بعد استهداف حرس الثورة الاسلامية مقر الموساد في أربيل، وعلى الرغم من الأصوات المؤيدة والمرحبة، التي تجاوزت ايران ووصلت إلى كل من تعنيهم القضية الفلسطينية وأمن المنطقة، فإن هناك من ارتأى -كعادته- ان يستغل هذا الحدث من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وحجز حصة في المشاريع النفطية على وجه الخصوص، في هذه اللحظة الحرجة التي يمر بها العراق، وفي ظل فراغ دستوري حكومي ورئاسي.
في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد إقامة مؤتمر نظّمه مركز “اتصالات السلام” الإماراتي التمويل في اربيل، بهدف الترويج لفكرة التطبيع، مركزاً على مساهمة المستوطنين الإسرائيليين من أصل عراقي في بناء مؤسسات الكيان الاسرائيلي الحكومية، والذي رحّب به وزير خارجية الكيان يائير لابيد بالقول أنه “يبعث الأمل في أماكن لم نكن نفكر فيها من قبل”، أشار زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في تغريدة له على موقع تويتر أنه “على أربيل منع مثل هذه الاجتماعات الإرهابية الصهيونية، وإلا فعلى الحكومة تجريم واعتقال كل المجتمعين، وإلا فسيقع على عاتقنا ما يجب فعله شرعياً وعقلياً ووطنياً، ولن نخاف في الله لومة لائم…وعلى المؤمنين انتظار الأمر منّا للبدء بالتعامل مع هذه النماذج القذرة، فالعراق عصي على التطبيع، ولنا بعد الأغلبية ورئاسة الوزراء وقفة أيضاً”.
حينها، جزم السيد الصدر بوجود نشاطات إسرائيلية في البلاد، وخاصة في أربيل، بل ودعا أيضاً للتعامل معها كواجب “شرعي وعقلي ووطني”، لكنه عاد بالأمس، ليطالب بالتحقيق في أمر كان قد جزم حصوله قبل عدة أشهر.
عقب الاستهداف، كان الصدر أول مَن أدان العملية، قائلاً: “وما يدعى بأن هناك مواقع إسرائيلية فيجب التحقيق فيها بأسرع وقت ممكن فلا يجب ان تستعمل حجة لزعزعة أمن العراق وشعبه”.
وأضاف “لا ينبغي استعمال الأراضي العراقية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ساحة للصراعات السياسية والأمنية والعسكرية ولذا كما ندين كل الأعمال التي تستهدف دول الجوار من داخل العراق، فإننا ندين أي تدخل خارجي وأي قصف للأراضي العراقية ذات السيادة الكاملة “.
لا شك، ان الجمهورية الإسلامية أول من يدعم سيادة العراق ويعترف بها، ولأجل ذلك كانت أولى من دافع عنها وقدّم العون لمواجهة تنظيم داعش الوهابي الإرهابي، ولكن ماذا عن اختراق الموساد للسيادة العراقية؟ ألا تستحق الإدانة؟ بل والتعاون لأجل القضاء على وجود مثل هذه الخروقات التي تستهدف أمن العراق أولاً والذي وصل حد الاختراق فيه إلى درجة وجود العديد من المقرات والقواعد العسكرية والشركات بمختلف المجالات إضافة لتجنيد العملاء ورعاية مؤتمرات ونشاطات التطبيع، خاصة في أربيل وكردستان، وبالتالي فإن أولى المستفيدين من تدمير مقر الموساد هو العراق نفسه.
جملة الاعتراضات التي أتت أيضاً، من الحزب الديموقراطي الكردستاني، وعدد من الدول العربية التي وقّعت اتفاقيات تطبيع مع كيان الاحتلال، لم تدن أي منها الاستهداف التركي المتواصل لكردستان بعد إقامتها عشرات القواعد العسكرية فيها!
* الخنادق