّل على أن المؤسسة الأمنية والقضائية في دولة الاحتلال، ومن خلفها وسائل الإعلام، تدير في الوقت الحالي أكبر حملة للتلاعب في الوعي العالمي، أو بالانطباع الذي تشكّل أخيراً تجاه “إسرائيل”، بوصفها كياناً يمارس الإجرام والإبادة الجماعية، إذ تريد مؤسسة الجيش التي أُدرج عدد من أعضائها وجنودها في قائمة المدانين بارتكاب جرائم حرب، غسل نفسها من المسؤولية الرسمية عن سلوك التعذيب الهمجي والإجرامي في السجون، وتجنب أي مساءلات قانونية في “محكمة العدل الدولية”، وخصوصاً بعد ورود أدلة كثيرة حول ما يحدث في “سديه تيمان” وغيره من المعتقلات”.
المقاومة: لتشكيل لجنة تحقيق دولية، للتحقيق في هذه الجرائم الفظيعة والوحشية
من جهتها، طالبت حركة “حماس” بـ”لجنة تحقيق دولية، للتحقيق في هذه الجرائم الفظيعة والوحشية» بحق الأسرى، لافتة إلى أن ما يلقاه الأسرى هناك “من عمليات تعذيب ممنهجة بأيدي الساديين الصهاينة من ضباط وجنود جيش الاحتلال، يؤكّد طبيعة هذا الكيان الاحتلالي المارق عن القيم الإنسانية، وضرورة أن تتوجه أنظار العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية، نحو معتقلات الاحتلال والمغيّبين فيها، لمتابعة أوضاعهم ومصيرهم المجهول”.
وأضافت، في تصريح صحافي، أن “هذه الجرائم الفظيعة ضد أسرانا تستدعي تدخلاً دولياً فورياً لوقفها، وإضافتها إلى ملف جرائم الحرب والإبادة للكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، واتخاذ خطوات جادة لملاحقة ومحاسبة هؤلاء النازيين على جرائمهم ضد الأسرى وانتهاكاتهم الفظيعة للقانون الدولي”.
المصدر: جريدة الأخبار+مواقع إخبارية