مستشفيات غزة.. أهداف مدنية يستبيحها الاحتلال
العين برس/ متابعات
تعدّ المستشفيات إحدى أهمّ العناوين في حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ سبعة أشهر، حيث استهدف عشرات المستشفيات والمراكز الصحية، ودّمر محتوياتها، وأخرج معظمها عن الخدمة. في حين استهدفت قواته المقيمين فيها من طواقم طبية ومرضى ونازحين، تاركاً المئات منهم بين شهيد وجريح ومشرّد وأسير. وقد أعلنت قوات الاحتلال منذ بداية الحرب عزمها على استهداف المستشفيات، بحجة استخدامها من قبل المقاومة كمراكز عسكرية، وهو ادّعاء ما لم يستطع الاحتلال إثباته، ونفته المنظمات الصحية المحلية والدولية.
وقد أدّى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير النظام الصحي في غزة، وفقاً للأمم المتحدة، التي أشارت إلى أنّ ثلثي المستشفيات والمراكز الصحية توقفت عن العمل، وأنّ الكثير من تلك المتبقية أصيبت بأضرار جسيمة.
ووفقاً لتقارير صحفية، فإن قوات الاحتلال استهدفت 36 مستشفى، وقرابة 160 مركزاً للرعاية الصحية في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
استهداف ممنهج
في بداية الحرب، تمثّل استهداف الاحتلال للمستشفيات في قطع المياه والكهرباء عنها، إضافة إلى منع وصول الدواء أو الوقود، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الوضع الصحي للمرضى والجرحى، إضافة إلى تسببه في العديد من الوفيات، خصوصاً بين الأطفال الخدج، ومرضى العناية المركزة، ومرضى القلب والكلى، ممّن تعتمد حياتهم على توفر مصادر الطاقة التي منعها الاحتلال.
ومع استمرار الحرب العدوانية على القطاع، أمعنت قوات الاحتلال في عدوانها على المستشفيات، من خلال الحصار والقصف والتفجير والمداهمة، وصولاً إلى ارتكاب المجازر الجماعية فيها.
وقد كان استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى المعمداني إشارة أولى دلّت على ما سيأتي بعدها من هجمات واحتلال لمجمعات طبية، في إطار إستراتيجية “حرب المستشفيات” التي اعتمدتها قوات الاحتلال في عدوانها على قطاع غزة.
ففي ليلة 17 أكتوبر/تشرين الأول استهدفت قوات الاحتلال المستشفى المعمداني، لتحصد أرواح قرابة 500 فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال ممن لجؤوا للمستشفى.
وبعد فاجعة المعمداني بنحو شهر، أطبقت قوات الاحتلال حصارها على مجمع الشفاء الطبي، مدّعية أنّ المقاومة تستخدم مستشفى الشفاء، وسيلةً لدعم عملياتها العسكرية واحتجاز الرهائن.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني اقتحم جنود الاحتلال مجمع الشفاء، وبدؤوا حملة ترويع للنازحين والمرضى والفريق الطبي، وأطلقوا النار داخل المباني وبين أسرّة المصابين، واقتادوا الشبان من 16 عاماً وما فوق إلى الباحة الخارجية، وأجبروهم على خلع ملابسهم.
واستمراراً لمنهجها في استهداف المستشفيات، أقدمت قوات الاحتلال في 21 يناير/كانون الثاني على حصار مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل، في خان يونس جنوب القطاع، تمهيداً لاقتحامهما.
المقابر الجماعية
عاد جيش الاحتلال مجدداً إلى مستشفى الشفاء أو ما تبقى منه في صباح 18 مارس/آذار، ليشن عملية عسكرية مفاجئة مهدت لها قوات الاحتلال ميدانياً، باستهداف الأحياء المحيطة بالمستشفى، ونسفت أكثر من ألف منزل في محيطه، بحسب توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.
كما اعتقلت قوات الاحتلال الطواقم الطبية والنازحين لأيام، وأخضعتهم للتحقيق والتعذيب، بحسب شهادات ناجين.
وبالتوازي مع الهجوم على الشفاء شمالاً، وبعد حصار استمر قرابة شهرين، اقتحمت قوات الاحتلال مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل بخان يونس جنوباً في 24 مارس/آذار، واعتمدت سياسة الترويع عينها، من إعدامات وإطلاق نار وتنكيل بالمصابين والنازحين.
ومؤخراً، خرجت قوات الاحتلال من المستشفيات التي اقتحمتها وعاثت فيها قتلاً وتخريباً وتدميراً، لينكشف الغطاء عن فظاعات ارتكبها الاحتلال بحقّ الأطباء والمرضى والنازحين، ولتبدأ طواقم الدفاع المدني بالعثور على المقابر الجماعية في ساحات المستشفيات.
وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بعض مستشفيات غزة بأنّها “أصبحت تشبه المقابر”. مشيراً إلى المقابر الجماعية المكتشفة في مجمعي الشفاء وناصر الطبي، حيث تم العثور على مئات الجثث في تلك المقابر.
وشدّد غوتيرش على ضرورة السماح للمحققين الدوليين المستقلين، ذوي الخبرة في الاستدلال العلمي الجنائي، بالوصول فوراً إلى مواقع هذه المقابر الجماعية، والتحقيق في الظروف التي فقد فيها مئات الفلسطينيين أرواحهم ودفنوا فيها.
انهيار المنظومة الصحية
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الإثنين، عن انهيار المنظومة الصحية في معظم مستشفيات قطاع غزة؛ نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق كافة معابر القطاع؛ الأمر الذي حال دون تدفق إمدادات الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات.
وأشارت الوزارة إلى أنّ 30 مستشفى توقفت بشكل كامل في القطاع، مع نفاد الوقود والأدوية؛ لافتة إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي أجبر الطواقم الطبية على إخلاء مستشفيات “الكويتي التخصصي” و “أبو يوسف النجار” بمدينة رفح، التي تتعرض لقصف متواصل من طائرات ومدفعية الاحتلال.
وبالرغم من ذلك، لا يزال الأطباء والممرضون والطواقم الطبية على رأس عملهم، يحاولون بما توفر لديهم من إمكانات أن يقوموا بواجبهم نحو المرضى والمصابين من أبناء شعبهم، ولسان حالهم يقول: “نحن صامدون”.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام