العين برس – السعودية – تقرير
خرج صندوق الاستثمارات العامة السعودي من الظل بصمت، مُعلناً أنه استحوذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي، بعد فشل الأمر في العام الماضي، نتيجة عوائق قانونية، وحرب قَطَرية كانت في مقدمتها شبكة “BeIn Sports” لمنع هذا الاستحواذ.
بكل هدوء، حلّت السعودية المعضلة، وعادت إلى الواجهة الرياضية من بوابة الدوري الإنكليزي الممتاز، الذي يحظى بالاهتمام الإعلامي الأوسع حول العالم.
رفعت السعودية الحَظْر عن الشبكة القطرية في بلدها وأوقفت القرصنة، واستحوذت على نيوكاسل وأخذت تخطط مستقبل الفريق الكروي، من المدرّب إلى الانتدابات. كل ذلك يحدث بهدوء على الرغم من وجود اعتراضات في هذا الشأن، لكنّ الاستثمار السعودي مرحَّب به، وأكبر دليل على ذلك تغريدة “أسطورة” النادي وإنكلترا، آلان شيرر، الذي كتب في “تويتر”: “نعم، يمكننا أن نجرؤ على الأمل مُجدّداً”. وبالإضافة إلى شيرر، كانت جماهير النادي في وسائل التواصل تحتفل بفرح.
إذاً، رحل مايك آشلي، مالك نيوكاسل يونايتد السابق، وجاء الصندوق السعودي للعمل في نيوكاسل، وسيكون معه الأَخَوان ديفيد وسايمون روبن (اثنان من رجال الأعمال البريطانيين)، وأماندا ستافيلي، وهي سيدة أعمال بريطانية معروفة، على نحو رئيسي، بعلاقاتها بمستثمرين من الشرق الأوسط، ويمكن الحديث عنها كثيراً فيما يخصّ الاستثمارات وحربها مع آشلي من أجل انتزاع ملكية نيوكاسل منه. وبعد هذا العمل الثلاثي، الذي سيشكّل مثلثاً في مواجهة كل من يقف في وجه هذه الصفقة، هناك سؤال يطرح نفسه، هو: كيف انتهى الصراع القانوني مع رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز “البريميرليغ”، على نحو مفاجئ؟
في تموز/يوليو 2020، فشل الاستحواذ السعودي على نيوكاسل يونايتد، بعد الفشل في عبور “اختبار” المُلاّك والمدراء، بسبب تساؤلات عن إمكان الفصل بين نظام الحكم السعودي وصندوق الاستثمارات (يملك 80 % من النادي). وبطبيعة الحال، فإن مشكلة الرابطة مع النظام تعود إلى قضايا حقوقية إنسانية، وإلى القرصنة وقضية “BeIn Sports” و”BeoutQ”، وخصوصاً أن الشبكة القَطَرية كانت مشترِكة في استثمار مع السعودية بقيمة مليار دولار. وكمالك للحقوق، استطاعت الشبكة القَطَرية التأثير في الأندية، ومنع إتمام الصفقة. لكن، يبدو أن التسوية السياسية ستلحقها تسويات أخرى.
السعودية رفعت الحظر، وأكدت أنها ستمنع أي محاولة قرصنة، وأغلقت “BeoutQ”. لكنّ “البريميرليغ” مُصرّ على أن السبب في الموافقة على إتمام الصفقة، هو وجود تأكيد، مفاده أن لا علاقة بين الصندوق والنظام، علماً بأن الصندوق، الذي تقدَّر ميزانيته بـ300 مليار دولار، يترأّسه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
الأمور لم تعبر بسلام، لكنّ الحرب ضد هذا الاستحواذ لم ترتقِ بعدُ إلى مستوى حادّ. ومنظمة العفو الدولية عكست موقفها، بلسان الرئيسة التنفيذية للمنظمة، ساشا ديشماك، التي قالت إنه “بدلاً من السماح للمتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان بدخول الدوري الإنكليزي، فقط لأنهم يملكون المال، طالبنا الدوري الإنكليزي بتغيير اختباره الخاص بالرّؤساء ومُلاّك الأندية، ليشمل انتهاكات حقوق الإنسان”.
المنظمة ترى أن هذه العمليات بمنزلة شراء ممنهج من أجل إيجاد مكان للتستّر على الجرائم، عبر استخدام بريق “البريميرليغ” وهيبته. وطرحت مخاوف من انتهاك الدوري الإنكليزي للقوانين الدولية.
وقفة عند أماندا ستافيلي
في الأندية، يكون هناك دائماً رجلٌ خفيّ، يفاوض ويتحرك بسرية، من دون الظهور علناً. أماندا ستافيلي واحدة من السيدات التي دخلت هذا المجال، وكانت من مفاتيح انتفاضة الأندية الصغيرة، من خلال تسويقها، ومساعدة الخليجيين على الاستحواذ عليها، وهي بمنزلة الجندي المجهول وراء إتمام الصفقة المثيرة للجدل منذ يومها الأول.
ستافيلي كانت شريكة للإماراتيين والقطريين، وقريبة من الكويت في فترات سابقة، وساعدت منصور بن زايد على الاستحواذ على مانشستر سيتي. ويبدو أنها مقتنعة بالمشروع السعودي الحالي، وستذهب فيه بعيداً، وتردّ على أحد الصحافيين، الذي يسأل إن كان هذا الاستحواذ بهدف “الغَسْل الرياضي”، بالقول: “حسناً، إذا كنا نُبرم صفقة لغرض الغَسْل الرياضي، فعلينا أن نشتري نادياً في صدارة الدوري. نحن نشتري نادياً في ذيل الدوري. كل هذا من أجل الاستثمار”. وتضيف أن “الأمر يتعلّق ببناء النادي وإعطائه الحبَّ والرعاية اللذين يحتاج إليهما لتحقيق الألقاب”. وتواصل حديثها بالقول إن “الأهم بالنسبة إلينا هو الأكاديمية، والحصول على الاستثمار في جميع مناطق النادي، ومن جميع الجهات”.
وأطلقت ستافيلي على الصفقة الجديدة، في حديث إلى شبكة “سكاي سبورت”، لقبَ “العصر الجديد”؛ عصر دخول السعودية كرةَ القدم الأوروبية من بوابة رسمية.
خطة النادي الرياضية لن تكون واضحة قبل كانون الثاني/يناير المقبل، عندما تُفتح سوق الانتقالات الشتوية. حينها، يمكن التحليل والغوص أكثر. وفي الوقت الذي يحتاج نيوكاسل يونايتد إلى خطة سريعة من أجل تحسين نتائجه ليصبح منافساً، فإن نيات السعودية غير المعلنة، كروياً واقتصادياً وسياسياً، تحتاج إلى وقت للظهور والتبلور أكثر فأكثر. ولا يمكن تجاهُل احتمال استمرار صراع قانوني دائم وطويل من أجل الوقوف في وجه السعودية.
المصدر : الميادين