يأتي التدخل الأميركي الحالي في أزمة سد النهضة بطلب من الرئيس المصري إلى الرئيس الأميركي، خلال قمة جدة الأخيرة، حيث ناقش معه شواغل بلاده تجاه سد النهضة، والتعنت الإثيوبي الرافض لاستمرار المسار التفاوضي المفضي إلى رؤية مشتركة.
في الوقت الذي يجري المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي، مايك همر، مباحثات بشأن سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا وأبوظبي، يتوقع الانتهاء منها مطلع هذا الأسبوع، أعلن وزير الري السوداني أن وزارته تجري اتصالات مع مصر وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، وأعرب عن ترحيبه بالجهود الدولية والإقليمية الهادفة إلى إيجاد تسوية لهذه الأزمة، التي أنهت في آذار/مارس الماضي عشريتها الأولى.
يأتي حديث الوزير السوداني وإثيوبيا ستكمل في بداية هذا الشهر الملء الثالث لبحيرة السد، من دون تنسيق مع السودان ومصر، كما يقتضي الحال، كما يجيء تصريح الوزير السوداني في ظل تجاهل المسؤول الأميركي لبلاده واستثنائها من اتصالاته ومشاوراته التي امتدت حتى دولة الإمارات، التي أسست لشراكة كبيرة مع إثيوبيا، وعلى أكثر من صعيد.
في المقابل، قالت صحيفة “الانتباهة” السودانية هذا الأسبوع، إن دولة الإمارات في طريقها لطرح وساطة بين الدول الثلاث، لفك جمود مفاوضات سد النهضة الإثيوبي المتوقفة منذ أكثر من عام، وعقب اجتماعه مع مسؤولين مصريين يوم الأحد الماضي، قال المبعوث الأميركي، مايك همر، إن بلاده ستقدم الدعم للتوصل إلى حل دبلوماسي يحقق مصالح الأطراف كافة، ويسهم في المزيد من السلام والاستقرار.
وفق ما نشرته صحيفة “السوداني” في عددها الصادر يوم 27 تموز/يوليو، يجيء التدخل الأميركي الحالي بطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال قمة جدة الأخيرة، حيث ناقش معه شواغل بلاده تجاه سد النهضة، والتعنت الإثيوبي الرافض لاستمرار المسار التفاوضي المفضي إلى رؤية مشتركة.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس السيسي طلب من بايدن ضرورة التدخل لإبرام اتفاق بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، وأشارت كذلك، إلى حصول الرئيس السيسي على وعد بايدن بدعم واشنطن للأمن المائي المصري، كما أشارت إلى أن الدعم الأميركي لمصر في موضوع سد النهضة يأتي في ظل السباق المحموم بين أميركا وروسيا في منطقة القرن الأفريقي، وفي ظل الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا.
لم يكن التدخل الذي تقوم به أميركا في موضوع سد النهضة عبر مبعوثها الجديد إلى القرن الأفريقي هو التدخل الأول لها، فقد استضافت في أواخر عهد ترامب مباحثات ثلاثية جمعت بين أطراف الأزمة، تبنت فيها الولايات المتحدة الأميركية مشروعاً للتسوية، وافقت عليه مصر ورُفض من السودان وإثيوبيا.
كذلك تدخلت دولة الإمارات العربية مرتين على خط الأزمة في مسعى لإيجاد حل ترضى عنه الدول الثلاث وتجتمع عليه، لكن جهودها التي تمثلت في رعايتها لجولتين سابقتين من المفاوضات لم تبلغ نهاياتها المرجوة، برغم تمتع الإمارات بعلاقات مميزة بالدول المعنية، وبرغم النفوذ الذي تتمتع به فيها.
وهنا، قد يكمن سبب زيارة المبعوث الأميركي إلى الإمارات والتباحث معها في موضوع السد، وربما تكليفها بدور في إطار الجهود الأميركية الهادفة إلى إنتاج تسوية تطوي صفحات الخلاف التي لازمت مشروع السد منذ سنوات، ويعزز ذلك خبر صحيفة “الانتباهة” الذي ورد في أعلى هذا المقال.
بيد أن تجاوز المبعوث الأميركي للسودان في إطار المسعى الأميركي الهادف إلى إنتاج تسوية للنزاع حول سد النهضة يثير التساؤل، كما يثير المخاوف في السودان كطرف رئيس في هذه الأزمة، خاصة وأن حصة السودان من مياه النيل المنصوص عليها في اتفاقية مياه النيل عام 1959 هي التي تعول عليها بعض الأطراف في حل أزمة السد، وذلك بتوظيفها في معالجة مشاغل هذه الأطراف، وفي الوفاء باستكمال مشروع مد مياه النيل لطرف آخر ظل حريصاً على سد حاجته من المياه من النيل، تمكن هذا الطرف من استقطاب تمويل إقليمي لتحويل حلمه وأطماعه إلى حقيقة، من خلال بنية فنية اكتمل تأسيسها وأصبحت حقيقة ماثلة وشاخصة منذ سنوات تحظى بالرعاية الأميركية بعد أن حظيت بالتمويل.
المصدر: الميادين